نعم! بل وبكل تأكيد! فإذا أردنا لأجيالنا القادمة (نحن راحت علينا كما يقول المثل) أن يكون لهم وطن مثل أوطان البشر فإن نظاماً إسلامياً لمدة أربع أو خمس سنوات قادمة هو أول خطوة صحيحة نحو ذلك الهدف العظيم!
وما أعنيه بالنظام الإسلامي هو ليس النظام الإسلامي المعتدل أو الذي يطبق جوانب معينة من الشريعة دون غيرها، بل نظام إسلامي كامل الدسم. بمعنى أن شريعة محمد تطبق بحذافيرها على الناس كما حصل في إمارة أفغانستان وما يحصل في إيران والسعودية! لو حصل ذلك فإن العراق سيكون قد تلقى أول جرعة مضادة للطاعون الأكبر الذي يسمونه "الدين".
وقبل أن أسترسل في الموضوع أود أن أعترف بأنني ملحد ومرتد عن الإسلام وكان قد أضحى جزءاً من حامض ال دي إن أي في جسمي. حيث ولدت في عائلة وعشيرة شديدتي التدين وحفظت ثلثي القرآن في سن الخامسة عشرة وكان والدي رجل دين معمماً وله المئات من التلاميذ الذين أصبح معظمهم أئمة جوامع، كما كان لديه آلاف الأتباع الذين يقبلون يده وأحياناً نعاله ويتبارون على حمل حذائه أو وضعه على رؤوسهم! هذه حقيقة! والحقيقة الثانية هي أنني لا أرى فرقاً بين دين ودين إلا كما أرى الفرق بين وباء ووباء. أما الفرق بين طائفة وأخرى فهو عندي كالفرق بين مرض ومرض!
والأن وأنا خارج الإسلام، فخراً لا عذراً، أتساءل كيف تحملت كل تلك الظلمات وكيف كنت أراها نوراً ليس كمثله نور! كلما حاولت أن أجد تفسيراً علمياً لتلك الظاهرة ( أنا رجل يؤمن بالعلم والعقل فقط ولا يشرك بهما شيئا) لم أجد أفضل من ظاهرة أبي جعل الذي يعيش ويموت من أجل شئ واحد حتى وإن رآىالآخرون في ذلك الشئ مدعاة للإشمئزاز والقرف! وأعترف أنني كنت أبا جعل!
وعوداً على بدء فإنني أقول إنه لا يفل الحديد إلا الحديد! صحيح أن المضادات الحيوية لهذا الوباء كثيرة بفضل العلم والتكنولوجيا والعالم المتحضر، ولكن هذه المضادات لن تؤدي الفعل المرجو منها خلال أعوام معدودات لأنها أمام وباء مزمن عمره ألف وأربعمائة عام! وإن كان العلم قد شفى أمماً أخرى فإن الحالة السريرية لأمتنا تبدو أصعب بكثير! فنظام إسلامي صرف هو السبيل الأفضل والدواء الأنجع. ولكن كيف؟!
ألمسألة بسيطة جداً! فالناس تحب الأديان وتلجأ إليها لملء فراغ روحي يحتاجه كل إنسان مقابل مادية الحياة وقسوتها وإحباطاتها اليومية. حتى أقل الشعوب تديناً اليوم ( الإسكندنافيون على سبيل المثال) حيث الكنائس خاوية إلا من المعتوهين، أقول تجد أن هذه الشعوب تهب إلى الكنائس عشية الكوارث والمأسي الكبرى والعاديات وبنات الدهر! عندها فقط يهبون زرافات ووحداناً إلى الكنائس لأقامة الصلوات والطقوس! لكنهم سرعان ما يرجعون إلى حياتهم الطبيعية وأعمالهم اليومية بعد مرور الكارثة لتظل الكنائس خاوية مهجورة حتى نكبة أخرى! وهذا هو الدين في أفضل أحواله، كما أعتقد. أي أن دوره الإيجابي الوحيد يكمن في احتضان الناس ورفع معنوياتهم وتهذيب سلوكهم ولم شملهم إن تفرقوا ومنحهم المدد الروحي والمعنوي كلما احتاجوا إليه. بهذه الوسيلة وحدها يستمر الدين وتتعايش الناس معه بكل احترام وتقدير! على ألا يتعدى تلك الحدود!
