بعد انقلاب (ثورة) 14 تموز 1958 تم الغاء الدستور وعمل بدستور مؤقت وهذه الكلمة لا زمت كل ما قيل له دستورا منذ ذاك الحين.

اذا وافق الشعب باكثريته على مسودة الدستور وستسير هذه المسودة بمراحلها المعهودة لكي تأخذ شرعيتها، وهي مصادقة الهيئات المختصة ونشر النص في الجريدة الرسمية، وعليه فيجب ان تنحل الان الجمعية الوطنية، وتكون الحكومة مسيرة للاعمال لحين اجراء الانتخابات القادمة في 15 من كانون الاول من هذا العام.

وهكذا مع بداية العام المقبل سيكون لنا نحن العراقيين حكومة منبثقة من مجلس نيابي جديد، وسيتم الحكم وستعدل القوانيين بما يتوافق مع الدستور الجديد.

ان الدستور الجديد لم يلبي جميع المطالب الديمقراطية ولم يلتزم بشكل صريح الكثير من الحريات، بل فيه من المتناقضات الكثير، وهذا عيبه ويجب ان يقال وبصوت عال، ولكنه من الناحية الاخرى افضل الممكنات، فرغم عيوبه الا ان معارضي الدستور ليس لديهم بدائل افضل، واغلبهم من ورثة عقلية اما كل شئ او لا شئ التي اودت ببلداننا الى الوضع المزري التي تعيشه، الى وضع الجمود والخمول الى الوضع الذي لا يمكن اجراء اي تغيير الا بتدخل العالم.

ان القوى النيرة في العراق مطلوب منها اليوم ان توعي الشعب بمخاطر التناقضات الموجودة في الدستور، وفي نفس الوقت هي مطالبة بان تعمل وتوعي بوجوب العمل استنادا الى قانون شرعي يكون فيصلا لمنازعاتنا كعراقيين، الكل بات يدرك ان العالم المتقدم لم يصل الى ماهو علية الا بتضحيات كبيرة تضحيات بالارواح والاموال والزمن، طبعاان هناك دول تمكنت وفي خلال سنوت قليلة من الانخراط في النسق الحضاري السائد والمؤدي الى بناء دولة قادرة ومقتدرة اقتصاديا واجتماعيا وعلميا مثل اليابان صاحبة التراث والحضارة المميزة والتي لم يكن بينها وبين ممثلي الحضارة الحديثة اي تواصل، ا المانيا، تمكنت هاتين الدولتين من الارتقاء الى مستوى الدول الكبرى، بحيث صار اقتصاد اليابان ثاني اقتصاد عالمي والمانيا الثالث بعد الولايات المتحدة الامريكية وقبل الاقتصاد البريطاني والفرنس والايطالي، لقد تمكن هذه الدول من تحقيق هذه الطفرة او المعجزة لانها اتفقت على اخذ القرار الواجب اتخاذه وهو اتباع المعايير التي يسير بها العالم المتقدم ليس عسكريا فقط، بل سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وقانونيا.

العراق وبرغم كل المأسي التي لحقت به من جراء تسلط الحكومات الدكتاتورية الا انه لم يتخذ قرراه الصائب او بالاحرى اتخذ نصف خطوة الى الامام وتشبث بمكانه، ولكن لهذه النصف خطوة ايجابيات ان تمكنا من استغلالها لكمي نتمكن من الوصول الى التقاطع التام مع الماضي الديكتاتوري والتسلطي.

ان تسليط الضوء وتشجيع منظمات المجتمع المدني وخصوصا المدافعة عن الحريات الفردية وحرية المراة هو احد مهام القوى السياسية والاجتماعبة النيرة التي يمكنها ان تضغط لتعديل الكثير من مواد الدستور التي تقف حجر عثرة امام هذه الحريات، من خلال رصد هذه المنظمات لكل ما يهين الانسان ويحد من حرياته، او من خلال اجراء دراسات ميدانية وعل الواقع وتببين من خلالها الاضرار التي تقع على الفرد والاقتصاد والمجتمع من جراء قمع الحريات الفردية.

ولكن من المهام الانية التي يتطلب علاجها هو الاقتصاد وتوفير العمل للايدي العاملة العاطلة والتي يمكن ان لم تجد العمل ان تتحول الى قوى معطلة لاي تقدم اقتصادي او تطور اجتماعي، ولكن هذا لا يعني ايضا ضخ الناس في دوائر الدولة والعمل الذي يمكن لشخص انجازه يكلف به خمسة، اي اشاعة ظاهرة البطالة المقنعة والتي هي خطرة لما تنتجه من الاتكالية على الدولة في كل شئ، والافضل هو تفعيل مؤسسة الضمان الاجتماعي لتقوم بمهمة مساعدة العاطلين عن العمل بحدود يمكن للعاطل ان يعيش بكرامة وان يكون تحت رقابة الدائرة المختصة التي يمكنها ان توجهه الى عمل معين ضمن نطاق منطقة سكناه وان لم يقم بالعمل حينها يمكن اتخاذ خطوات رادعة بحقه.