ا.د./ حسام محمود أحمد فهمي
انتشرت ظاهرة خطيرة، ولو بدا الخير ظاهرها؛ فقد تصور البعض من تلقاء أنفسهم أو مُحَرَكين مدفوعين من غيرهم، أن بوسعهم تولي الوعظ وترديد الفتاوى. تراهم في المواصلات العامة، في الشوارع، في التجمعات، في المساجد؛ منهم من يقوم quot;بالمهمةquot; بهدوء ومنهم من يتشاجر ويعلو صوته وتَكُر منه البذاءات وكأنها أحد حقوقه الأصيلة!
منهم من نبتت لحيته بالكاد ومنهم من أشعلها الزمن بياضاً. معلوماتهم الحقيقية وثقافتهم معدومة أو تكاد. أحدهم ردد بتيه أنه منع كحك العيد عن أبنائه لأنها بدعة quot;فاطاميةquot;، يقصد فاطمية! وآخر فسر quot;الضحك يُميت القلبquot; بأن الضاحك يقع من طوله ميتاً! في المساجد يترصدون المصلين باحثين عما يرونه ثغرة في وقفة أو جلسة، منها ينفذون بوعظهم وفتاويهم. الأثر العكسي الرافض لهم، صراحة أو ضمناً، هو رد الفعل الأغلب، لو فَطِِنوا أو فَهِموا أو أُفهِموا.
الدعوة بقدر جديتها آل بها الحال لدرجة تصور اِمكانة إسنادها لطفل دون سن التمييز، شرائط تُعَبأ لهذا الطفل المُراد تصويره معجزة، مكان وعظ يُجَلَس عليه في أكبر المساجد. أُخفِيت الأغراض الدنيوية تحت سُتُر الدعوة، اِنعدمت القدرة علي الجدية، طفل يُحشي بالصورة النمطية للخطيب، الصارِخ، المُهدِد، المُتوعِد، المُتشنِج، العابس، المُشوِح بيديه، النافرة عروقه، الواقف علي أطرافه. طفل سُلِبَت منه طفولته، وضع في غير إطاره، في مناخ لا يَعلَم متصوراً أنه يُعَلِم. ما أتعسها صورة لحاضر بائس ومستقبل يائس.
الوعظ والفتاوى ليسا لعبة لأي عابث، فرداً أو مجموعة، بحثاً عن احترام مُفتقد أو رزق غائب أو سلطة مُشتهاة؛ هؤلاء quot;اللاعبونquot; ليسوا إلا فتنة علي أحر من الجمر. إلي متي التسيب والتراخي في كل أمور حياتنا؟ هل الكوارث قدرنا؟
- آخر تحديث :
التعليقات