يشكل البنيان القومي المتنوع للأمة العراقية، لبنة أساسية لرسم سياسة الدولة العراقية وفق مسارها السليم، على أساس إرساء النظام الإتحادي، كخيار حكيم لبناء العراق الجديد، والذي أقره قانون ادارة الدولة العراقية المعروف بقانون (تال) ومن المؤمل ان يقره الدستور العراقي الدائم بناءا على المرجعية الواردة في قانون الادارة. ومن محاسن الأمور ان قانون (تال) قد أقر بأن نظام الحكم في العراق جمهوري فدرالي ديمقراطي، كما جاء في المادة الرابعة المادة الرابعة التي تنص أن " نظام الحكم في العراق جمهوري، اتحادي (فيدرالي)، ديمقراطي، تعددي، ويجري تقاسم السلطات فيه بين الحكومة الاتحادية والحكومات الإقليمية والمحافظات والبلديات والإدارات المحلية. ويقوم النظام الاتحادي على أساس الحقائق الجغرافية والتاريخية والفصل بين السلطات وليس على أساس الأصل أو العرق أو الاثنية أو القومية أو المذهب ". استنادا الى هذه المادة وطبقا للاتفاقات السياسية بين الكيانات الحزبية، فان الأطراف العراقية الممثلة في الجمعية الوطنية العراقية متفقة على الخيار الفدرالي لبناء عراق ما بعد التحرير، وهذا ما يساعد على تسهيل تشكيل الأقاليم العراقية وفقا لرغبات المجموعات السكانية لمجموعة من المحافظات للاستفادة من تجربة حكومة اقليم كردستان التي شكلت بقرار من المجلس الوطني لإدارة شؤون المنطقة الكردية. ولا شك أن الطموحات السياسية التي أبرزتها بعض المجاميع العراقية في الجنوب والوسط لتشكيل الأقاليم أخذت تتبلور يوما بعد يوم، وأخذت تزداد مساحتها على الساحة العراقية لجذب تأييد أكبر لإعلان الأقاليم المزمع تأسيسها كإقليم الجنوب الذي بدأ التحضيرات لإعداده والإعلان عنه في مستقبل قريب.

وطبقا لهذه الرؤية العملية في اعداد العراق وفق نظام حكم جديد وحديث ومعاصر يلائم متطلبات حاجات الأمة العراقية، فإن تأسيس نظام الحكم الفدرالي وفق نظام الأقاليم العراقية يشكل المسار السليم لتثبيت أرضية متينة لبنيان نظام الحكم في العراق طبقا لتطبيق النهج الديمقراطي والاختيار الحر للشراكة بين القوميتين الرئيسيتين، العربية والكردية. واستنادا الى هذه الرؤية فان نظام حكم الأقاليم يعتبر نظام مرادف للنظام الفدرالي الاتحادي، لأن الأخير يعتمد في تأسيسه على الخيارات الوطنية للأقاليم حسب رغبة مجموعتها السكانية وفق الخيار الديمقراطي وحسب ما تقرره الأقاليم عبر مجالسه الوطنية المنتخبة. وفي كل الأحوال، فان نظام حكم الأقاليم يتمتع بمزايا عديدة يؤهله أن يكون نظاما مقبولا لنظام الحكم الناجح على جميع الأصعدة المحلية والاقليمية والدولية، ولهذا فان مسألة بناء نظام حكم الدولة العراقية وفق نظام الأقاليم يشكل القاعدة الأساسية لبناء عراق الاتحادي، ويتجلى أهم المزايا لهذا النظام لادارة الدولة الحديثة بما يلي:

1. توفير نظام دعم عملي ل لديمقراطية وضمان الحقوق عن زيادة دور سكان الأقاليم في المساهمة في ادارة الاقليم وفق رغباتهم وحاجاتهم.

2. تهيئة الفرصة لسكان الأقاليم في التعبير عن رغباته م في اختيار ممثلي هم ضمن عملية انتخابات ديمقراطية، ل لتوازن والتوافق بين المصلحة العامة للسلطة الاتحادية ومجموعة مصالح سكان الاقليم. ومن خلال مراعاة هذه الحلقات من المصالح فان ذلك يؤدي الى المزيد من الاستقرار وتعزيز وحدة الدولة العراقية وفق مصالح مترابطة اتحادية بين الأقاليم.

