أقول quot; لوquot; و معاذ الله من quot;لوrdquo; ومن quot;لولاquot;؛ فلا هما تشبعان من جوع ولا تغنيان من فقر، ان لم توقعان المرء بغمه، اوتهلكان الجنين في رحم امه..!
أقول: quot;لوquot; سلمنا جدلا بصحة كل ماتدعيه أطراف العملية السياسية في العراق؛ المنتصرون منهم أوالمهزومون (الرافضون)، المحايدون أو الموفقون، فأية صورة سيرسمها لنا الواقع العراقي بعد الانتخابات التي جرت في الخامس عشر من كانون الاول الحالي، وأية نتائج أو تكهنات أجتماسياسية سوف يخرج بها المراقب من quot;العملية السياسيةquot; برمتها. بل وأية تصورات أو توقعات سوف يعيش في ظلها المواطن العراقي، المكتوي بنار هذه العملية والمنتظر لنتائجها على الدوام.!!
فالمنتصرون؛ بحجتهم القوية؛ اذ هم يلوحون quot;بصناديق ألأنتخابquot; بكونها الحكم الفصل في تقرير النتائج.! وبالتالي فهم أولى من غيرهم بتقرير ما هم يعتقدون، بعد أن أظهرت النتائج الاولية- الشبه نهائية- فوزهم، وبالتالي فهم ايضا أصحاب الحق الاول في تشكيل الحكومة كأستحقاق أنتخابي لكونهم quot;ألاكثريةquot;، وهكذا بنوا نظريتهم السياسية أو مبدأهم في التخاطب، تحت شعار quot;ما يمكن أو ما لا يمكنquot; ؛ وبناء عليه فكل الافتراضات الاخرى أو البدائل المقترحة لكل ما له علاقة بنتائج ألأنتخابات يقع تحت طائلة.. quot;لايمكنquot;..!! وتلك هي أعراف quot;الديمقراطيةquot; كما يعلنون..!
أما quot;المهزومونquot; في هذه العملية (الرافضون) ؛ فليس أقل من كونهم لا يعتددون بتلك النتائج، بل حتى ولا يعترفون بما انطوت عليه من أرقام؛ فهي في أحسن ألاحوال، غير نهائية ومبعث تساؤل وأستغراب، وذلك من منطلق، التبكير في أعلانها من قبل المفوضية العامة للأنتخابات.!
من جانب آخر فأن quot;هذه الانتخابات فاقدة لمصداقيتها وأخيرا شرعيتها، اذ انها مطعون بها بتهمة التزوير وألأحتيال.! وليس أدل على ذلك من وجود ما يناهز الالف والخمسمائة دليل أو برهان..! خلاصة القول فهي مرفوضة جملة وتفصيلا، ولا أقل من أنها تطالب بأعادة ألأنتخابات من جديد...!quot; وهذا ما تدعمه quot;الديمقراطيةquot; على حد مايطرحون..!
والمحايدون من جهة أخرى، لا يقلون مصداقية فيما يقولون أو يعلنون..! فها هي (المفوضية العليا للأنتخابات) تربأ بنفسها أن تتهم بألانحياز، حتى وأن أقرت بحصول ما يمت لذلك بصلة؛ من خروقات وتجاوزات من قبل أعضاء من منتسبيها. ولها في دعم الامم المتحدة ما يؤكد نزاهتها حسب ما تدعيه..!
والمحايدون الاخرون؛ وفي المقدمة الحكومة الانتقالية quot;الحياديةquot; برئاسة الاستاذ الدكتورابراهيم الجعفري، التي أنيط بها تأمين سلامة أجراءات العملية ألأنتخابية، هي الاخرى تدفع بحياديتها رغم اقرارها بالتجاوزات والخروقات التي مارستها أجهزتها الامنية قبل وأثناء العملية الانتخابية لصالح قائمة معينة بالذات..هكذا يقال... علما بان السيد رئيس الوزراء هو رئيس احد التكتلات المشاركة في الانتخابات -حزب الدعوة-..! فهي مع اقرار النتائج بما هي عليه...!
وأخيرا، وبعيدا عن كل التأويلات او التكهنات، فان الموقف الذي لا يحسد عليه، في خضم هذا البحر(المتلاطم) من التناحرات، هو موقف السادة (الموفقين) او بكلمة اخرى التوفيقين، وجلهم أطرافا في العملية نفسها مما يبعد عنهم صفة quot;الحياديةquot; في هذا المجال على أقل تقدير، ولكنه يمنحهم أمكانية التحرك على القوى ألاخرى المتعارضة، بسبب خصوصية وضعهم في هذه العملية، والمقصود هنا بالذات أطراف (جبهة الأتلاف الوطني الكردستاني) التي هي ألاخرى تحسب على رصيد quot;المنتصرينquot;.
أن دور هذا ألطرفquot;الموفقينquot; محكوم سلفا بكل ما لا يتعارض مع مصالحه الستراتيجية أو المكاسب التي تم تحقيقها او تلك التي يطمح لتحقيقها لاحقا من خلال quot;العملية السياسيةquot; نفسها وبالتالي، فأن ما قد يترتب من نتائج لهذا الدور التوفيقي بين الاطراف المتعارضة، قد يحمل في طياته أمكانية التوصل الى اتفاقيات ثنائية بين هذا الطرف نفسه واطراف اخرى ndash; المرجح قائمة الائتلاف- مما قد يكون عامل ضغط على الاطراف الرافضة لنتائج الانتخابات، وذلك باتجاه دفعها للانخراط في الحكومة الجديدة التي يدعو لها (الموفقون) والمقبولة من (المنتصرين) وفق قياساتهم الخاصة، اي quot;الاستحقاق النتخابيquot;. وبكلمة أخرى حكومة quot;الوحدة الوطنيةquot; كما يدعوها الطرفان..! او على اقل تقدير (حكومة محاصصة) بين بعض تلك الاطراف المستفيدة من نتائج الانتخابات..! الحكومة؛ التي هي اقرب الى حكومة (أئتلاف وطني) يقودها الطرف ذو الاكثرية البرلمانية، منها الى حكومة ( وحدة وطنية) بمفهومها العام، أي تلك التي تتطلبها الاوضاع الاستثنائية التي يعيشها في ظلها العراق اليوم..! وقد نوهنا عن ذلك في مقال سابق بعنوان (العراق المرتهن ومسؤولية القوى السياسية).*