أما تطبيق الشرائع الدينية، ومنها شريعة الإسلام، بحذافيرها على أمم تعيش زماناً متطوراً جداً عن الزمان الذي سنت فيه تلك الشريعة فهو عكس الطبيعة والمنطق وعكس قوانين الحياة التي لم يصمد في وجهها دين، بدلالة عشرات الآلاف من الأديان القديمة التي انقرضت للسبب أعلاه. أما الديانات الموجودة على الأرض حالياً فهي لا زالت حديثة العهد نسبياً قياساً بما سبقها من أديان. والمقياس الزمني هنا ألفي، بمعنى أن عمر الأديان يقاس ببضعة آلاف وليس بمئات ولا حتى عشرات الألوف، إذ لكل شئ مقياسه! حيث بعض مكونات الكون تقاس بالميكرومليم وبعضها يقاس بالمليم والبعض الأخر يقاس بالأمتار مثلاً بينما مقياس تاريخ النجوم والمجرات يقاس بملايين ومليارات السنين والبعد بينها يقاس بآلاف ومليارات السنين الضوئية ( السنة الضوئية تعادل تسعمائة وخمسين ألف مليون كيلومتر 950000000000 كم).
والتطور الفكري والعلمي والإقتصادي والتقني والمعرفي وتطور المعلومات، خاصة في القرنين السابق والحالي، هو ما يجعل الهوة تتسع بسرعة ما بين الدين والحياة ويعجل في نهاية الأديان. وما حصل في الغرب ليس سببه أن المسيحية أكثر هشاشة من الإسلام أو الأديان الأخرى التي لا زالت تتشبث بوجودها، وإنما لظروف موضوعية تاريخية اختص بها العالم الغربي دون العالم الشرقي، ومنها ظهور النظريات العلمية والتكنلوجية والإقتصادية وظهور الثورة الصناعية التي سبقها عصر التنوير والنهضة منذ زمن الماكنا كارتا. كل هذا أدى إلى فهم جديد تماماً لقدرات الإنسان أفراداً وشعوباً وتململ الناس من الإعتماد على الرب الذي لا يسمعون منه غير الوعود البراقة الجميلة. فقرر الأنسان على أساس هذا الفهم الجديد لنفسه ومقدراته وطاقاته الكامنة أن يعتمد على نفسه في بناء نفسه وخلق مقدراته عبر إطلاق العقل من أساره ليسمو على الدين والأرباب ويبدع قوانين جديدة وأنظمة جديدة تنظم حياته كما يشتهي هو وليس كما يشتهي الكاهن ومن ورائه رب يختفي عن الناس ولا يظهر وجهه الذي ينبغي أن يكون جميلاً. لكن الوجه الذي ظهر به رب المسيح ورب محمد لم يكن إلا وجهاً مرعباً كالحاً بدليل أن الدين زاد من مشاكل الناس على مر العصور ولم يحل ولا مشكلة واحدة. الفقر زاد زالظلم زاد والغني ازداد غنى، بينما عدد من قتل بسبب الحروب الدينية في العالم أكثر مائتي مرة ممن قتلوا بسبب الأمراض والأوبئة والكوارث الطبيعية في عموم العالم. وعندما تكون هناك حروب فلا بد أن يعقبها أيضاً خراب في العمران وأطفال يتامى ومشردون ونساء ثكلى ولطم على الخدود ومآس تتوارثها الأجيال وفقر وبؤس يتوارثهما الأبناء عن الأباء والأجداد، تماماً كبؤسنا الذي ورثناه بسبب الصراع والفتن والحروب والغزو والخراب والدمار الذي أورثنا إياه السياسيون القدامى من أجدادنا الخلفاء والأمراء الذين كانوا بلا استثناء جلادين على شعوبهم مقتتلين فيما بينهم على السلطة والمال من نبيهم وأصحابه وآله إلى آل سعود الذين ضربوا لنا آخروأحدث مثال على كيفية الإستيلاء على مكة بحد السيف طمعًا بتجارتها وكنوزها التي كانت هي النفط قبل أن يكتشف النفط. وهذه موضوعة سوف أتناولها بالتفصيل في سلسلة من مقالات قادمة بعنوان " كشف الغطاء عن حقيقة الأنبياء".
