في خضم ما نشاهده من مجازر يومية وما يفعله الارهابيون اليوم في العراق من قتل لأبنائه، أستذكرت كلاما لحسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني، في أحدى لقاءاته عندما اغتال أفراد الحزب ( عقل هاشم ) المسؤول العسكري الكبير في جيش لبنان الجنوبي، حيث قال حينها ( أنه كان بإمكاننا ان نغتال عقل هاشم قبل هذا الوقت، ولكننا لم نفعل ذلك لان في المرة السابقة كانت بصحبة هاشم زوجته، ولم نفعل لأننا خشينا ان تصاب او تقتل زوجته معه التي لا ذنب لها لأننا أردنا اغتيال هذا الشخص لا احد ممن يلوذ به )
أستذكرت ذلك مع ما اشاهده ويشاهده الملايين من هذا العالم ما يرتكبه القتلة والارهابيون في العراق. خطف وقتل وذبح على الهوية وتفجيرات مفخخة، وبهائم انتحارية عابرة للحدود، وتدمير للمنشآت الاقتصادية للبلد. والكل يصرخ وينادي بالمقاومة المسلحة والمقاومة الشريفة، وكأن قتل الأبرياء في سوق للخضار وسام شرف ! واغتيال أستاذ جامعي وطبيب وقاضي سيزيد من شرف عروبتنا، وتفجير انتحاري داخل مسجد سيدخله الجنة التي خصها الله لأوليائه الصالحين، وأن معانقة الحورية والغداء مع النبي لا يتم إلا بتطاير الأشلاء وتناثر الجثث والدماء في الطرقات.
في مطلع التسعينات من القرن الماضي شاهدت برنامجا تلفزيونيا بثته قناة الـ LBC اللبنانية، كان التقرير عن الحركات الإسلامية وأنشطتها، في الدول العربية وفي مصر بالتحديد، وما تقوم به هذه الجماعات من قتال تحت يافطة الجهاد، وقال أحد شيوخ هذه الجماعات ولخطبة له في أحدى المساجد ما نصه ( إن الإسلام شجرة، يقوى على الدماء، وينهض على الأشلاء، ويرتوي من دماء الشهداء ‍‍‍‍‌‌‌!!!؟ ) في تلك الفترة كانت العمليات المسلحة التي تقوم بها هذه الجماعات الإرهابية التكفيرية ضد السيّاح الأجانب في مصر قد بلغت ذروتها. لا أدري أي إسلام هذا الذي يرتوي من الدماء ويقوم على الأشلاء ؟؟ هل هذا هو الدين الذين يدعو إلى التسامح والعفو ؟ ‍ أم أنه دين آخر جاءنا من حيث لا ندري ؟
بأي منطق وتحت أي شعار يتم إستهداف المدنيين في العراق يوميا وبالعشرات ؟ يقولون انها المقاومة الشريفة ‍‍!!؟
غريب شكل مقاومتنا في العراق، فهي تختلف عن كل المقاومات التي عرفناها، فمقاومة الفلسطينيين نعرفها جيدا وهي لديها قادة وحركات ولا تستهدف المدنيين من الفلسطينيين، ولا تحرق مصنع ولا تقتل طبيب أو قاضي، ولا تستهدف مؤسسة إقتصادية حتى لو كانت تحت سيطرة الإسرائيليين، ولا تستهدف الطاقم الحكومي لسلطتهم التي هي تأسست في ظل ما يطلقون عليه احتلال، ولا الذين انتخبوهم، ولا يقتلون شرطيا حتى بالأمس القريب كان يسير الدوريات جنبا الى جنب مع القوات الإسرائيلية، ولا يقتلون عاملا فلسطينيا يقوم بتشييد المستوطنات اليهودية، أو يعمل داخل إسرائيل كخادم، ولا من باع الاسمنت لبناء الجدار العازل، ولا من تصافح من الإسرائيليين وأعترف بدولتهم، ولا الذين سرقوا الأموال، ولا حتى الذين يحملون جنسيات إسرائيلية، بل وحتى الذين هم أعضاء بالكنيست الإسرائيلي !!!؟.
أما في لبنان فمقاومتهم أيضا تختلف من تلك التي عندنا في العراق، فوصل بهم الامر ان حتى الذين شاركوا في قتل اللبنانيين تحت أمرة الجيش الإسرائيلي قد تم العفو عنهم. ولم تستهدف مقاومتهم المنشآت الاقتصادية في الجنوب اللبناني عندما كانت تحت سيطرة الإسرائيليين !؟ ولم يفجروا عبوة ناسفة لتقتل جندي يهودي مقابل قتل اربعين او خمسين لبناني آخر. فمقاومة لبنان تستمد شرعيتها من الحكومة والشعب والحركات الاخرى، وهنالك إجماع شعبي ورسمي ودولي. ليس كما يحدث عندنا في العراق، فمقاومتنا في العراق لا تحضى لا بتأييد شعبي ولا رسمي ولا من قبل الاحزاب والحركات العراقية، ولا حتى من قبل البرلمان ( الجمعية الوطنية المنتخبة )، ولكن لا ندري من أين تستمد هذه المقاومة الشريفة شرعيتها !؟؟.
مقاومتنا في العراق لا طعم لها ولا لون ولا رائحة، فلا يعرف من قائدها ؟ ولا من يقف ورائها ؟ ولا من يدعمها ولا من يمولها، ولا حتى من ينفذها !؟ ومن هم رجالاتها ؟ وما هي إستراتيجيتها ؟ وكيف استمدت شرعيتها ؟ وما هي غاياتها ؟ ولماذا تستهدف الأبرياء في السوق وفي الشارع وفي المطعم، وحتى في المسجد !!؟. مقاومتنا في العراق هم عبارة عن ملثمين، ذباحين، خاطفين، سارقين، انتحاريين، مفخيين. وكل ذلك يطلق عليه مقاومة شريفة !!؟ فإذا كانت شريفة الى هذه الدرجة، فكيف بنا إن كانت غير شريفة !!؟ 30 / 5 / 2005
[email protected]