حال دعاة القومية ورجال الدين دون التعصب للعراق
يدافع الدكتور سيار الجميل عن نواياه في مقالته خوازيق دقت في اقفية العراقيين مشيرا الى ان العراق لا يمكن ان يكون بلد الانبياء والائمة والاديان فقط داعيا العراقيين للتعصب للعراق. لقد تعصب ساسة العراق منذ التاسيس (1921) للعرب واثر ذلك سلبا على تعريف العراقي واشكالية في نهاية السبعينات (التبعية الايرانية) وقصة ساطع الحصري (مربي الاجيال) مع شاعر العرب الاكبر (الجواهري) يتداولها العراقيون فقد اتهم الاول الجواهري بالفارسية وفصله من التعليم بسبب قصيدة ورد فيها:
لي في العراق عصابة لولاهم ما كان محبوبا اليَ عراق
ويتضح جهل الحصري بالعربية! وبرر قادة شباط 1963 الاسود احداثه الدموية باندفاعهم نحو العرب واتهام قاسم بالتعصب للعراق بمباركة الفتاوي الدينية (من رجال الدين الشيعة والسنة) لاضطهاد المفكرين والمثقفين والديمقراطيين ومنهم من تعصب للعراق وكذا فعل قادة البعث في العقود الاربعة الماضية وزور من شاء احداث الايام الماضية بعد ان ضاق هامش الحرية للاقلام ابان حكم قائد الضرورة للامة العربية. وكفر العراقيون بالعرب خلال الحرب العراقية الايرانية حين اصبح خيرة شبابهم في المقابر بوصفهم شهداء اقران شهداء حملة سعد بن ابي وقاص في اندفاع العرب نحو العراق، واستمرار ذلك في سهم عمر بن سعد المشهور نحو الحسين في معركة الطف المثيرة للعواطف بعد اكثر من الف سنة. فقد تحمل العراقيون كل مضاعفات الحرب من القتل والعوق في الجبهة وتاخير كل مشاريع حياتهم وتضررت العائلة العراقية (اشارت الاحصائيات الى تزايد حالات الطلاق وازدياد نسب العنوسة واشكاليات ميراث الشهيد وتزويج ارملته بمكافاة من الدولة وغيرها) فيما كسب العرب العاملون في العراق الملايين وتعاملوا بالدولار! ومن يعود باجازة منهم يقيم احتفالا وكانه قادم من الحج فكانوا في دوائر الدولة والاعمال الحرة ليكسب احدهم اكثر من عشرة امثال راتب جندي عراقي في الجبهة يسكن حفر الارض (المواضع) وتشاطره مخلوقات اخرى! فارتادوا البارات والملاهي (بلغ عدد الملاهي في بغداد 45 ملهى ابان الحرب العراقية الايرانية) وتزوج بعضهم ارامل الشهداء وغيرهن وعبثوا بالعراق بتوصية من القائد التاريخي حفيد سعد بن ابي وقاص وصلاح الدين الايوبي. ودارت الايام فكان امام العراقيين جيشا عربيا اكثر قسوة في التعامل من الامريكيين في حرب الخليج الثانية وتمنع السلطات المصرية العراقين من عبور اراضيها الى ليبيا حيث ابواب الرزق ثم الموقف المتفرج من الاحداث الاخيرة وولادة مؤتمر القاهرة متاخرا.
لم يبرز في العراق مفكرون ولا ساسة لامعون فبرز رجال الدين قادة للعملية السياسية تعاملوا باثارة العواطف لشعب تخلف عن متغيرات العالم الحديثة. واحداث العراق الاخيرة شاهد على ذلك فقد تباينت مواقف رجال الدين من وجود قوات التحالف وظهرت الاجتهادات في تفسير الايات القرانية والاحاديث النبوية الشريفة فتخلفوا عن مجاراة بلاغة العرب القدماء. وصدرت فتاوي فكانت ماساة العراق ولا حاجة للتذكير بتلك الفتاوي وفرسان الفضائيات.
تحكم باسم الدين كل مذمم ومرتكب حفت به الشبهات
فهل قضت الاديان الا تذيعها على الناس الا هذه النكرات
واخيرا يحاول رجال الدين الافاضل استيعاب المرحلة والانتباه الى ان الاوضاع السياسية في العصور السالفة اثرت بشكل كبير على المفاهيم الدينية وصياغتها ويتكرر المشهد حيث اصلاح الازهر بدء بحملة نابليون على مصر ونعود في العراق الى ايام المتوكل (الخليفة العباسي) في اضطهاد المفكرين وكما حصل مع فرج فودة ونصر حامد ابو زيد وسيد القمني في مصر وبشكل عنيف قتل اساتذة الجامعة المتنورين والصحفيين والسياسيين في العراق.
كل الامنيات ان يتعامل ساستنا مع الازمات بالحكمة دون الهتافات (مثل وراءنا العرب) التي تعودها بعضهم من ايام صدام.
جواد الموسوي
التعليقات