كما اصبح أمر الخروج من هذا المأزق هاجسا لجميع من يهمهم quot;أنجاحquot; العملية السياسية، بما فيهم السيد (خليل زلماي زاده) السفير الامريكي في العراق، الذي يبذل quot;جهدا أستثنائياquot;، و يتحرك quot;كالمكوك الطائرquot; وquot;كحمامة سلامquot; من أجل جمع كل الاطراف تحت مظلة واحدة، ليس على أساس ما اسفرت عنه نتائج الانتخابات، أو المواقف المتعارضة من تلك النتائج، وانما، على اساس من quot;مصلحةquot; الشعب العرقي في تأمين quot;وحدته الوطنيةquot;، وذلك بتكوين حكومة quot;الوحدة الوطنيةquot;. وأن quot;جهدهquot; هذا quot;مشكورا عليهquot; يفترض ان ينظر اليه لا من زاوية التدخل في الشؤون الداخية للشعب العراقي، بل من باب quot;المساعدة النزيهةquot; على حد زعمه والادارة الامريكية والمهللين..!!
ولا يمكن على اي حال نسيان موقف الجامعة العربية، التي ترى في كل ما تقدم من اشتباك في الساحة العراقية، يفترض ان يحل عن طريق انتهاج الديمقراطية بوجهها العام وليس quot;الديمقراطيةquot; وفقا quot;للمقاييس الخاصةquot; على حد تعبير السيد الامين العام للجامعة العربية..!

أن صورة الواقع السياسي الحالية آخذة بألقاء ظلالها على المواطن العراقي، مصحوبة بالتلويح بقرقعة اسلحة المقاطعة البرلمانية او العصيان المدني - كما جاء من قبل بعض الاوساط الرافضة للنتائج ndash; أو التلميح باستخدام القوانين والانظمة الرادعة ومنها التصريح باعتبار الممارسات التي لجأت اليها تلك القوى ومنها المظاهرات الاحتجاجية على نتائج الأنتخابات، قد تقع تحت طائلة قانون مكافحة الارهاب..! على حد تعبير القوى ذات الاغلبية الانتخابية..!
ان هذه الصورة القاتمة للواقع السياسي بكل مفارقاتها، تثقل كثيرا كاهل الشارع العراقي، الذي أنتظر طويلا ما سوف تفرزه العملية السياسية الجديدة، والذي أقضت مضاجعه ويلات الارهاب والخراب الاقتصادي، مما اصبح حريا به أن يطالب كافة اولئك الذين تحملوا مسؤولية هذه quot;العملية الجديدةquot;، والذين طالبوه بالوقوف الى جانبها؛ حريا به أن يطالبهم جميعا باستحقاقات هذه العملية، بأن يسترجعوا ذاكرتهم لما اتفقوا عليه في quot;مؤتمر لندنquot; من بناء quot;عراق حر وديمقراطيquot;...! فهل في الصورة ما يوحي، بأن حلفاء الأمس في طريقهم لأن يصبحوا أعداء اليوم..

