كيف يعيش التنويريون موتهم ndash; جبران تويني نموذجاً
جبران تويني : شاب كاد أن يكون مشروع مثقف تنويري حقيقي لكن تم اغتياله في يوم وهو ذاهب إلى عمله في بيروت.
مات جبران تويني. هو يوم حزين، يوم له دلالة خاصة بالنسبة لنا، بالنسبة لعشاق الكلمة / الحرية، الكلمة التي اختطفها الظلاميون الجدد، يوم بقي حافلا بذكريات الموت في ذلك المنعطف الذي مازال يسرد قصة العاشق للمارة.
جبران، السؤال الذي لا بد لأن يطرح نفسه في خضم الكارثة: إلى أين تتجه الرياح العاتية؟ الرياح لا تأبه الأسئلة، لا تأبه الاتجاهات،لا تأبه لكلمات الشعراء، إنها تهب وتمضي كيفما تشاء وهي إذ تدفع برغباتها الهائجة نحو التدمير: تدمير الأشجار، تدمير الأزهار في قمة بهائها وشبابها. جبران، لايعني أن الإجابة قد اكتملت، بل ثمة أجوبة أخرى شهدت الكارثة. فلتكن كل الأجوبة الأخرى رهان الأزمنة ماضياً، راهناً لا فرق.
كان جاك دريدا (شكراً لـ جاك دريدا) يقول : quot; حين يموت فيلسوف ما ( فيلسوف أو عاشق للحرية ل افرق ) يفرض علينا ضرباً من نهاية العالم quot;. وهو اذ يبرر أن في كل موت هناك نهاية للعالم، فلنترك له ndash; يقول دريدا ndash; كل ثراء الحداد الذي يرسله فينا.
من كان لا يدري أن للتنوير ثمناً / طعنة تنتظر صاحبه في منعطف قاتم قتامة لصوص تكاثروا في زوايا معتمة حتى تحولوا إلى وباء ؟
أفظع مكان / وطن هو المكان /الوطن الذي لا يقود سوى إلى قصة غاب كاتبها، قصة يلعب أبطالها دور المهرج نهارا ليتحولوا إلى قتلة حين تمتد الخديعة في خاصرة الليل.
جبران أغنية لحنت للتو لتسافر بعيداً بين المسافة والمسافة بين الخلود والذاكرة بين العقل المتنور بأبجدياته وآليات الآخر التي تبتدع صنوف المساءات القاتمة. الآخر مرة أخرى بتضاريسه المفعمة برائحة الموت / الحصار.
جبران كان يؤمن بالتنوير والعقل ( تحية الى الفيلسوف كانط )، والأمثلة موجودة هي أن العقل قاد الأوربيين إلى التنوير. لكن هل بوسع الشظايا والسيارات المفخخة أن تسكت شروط الحياة هكذا وتحل محلها الجحيم ( الموت ). لقد أراد جبران / المثقف أن يتصور عالماً حراً يسكنه هواء غير ملوث، عالما يتحقق فيه السلم والعدالة والحرية، عالم الحداثة المظفرة، بعيداً عن العقول الفجة العمياء وعنجهية الجهل وتعالي الرداءة.
في شرقنا أو في مشرقنا، العقل محاصر بهستيريا، بالتابوهات المتخندقة في كل زوايا الليل والنهار وفي الصفوف الأولى، بكل صنوف الرفض وإقصاء الآخر. كان جبران يقول دائماً أن أبجديات الآخر المظلمة المارقة لا تستطيع أن تطفئ quot; النهار quot;. النهار باق وجبران باق والخفافيش في زوال وللخفافيش منطق آخر.
عزيز توما
[email protected]
التعليقات