الفوبيا النوبية، مرض تأصل في أمخاخ قطاع عريض من مثقفي مصر وشعبها. من بداية القرن العشرين وحكومات مصر المتوالية مصرة على تشتيت النوبيين ومحو خصوصيتهم. والمؤسف اشتراك المثقفين مع الحكومات في تلك المؤامرة، والنوبيون لأنهم في حالة مرض ومجتمعهم تصدع نتيجة للتهجيرات الأربعة التي فرضت عليهم، مازال أغلبهم صامتاً حتى الآن والمؤامرة مستمرة في تذويبهم ومحو حضارتهم. وحين تكلم أديبان نوبيان في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، وطالبا بحقوق النوبيين، ثار عليهم قطاع عريض من مثقفي مصر وهددوهما وكتبوا يحرضون السلطة الديكتاتورية عليهما! يريدون استمرار صمت النوبيين حتى والسكين الغاشمة تتوغل في رقبة حضارتهم لاستكمال عملية الذبح. الآن لم يعد المتحدثون بحقوق النوبة مجرد أديبين، صارت هناك لجان وجماعات نوبية تتحرك وتطالب بأكثر مما طالب به الأديبان. وضحت ململة اجتماعية نوبية تنمو رافضة طمس هويتهم النوبية وترفض تهديدات المثقفين والصحفيين، ترفض أن تستمر في الصمت المخزي. صحيح أن الربيع النوبي لم يبدأ بعد، لكنه آت.
يا مثقفي مصر ويا صحفييها.. استمروا في الصمت عن القضية النوبية الإنسانية، فلن يصمت العالم ويترك الحضارة النوبية تضيع. اصمتوا وهددونا وهيجوا الثور السلطوي ليهجم علينا، والثور السلطوي انكشف عن ثور من ورق. وأنتم وضح أنكم مجرد قطعان من بني آوى، أكلتم على موائد صدام حسين ثم بكيتم بكاء التماسيح على إذلال أمريكا له! أكلتم في مراعي القذافي وكونتم كورس نشيدي يلعن أمريكا خلفه ثم لعنتموه هو نفسه حين سلم سراويله الخارجية والداخلية لأمريكا! أكلتم على موائد السلطة في مصر ونلتم الجوائز مقابل صمتكم وتصفيقكم للطواغيت. انتم من قبلتم على أنفسكم أن تمارسوا الدعارة على أمكم مصر مقابل ثمن بخس، فحملتم لافتات مطنطنة تلعن الاستعمار والصهيونية لتداروا وضاعتكم، وتضحكوا على الشعب بارتدائكم لباس البطولة الزائفة. القلة القليلة من المثقفين والصحفيين في مصر هم من غرسوا أقلامهم في الدمل.. السلطة المصرية الفاسدة التي هي السبب في سقوط مصر واستعلاء إسرائيل عليها. السلطة في مصر هي السبب في بهدلة مصر والمصريين، وهي التي تسببت في الفقر الذي عشش على أركانها فاضطرت لبيع لحم نسائها للزوار العرب الذين دفعت دماءها من أجلهم ومن أجل أكذوبة القومية العربية. فساد السلطة في مصر هو وراء استمراء رجال مصر وشبابها أن يكونوا عبيداً باختيارهم في بلدان الخليج، السلطة الخائبة هي من جعلت الشباب المصري الجائع يبحر متسللاً لأوربا فيغرق في اليم كفئران لا قيمة لهم. السلطة المصرية المزورة هي التي دفعت الشباب المصري للعمل داخل إسرائيل نفسها ليجد ما يقتات به ولو عمل تحت إمرة من قتلوا أخاه. فهل وقفتم ولو وقفة واحدة ضد تلك السلطة؟ لم ولن، فشجاعتكم أن تهددوا النوبة وتهددوا النشطين منهم.
أيها المثقفون البشعون، أنتم الشجعان حين المؤتمرات الفوضوية تسطرون اللافتات قائلين لا للتطبيع. لا لأمريكا، فهذا هي البطولة الزائفة والتي لا ضرر منها ينالكم أو يسد المجرى الذي يأتيكم منه المرتبات والهبات، والتي هي رشاوى من السلطة لتستمروا في غيكم ولا تنظروا لموطن الداء حتى صرتم أنتم من ضمن الداء. مرة واحدة. مرة واحدة سطروا لافته تقول لا لمبارك. مرة واحدة لتثبتوا لأنفسكم أنكم لستم جبناء.. أم أنتم الجبناء؟
لكنكم الشجعان في اتهام النوبيين حين يطالبون بحقوقهم. أنتم الأسود واللبؤات ضد القطاع النوبي الضعيف والذي تم الفتك به مرات ومرات فصار لا يستطيع الرد عليكم بما يخذيكم. لذلك سوف نطالب بكل القوى الإنسانية في العالم بأن يقفوا معنا، لن يمر ذبحنا سراً كما ترغب السلطات المصرية والمثقفون المصريون. فلتصابوا بالهرش والأكزيما، ليتصاعد مرض الفوبيا النوبية فيكم وفي غيركم، فلن نتوقف عن طلب حقوقنا النوبية بكل الطرق. أقول بكل الطرق.
حجاج حسن أدّول

[email protected]