ثمة أسباب عدة تدعوني إلى الإيمان بأن النظام الإسلامي هو الحل الأمثل لاقتلاع الإسلام من جذوره. ولا أنوي أن أتعرض لكل تلك الأسباب لأنها كثيرة وسأكتفي منها بما هو أقرب دلالة وأكثر قرينة.

1.من خلال لقاءاتي الشخصية بعدد كبير من المهاجرين الإيرانيين الذين يعيشون خارج إيران وجدت أنهم يتطيرون من شئ إسمه الإسلام. لم أكن أعرف ذلك في البداية، إلا أنني انتبهت أكثر من مرة إلى أن الإيرانيين لا يردون التحية علي عندما أحييهم بتحية الإسلام. ألمؤدبون منهم يتظاهرون بأنهم لم يسمعوا شيئأ، بينما لا يخفي البعض الآخر امتعاضه فيبصق على الأرض. وقد تصورت أن أولئك قد يكونون من الإيرانيين غير المسلمين. ولكنني بعد أن تداخلت معهم في الحديث، ولي منهم الآن أصدقاء كثيرون، وجدت أنهم مسلمون جميعاً أو هكذا كانوا. بعضهم صار ولا زال يشيح بوجهه عندما يراني كي لا أسلم عليه. وعندما ناقشتهم في الأمر واطمأنوا لي صرت أسمع منهم العجب العجاب من الحديث عن كرههم للإسلام ولكل ما يمت إليه بصلة. ولم أر في حياتي أناساً يكرهون الإسلام كالإيرانيين إلا كرهنا نحن المهاجرون العراقيون لصدام وزمرته! ولكي تكتمل الصورة وتتضح أقول إن المهاجرين الإيرانيين الذين تركوا إيران قبل مجئ الخميني إلى السلطة ليس لهم تلك الحساسية من الإسلام ولا يمانعون حتى من سماع القرآن. أما جاري الإيراني الطيب الرائع الذي انتهك الحرس الثوري شرف زوجه وعفاف ابنته فقد انتقل قبل أشهر من شقته المجاورة لشقتي بعد أن انتقلت عائلة كردية متدينة إلى شقة مقابلة لشقته. إشتكى عليهم لدى البوليس بسبب صوت المسجل العالي الذي يلعلع ليل نهار بأيات من القرأن. وعندما فشل في إخراس مسجلهم قرر الهرب بعيداً جداً جداُ. لقد خسرته كجار طيب كريم! أما العائلة الكردية المتدينة المحجبة حتى أخمص القدمين فقد فهمت منهم أنهم لا يرغبون التحدث بالعربية! وتساءلت مع نفسي إن كانوا يعلمون بأن القرآن الذي يسمعونه مكتوب بالعربية وأن النبي الذي يتبعونه عربي! ثم تساءلت مرة وأنا أسمع من شقتهم سورة الرحمن إن كانوا يفقهون منها كلمة واحدة! لا أدري! ربما أعجبتهم فكرة (متكئين على فرش بطائنها من إستبرق وجنى الجنتين دان) أو ربما (متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان). فهذه العائلة بالذات تعشق الإتكاء ولا تعيش إلا عالة على المجتمع في هذا البلد الكافر وتقبض رواتب من دون عمل لها ولأولادها الذين لم أستطع أن أحصي لهم عدداً. مرة قلت لرب العائلة إني رأيت أطفالهم يبولو ويتغوطون في المصعد بل ويتسلون بالتبول على بعضهم و بتقطيع أسلاك الهاتف والإنترنت في العمارة، فانفجر الرجل غضباً وأوشك أن يضربني قائلاً ، على قدر ما فهمت من لغته، إنهم مسلمون والإسلام هو النظافة! وكلما التقيت بأمثال هذا فهمت لماذا انتصر محمد في حياته. لقد أخذ بالإعتبار معدل ذكاء البشرية فوجه خطابه إلى الأكثرية الغبية في هذا العالم! وهذا سر عبقريته كرجل غير مجرى التاريخ! وهو كذلك سر عبقرية جميع الأنبياء الذين يستندون في قوتهم على كثرة الغباء والأغبياء. وإلا كيف يمكن لهذا العدد الهائل من الناس أن يتخذوا ثلاثة رجال أنبياءاً ، أولهم قاتل وثانيهم لقيط وثالثهم قاطع طريق ومنحرف جنسياً له من الحريم عشر ويضاجع طفلة عمرها ست سنوات؟! وما أمة محمد إلا الملايين من أمثال هؤلاء الذين يسكنون بجواري وصار سكان العمارة ينتقلون منها بسببهم بيتاً بيتاً وسألحق بهم عن قريب! علماً أن هؤلاء ليسوا بأسوأ المسلمين، فثمة من هو أسوأ من هذا النوع بكثير!
