هربت ُ من العراق.. ليس بسبب يتعلق بصدّام وعائلته، بل من الناس الذين يعيشون هناك ويساهمون في ترسيخ وإستمرارية الدولة الخاضعة للفرد والأب والعائلة والعشيرة والدين والمذهب والحزب الواحد.... إلخ.

*****
وحين تم هروبي، وقعتُ في مأزق اللجّوء مع افراد من العشائر العراقية.. وبين العراقيين الذين كنتُ أتصورهم ببساطة عراقية خالصة وساذجة.... مِنْ إنهم ضحايا لنظام سافل يقمع الصراخ وطنين البشر والحشرات، لكن العكس كان، فسرعان ما نصبوا أفراد العشائر الخيام العملاقة لرؤسائهم، بينما سارع الباقون لنصب خيامهم الإخرى الدينية ومن ثم الحزبية تحت مسميات (الحسينيات ) التي من خلالها قادوا حروبا ً أهلية شتى، كان أولها ضد شيوخ العشائر وأفرادعائلاتهم وأتباعهم وبعض الشخصيات العلمانية،ثم مضايقة العراقيين من السنّة والشيوعيين والمسيحين وطردهم إلى خارج المخيم العراقي القائم وسط الصحراء السعودية.

*****
وبشكل غير محسوب، لكن متوقع، إنفجر النزاع الناريّ بين رؤساء العشائر التقليديين وبعضهم معروفون في محافظاتهم الجنوبية.. وبين أتباع السادّة رجال الدين... غير المعروفين، فشبت حرائق الخيام، وقام العراقيون اللاجئون بإشعال خيم بعضهم البعض...لقد سقط ألف عراق حينئذ....وقلت لأخي الأصغر وأصدقائي القلّة.. نحن بلا عشيرة ولادين ولا مذهب ولا وطن... لدينا فقط صحراء وسماء...فنحن من العلمانيين....!!!
*****
المشكلة كانت...هي..!!
رحبت السعودية بكل رؤساء العشائر العراقية.... فيما إستقبلت إيران كل معمم شيعي كبير أو صغير..بل..كل شيعي تابع أو تائب...أو بعثي شيعي منتفض على البعث.....، وكان الخروج من المخيم الصحرواي يدفع الجميع وبمشاعر الغيرة والحسد.. إلى حب السيطرة والنفوذ داخله (أي المخيم )، الذي ترك السعوديون إدارته الشبه مدنية لأصحاب العشائر والنفوذ ورجال الدين....
*****
مايثير إن جميع رؤساء العشائر العراقيين إختاروا المنافي في دول أوربا وأميركا (وبعضهم مات هناك)، بينما ذهب أغلب القادة الشيعة الدينيين إلى إيران وتمركزوا في قم ّ المقدسة التي تنافس النجف الأشرف!!، وهنا تبرز الأشكالية بين معتنقي المذهب الواحد..الشيعي العراقي..، بين الولاء للعشيرة أو المذهب، وللقارىء كيفية تفسير الفعلين، لكن الكثير من أتباع الطريقتين وصلوا وعاشوا في دول الغرب المفتوحة على الجميع.

*****
أتباع العشائر العراقية في الخارج يتبعون رؤسائهم الشيوخ الذين يقولون بالعراق والوطنية والمذهب... خاصة إذا كان الشيخ الأول أو الثاني محترما من الأنكليز والغرب، أما أتباع القادة الدينين الذين هزجوا لأير ان..ورفضوا الذهاب..إلا... لدولة الشيعة العالمية،فإن أغلبهم ركبوا محيطات السواد وقوارب صيد السمك المثقوبة، ليصلوا إلى نقطة رمل تشير إلى دول ألله الكافرة...هروبا ً من الفردوس..!!

*****
ولأن العشائر متخلفة في طبيعتها الإجتماعية وكذلك التعصب الديني، فقد إجتمعت الصفتان لدى بعض العراقيين في الخارج، وإنعكاسا ً للداخل العراقي الذي تسوده الفوضى بأحزابه وتياراته ومؤسساته الدينية،لنرى طبيعة شيعية تختلف جذريا ً عن القالب الإيراني القومي الذي يصون حقوق الفرد والمرأة المحجبة حسب الدستورالإسلامي الشمولي..!!، وتختلف تماما ً عن تسامح وشفافية الشيعة العاديين في لبنان..

سلوكيات دينية متشنجة طائفية متحكمة عشائرية لايمكن تسميتها..،تؤمن بالحكومة الإيرانية وليس بالعراق..أو إيران...

واصف شنون