الفضائيـة العراقية وحملة جمع التبرعات والقنوات العربيـة

قامت قناة العراقية الناطقة باسم الضمير العراقي الحي بمبادرة طيبة افرح قلوب الثكالى واليتامى بجمع التبرعات للمصابين ولأهالي الشهداء الذين سقطوا غدرا وغيلة في يوم الخامس والعشرين من شهر رجب الأصب وهم متوجهين الى زيارة الامام موسى الكاظم عليه السلام في ذكرى شهادته في عمليات جبانة ومشبوهة نفذها الأدعياء وأولاد الأدعياء الذين ينطقون باسم الاسلام زورا وبهتانا.

ولأول مرة تقوم مؤسسة إعلامية عربية على مستوى الوطن العربي إسهاماً منها في خلق جو وطني ووحدة حقيقية بين ابناء الشعب الذي تعصف بوحدته هزات عنيفة من قبل أعداء هذا الشعب المظلوم، ومن ناحية أخرى تحاول المؤسسة تقديم اقل ما يمكن للمفجوعين والجرحى بهذه المصيبة الأليمة للتقليل من شدتها في نفوسهم الأبية بسبب هذه الكارثة الانسانية والجريمة التي هزتّ الضمير العالمي وأوجع قلوب كل الشرفاء في العالم بمختلف أديانهم وأجناسهم إلاّ الضمير العروبي فانه ما زال ميتا تتبعه مواقف كثير من قنوات الإعلام العربي.

وحري بالقنوات الاعلامية العربية على الخصوص أن تتفاعل مع هكذا احداث مهما كانت توجهاتها وهي تدعي انها تخاطب العقل العربي و تتظاهر في أدبياتها وتحليلاتها السياسية ليل نهار بالاصلاح في الفكر العربي ومحاربة الارهاب ورفع الظلم عن المظلومين.

وكان تجاوب هذه الجهات الاعلامية مع الحدث الكارثي معدوما مع الاسف الشديد ولم تكلف هذه القنوات نفسها ببث خبر الحملة التي قامت بها زميلتهم الفضائية العراقية باعتباره حدث الساعة لاهميته ولما حققه من نجاح منقطع النظير في حين كان المتوقع منها ان تقوم بمؤازة الحملة المباركة للفضائية العراقية وتغطية الحدث بما يليق باعتبار أن فضائية زميلة في العراق الجريح تقوم بعمل خيري،وكان عليها ان تقدم الكثير ولو من الناحية المعنوية على اقل تقدير كمساهمة في سد إحتياجات اكثر من الف عائلة قضى افرادها في هذه الماساة ناهيك عن مئات الجرحى الذين يحتاجون للعلاج والرعاية الفورية.ويكون موقفهم هذا ردا واضحا على المجموعة المارقة عن الدين التي تزرع الارهاب والدمار في وسط شعب آمن خرج توا من حكم شمولي دكتاتوري حاقد على البشرية، وكأن هذه القنوات العروبية بموقفها السلبي تقول بلغة اخرى ان القناة العراقية تقوم بجمع التبرعات لأشخاص ولعوائل لم يجلسوا بمجالس العزاء لعدي وقصي ورائد البنا، ولو كانت هذه التبرعات لاولئك الأشخاص و تلك العوائل لأشتركت كل القنوات الاعلامية العروبية بل إشترك كل العروبيين في هذه التبرعات وتبرعوا بما جادت به أنفسهم، وبكوا عليهم ليل نهار.

وإن دلّ هذا الموقف السلبي من تلك المؤسسات الإعلامية على شئ فانما يدل على أنها لا تعير أهمية لقتلى العراق ولدماء العراقيين الزاكية بنسبة1% من إعارتها الأهمية الاعلامية للارهابيين وبث منشوراتهم وصورهم وكاسيتات الخطب الرنانة لهؤلاء الذين روّعوا العالم أجمع في نيويورك واسبانيا وكذلك في لندن وما يقومون به من ذبح وخطف وقتل بالجملة للابرياء في العراق مما يندى لها جبين الانسانية، وأن سلوك كل شخص يدل على شخصيته مهما علا وتجبر وسلوك كل مؤسسة يدل على قيمتها الحقيقية مهما توسعت.