ان افرازات العملية الانتخابية الاخيرة وطريقة التعامل معها - للاسف الشديد - قد خلقت مناخا وتربة صالحتين للمزيد من قلق المواطنين، من أرهاصات ما قد يترتب على ذلك من خشية استقطاب الاحتراب بين الطوائف المتنازعة وما قد يجر ذلك -لا سامح الله- الى ما لا تحمد عقباه..! ان العراقيين يكفيهم ما هم فيه من ويلات وعذاب...!
نعود فنقول: ( لو) أن الاطراف السياسية تتذكر مسؤوليتها، في درء المخاطر التي تهدد وحدة الوطن والشعب العراقي، وتجمع كلمتها على توحيد الصف الوطني، ضمن أطار حكومة ( للوحدة الوطنية)؛ حكومة تستقطب كل الكيانات الوطنية، بعيدا عن أي استحقاقات أخرى تذكر؛ انتخابية كانت ام سياسية او حزبية؛ حكومة تأخذ مصالح الشعب والوطن في مقدمة كل الاستحقاقات الاخرى... حكومة المسؤولية الجماعية... فأنها بذلك ستساعد على تحجيم عوامل القلق وخيبة الامل وستزرع الثقة في نفوس المواطنين...! فأي استحقاق اكبر وأثمن من استحقاق الوطن والشعب ياترى.... وآمل ان لا يتحول التلويح المستمر quot;بالاستحقاق الانتخابيquot; الى سلاح مناسب لكم أفواه الاخرين وألغاء الطرف ألاخر، بل وطريق للممارسات اللاديمقراطية والتسلط في نهاية المطاف... آمل ان يكون ذلك مجرد تخمينات او تكهنات.. وان الممارسة العملية كفيلة بالحكم على النوايا...!!
أن تداعيات الوضع القائم تنعكس بآثارها السلبية على كافة الاصعدة والمستويات، وان المتضرر الاول والوحيد من ذلك هو الشعب العراقي المجيد. ونقول ( لو) أن الجميع يقرأوا أستحقاقات الوضع القائم بعيدا عن كل ما يمت بصلة للمصالح الضيقة مهما كانت الوان اطيافها. فان في ذلك ما يساعد على راب الصدع ولملمة الجراح؛ وسينفخ روحا جديدة في مسيرة quot;العملية السياسيةquot; ضمن اطرها ووسائلها الديمقراطية بمعناها العام، ان صدقت النوايا...!

ومن قراءة هذا الواقع، يمكن التكهن والقول؛ بأن المردود السلبي لكل ما تقدم، يحمل الشعب مسؤولية بلورة وعيا شعبيا اجتماعيا عام، غير مقيد بأطر حزبية، ولا تحجمه ولاءات طائفية، عشائرية او قومية، او اية ولاءات أخرى؛ وعيا ( للسلم الاجتماعي )؛ ينبذ العنف ويستنكر الارهاب، ليسهم بمهام انقاذ الوطن من هذا الواقع المأزوم،... طالما ظلت بعض القوى والكتل السياسية ذات العلاقة بهذه العملية، وخاصة تلك التي أستمرأت طعم ألانتصار، عاجزة عن تحمل تبعات مسؤوليتها التاريخية... في ايصال الوطن الى بر الامان..الى وقف نزيف الدم المتعاظم.. لا الى quot;جنةquot; المصالح والمحاصصات..!
ان الانتخابات رغم اهميتها الكبيرة كممارسة quot;ديمقراطيةquot; ورغم اجرائها في ظل ظروف quot; الاحتلالquot;، وهذا ما يشوب شرعيتها..! لن ترقى في مستواها الى مستوى الاهمية القصوى في أنقاذ الوطن من براثن الوضع الذي هو فيه؛ ولذلك فأن أستحقاقات الوطن في تشكيل حكومة ( للوحدة الوطنية) الحقيقية؛ تضم جميع المكونات السياسية والاجتماعية، لا على اساس من استحقاقات المواقع الانتخابية، هي المهمة ذات الاولوية، قبل حسابات الربح والخسارة على اية حال..! فهل ان استحقاقات الوطن في ظل الظروف الراهنة هي دون ذلك.. أم أن العراقيين في طريقهم للعيش تحت مظلة الحزب الحاكم او النخبة الحاكمة من جديد... هذا فيما اذا بقي العراق كلا موحدا...!!
أنه سؤال موجه للجميع......!! ( ولكم في الحياة قصاص يا اولي الالباب.. )

*- قبل لحظات من ارسال هذه المقالة؛ للتنويه أشير الى ان كل من التحالف الكردستاني والائتلاف الاسلامي قد توصلا الى اتفاق يقضي بتشكيل حكومة( للوحدة الوطنية) كما اعلن وفق شروط معينة وهذا ما كان متوقعا ومثبتا في أعلاه..!

ابراهيم حسين
[email protected]