3. التوافق و التوازن بين مصلحة الدولة الاتحادية العراقية ومصلحة الأقاليم على أساس دستوري و قانوني، من خلال تنظيم العلاقات بين المستويات الحكومية وتقسيم الحقوق والواجبات فيما بين سلطات الأقاليم والسلطة الفدرالية.

4. خلق فرصة الاستغلال ال أ مثل للموارد البشرية والطبيعية والمالية لصالح التنمية المتوازنة بين الأقاليم والتنمية الرئيسية للدولة العراقية لغرض تلبية حاجات المجموعات السكانية أو شعوب الأقاليم وتلبية الحاجات العامة للأمة العراقية.

5. تخويل الأقاليم بالسلطات والصلاحيات اللازمة ل زيادة القدرة والسرعة والمرونة في ادارة الاقليم لتحقيق أهداف وغايات تخدم زيادة وتحسين نوع الخدمات المقدمة الى سكان الاقليم.

6. توزيع مراكز اتخاذ القرارات الى الأقاليم للسيطرة على النزاعات والتوتر ات التي تتولد داخل ها بين سكانها والتي تتعلق بمشاكل تخص استغلال وملكية ال أ راضي و الموارد الطبيعية الاخرى او ل أ سباب عرقية. وغي هذه الحالة ف ان سلطة الاقليم تكون فعالة وقريبة من الحدث لإيجاد القرار المناسب لحل النزاع أو التوتر.

7. مواجهة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والأثنية، من خلال سلطة الأقاليم التي تعطي القدرة والفعالية لإدارات وحكومات الأقاليم في مواجهة المشاكل و رسم الخطط و اتخاذ ال إ جراءات اللازمة و إ شراك السكان كسب ي ل ضامن لحل تلك المشاكل.

8. تلبية ال حاجات الأساسية وغير الأساسية للأقاليم وفق حاجات ها ورغبة سكانها بإسلوب ديمقراطي وإداري مناسب ضمن اسلوب ال إ د ا ر ة للدولة الحديثة لتلبية إحتياجات السكان.

9. خلق ضمانات لتحقيق و استمرارية وديمومة التنمية والتطور في الأقاليم بموجب استراتيجيات عملية مدروسة قائمة على وضع أ هداف و أ ولويات تحددها سكان الاقليم أ نفسهم حسب المتاح من الموارد البشرية وال إ مكانيات المالية ل ضمان توفير سبل تنفيذ التنمية.

10. تفعيل دور المناطق المهمشة التي تعاني تفاوت ا في درجة التطور والتنمية من اقليم الى آخر، وما تسببه ذلك من مشاكل اقتصادية وسياسية واجتماعية على مستوى سكان الاقليم، مما تتطلب تنشيط اقتصاديات هذه ال أ قاليم ورفع كفاءة سكانها في الانتاج و ال أ داء الاقتصادي وتحسين المستوى المعاشي وخلق العدالة والمحافظة على حقوق الانسان.

11. تفعيل دور سكان الأقاليم في وضع السياسات واتخاذ القرارات على مستوى الاقليم ل تعزيز السلطة وال ادارة الديمقراطية، ومن ثم زيادة مساهمة ومشاركة السكان في سياسات واستراتيجيات الاقليم وإبداء الرأي لتحديد الأهداف والغايات لتلبية الحاجات المادية وغير المادية للسكان.

12. المساهمة ومراقبة سياسات الدولة وعلاقاتها الدولية وضمان اغتنام الفرصة للاستفادة من سياسية التوافق والانسجام مع المعطيات الدولية الجديدة التي فتحت الباب على مصراعيه لإنشاء العلاقات التجارية والاقتصادية لصالح سكان الأقاليم. والانفتاح على الغير في ظل خيمة الدولة الاتحادية وتحقيق المنافع المتبادلة في الأمور التجارية والاقتصادية.

بعد هذا السرد الموجز لأهم المزايا التي تترتب على عملية النظام الاتحادي بين الأقاليم العراقية، فأن الفوائد الناتجة من هذا الاتحاد على سكان الأقاليم ستشكل قاعدة رئيسية للانطلاق نحو البناء والتقدم وتحقيق التنمية على مستوى الأفراد للعراقيين كافة في جميع المجالات المعيشية والاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي تحقيق مستقبل زاهر للعراق الفدرالي.

* ينشر في إيلاف بالتزامن مع جريدة "الاتحاد" العراقية