فهل يعقل ان وقوف الأكثرية من الشعب العراقي المؤمن و الصابر على كل المحن التي واجهته طيلة قرن من الزمان وحرم من أبسط حقوقه وقدم الأرواح الغالية قرابين على مذبح الحرية والديمقراطية والمثل العليا التي نادى بها كل المصلحين في العالم، أن يواجه بهذا الشكل من العداوة والحقد الدفين من قبل كثير من مؤسسات الإعلام العربي و الشعوب العربية بل وحتى من قبل المؤسسات الدولية التي تنطق باسم العرب والعروبة؟

إن الارهاب الذي يضرب الشعب العراقي ويقتل يوميا العشرات والمئات بل فاق الألف في اليوم الواحد كما في فاجعة جسر الأئمة في الكاظمية يوم الخامس والعشرين من شهر رجب المرجب في ذكرى وفاة سبط رسول اللـه (ص) الامام موسى بن جعفر عليه السلام الذي كان في حياته أفقه أهل زمانه ولم يتمكن أحد من فقهاء المسلمين مواجهته علميا وما انبرى له احد إلا وقد أبطل حججه وخاصمه بالدليل والحجة الواضحة، وهو ديدن كل الأئمة عليهم السلام مع الخصم، حيث كان عليه السلام يمثل المصداق الحقيقي لهذه الآية المباركة في حياته عليه السلام ( واسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )، فهل يعقل أن يقف علماء الدين العرب المسلمين بالخصوص مكتوفي الأيدي تجاه الارهاب الذي يقتل أتباع هذا الامام الهمام عليه السلام؟

وفي نفس الوقت يخرج كثير من هؤلاء العلماء المدعين ويفتون علنا بوجوب قتل الشعب العراقي بحجة التعاون مع الأمريكان ضد هبل البعث العروبي الذي أغدق عليهم قوت الشعب العراقي وأعمى ابصارهم بالمال الحرام الذي سرقه من الشعب وأهداها الى أمثال هؤلاء المدعين بالعلم والدين، والعلم والدين منهم براء.

إن الشعب العراقي شعب أبي لو مات جوعا لما سأل أحدا، بل تسكع الاخرون على أبوابهم والتأريخ البعيد والقريب خير شاهد على ذلك، وكل الأعراب يتمنون الاقامة في العراق والعيش بين أبناء الشعب العراقي لما عرف هذا الشعب من طيبة وخفة وصدق في المعاملة مع الآخرين، و قد جرّب الكثير من العرب العيش بين العراقيين ولمسوا ماذكرته حقيقة وهل جزاء الاحسان الا الاحسان؟

وإنني لم أكتب المقالة هذه لمد يد السؤال الى الآخرين لمساعدة شعبي الأبي المقدام فان كرامة اي إنسان عراقي مؤمن افضل من ذل السؤال، وعزته مستمدة من عزة اللـه سبحانه وتعالى وعزة رسوله الكريم (ص) وعزة الأئمة الأطهار أوصياء رسول اللـه صلوات الله عليهم أجمعين، وإنّ المؤمن افضل عند اللـه من الكعبة كما ورد في الأثر الشريف وهؤلاء الضحايا الأبرياء الذين سقطوا بنار حزب البعث في زمان حكمه وبعد سقوطه بنار فلوله ونار الأرهابيين التكفيريين هم مؤمنون حقا باللـه وبرسوله والدين الحنيف، ولكني كتبت هذه المقالة لأبين للرأي العام الموقف المتخاذل والمعادي لكثير من مؤسسات الاعلام العربي وعلماء دين الفضائيات وعلماء السوء وعلماء السلاطين تجاه الشعب العراقي ووقوفهم بالضد من رغبة هذا الشعب الكريم والمظلوم في تحقيق طموحاته نحو الحرية والكرامة والعدالة والمساواة والتقدم والازدهار، ووقوفهم بجنب أعداء وجلادي هذا الشعب ومساعدتهم فتوائيا وإعلاميا لإرجاعهم الى السلطة ثانية للتحكم برقاب هذا الشعب ليفنوه عن بكرة أبيه ولا يبقوا للشعب العراقي من باقية، ولكنهم يمكرون ويمكر الله واللــه خير الماكرين.

وقول رسول اللـه (ص) حينما استشهد حمزة رضوان الله عليه وكانت النساء تبكي قتلاها ولا احد تبكي على حمزة فقال (ص): وأما حمزة فلا بواكي له، هولسان حال الشعب العراقي المظلوم اليوم.