2.إن ما حصل للإيرانيين قد حصل للأفغان أيضا. وما حصل في الفلوجة دليل آخر. فعندما رفع أهل الفلوجة النعال بوجه الأمريكان قلت لبعض الأصدقاء إن أفضل عقاب أمريكي ( أنا لا أحب أمريكا) لهؤلاء هو أن يخلوا المدينة من قواتهم. وقريباً جداً سوف يقبلون حذاء أمريكا من أجل أن تعود. ولم يمض أكثر من بضعة أشهر حتى حصل ما كان متوقعاً. صحيح أن أهل الفلوجة لم يغيروا موقفهم من الأمريكان ولكن ما عانوه من النظام الإسلامي الزرقاوي جعلهم يلوذون حتى بالأمريكان أنفسهم. ويشبه هذا إلى حد كبير حنين الإيرانيين الذين أعرفهم إلى زمن الشاه الذي يعتبر، على ظلمه وطغيانه، عصرأ ذهبياً في تاريخ إيران الحديث!
3.إن وطأة الدين على الناس وعلى مفردات حياتهم اليومية لا يمكن أن تبرز في الأحوال الأعتيادية حيث يختار الإنسان من جوانب الدين اختياراً. الوطأة تبرز عندما ييطبق الدين على الناس بكامل جوانبه. فالناس طبعاً تختار من الدين تلك الشعارات البراقة والعناوين النبيلة التي تدعو إلى مكارم الأخلاق. وهذا ما تعلمناه جميعأ في المدارس وفي البيوت. كنا نقرأ أو نسمع عن القيم العليا السامية التي تبناها الإسلام، بل أفهمونا أنها حكر على الإسلام. لم نكن نقرأ في الطفولة أو نسمع عن عناصر القتل والغزو والتشريد والإرهاب والكراهية والعنف الذي تطفح به جنبات القرأن. وهذه العناصر سأفرد لها أيضاً مقالا في وقت لاحق لأنها من الكثرة بمكان بحيث لا يتسع لها هذا المقال. وهكذا عندما يبدأ الإنسان باكتشاف هذه العناصر بنفسه من خلال تطبيقها عليه هو شخصياً وبشكل يومي، ولأن الإنسان أناني بطبعه لا يحس بالجوع والعطش والألم والظلم إلا إذا جاع هو وعطش وذاق طعم الألم والظلم بنفسه، عندها فقط سوف يحس بوطأة أقدام الدين تدوس على أنفه وعندها فقط سيشم رائحة البسطال الديني تملأ أنفه وكيانه خلية خلية! عندها فقط سيفهم!
4.عندها، وفقط عندها، تبدأ عملية الإنقلاب الأعظم! سيخرج الدين من الدي إن أي ويصبح الإنسان على أول خطوة صحيحة نحو فهم نفسه وطاقاته الكامنة وقدراته التي سيطلقها كعصفور من قفص ولن يكون بأمكان أية آلهة أن تعيد ذلك العصفور إلى سجنه! وهذا ما حصل في الغرب بالضبط! لا الكنيسة ولا الرب باتا قادرين على إعادة ذلك الزمن الغابر. لذلك فإنه عندما أرسل البابا برسالة إلى البرلمان الأوربي يرجوهم فيها أن يشيروا ولو بجملة واحدة في الدستور الأوربي إلى الإرث المسيحي في أوربا، رفض الطلب رفضاً باتاً!

أنني على ثقة تامة بأن ما حصل للكنيسة سوف يحصل للجامع! كل شئ واضح أمامي لأنه منطق الحياة ومنطق التطور. ويبقى سؤال: متى؟ والجواب...........

ليس غداً حتماً ولكن عن قريب!