في عملية بناء الدول،تستنفر الإمكانيات وتوضع الخطط المستندة إلى تصورات واضحة وغايات صريحة وأهداف سامية،وجل الغايات المرجوة هو الانتقال من حالة التردي والتخلف والتدمير والإخفاق إلى حالة الحياة والتقدم والبناء والإنجاز.
ولكي يكون البناء ملموسا محسوسا يسهم في تغيير الأوضاع بصيغة إيجابية ويؤسس خطوات جدية في طريق الإنجاز،فلابد أن يعتمد هذا البناء على أسس واضحة المعالم تتميز بالقدرة والحيوية والعلمية.ولكي نحصل على هكذا مواصفات فان القوى السياسية والدينية والاجتماعية والاقتصادية الفاعلة والمؤثرة في المجتمع تقع عليها مسؤولية الاتفاق على معيار ومفهوم واضح للوطنية العراقية وان تجمع على الالتزام به وان يكون الفعل الوطني معيارا للتقييم.
إن بناء وتقدم البلد وتأسيس آلياته الفعالة لإدامة واستمرارية البناء الحضاري هو أن تكون عملية البناء مجردة من كل أيديولوجية أو عقيدة أو نظرية فكرية تقرر مسبقا طبيعة وصيغة وكيفية البناء.
المحدد الأول والأخير يجب أن يكون المقياس العلمي في تحديد الطبيعة والصيغة والمستقبل،وتجارب الشعوب المتقدمة وتاريخ إنجازاتها دليل على واقعية هذا الطرح.فالتخلي عن هذا الاتجاه هو أجراء أو مسار أو طموح نحو انحراف تاريخي في عملية البناء و هدف لايمت بمصلحة الوطن ولن يدعم مستقبله المنشود.
في خط الشروع لبناء الدولة وتنمية مستقبل الوطن،على القوى السياسية الفاعلة والمؤثرة
أن تتفق على تكليف حكومة الاختصاص (التكنوقراط) والتي يكون معيار تشكيلها مقياس الكفاءة والخبرة وحيوية الفعل وتأثيره وان تتفق القوى السياسية على حصانة الحكومة من التأثيرات الحزبية والسياسية وان تكون مؤسسة إدارية بمعنى الكلمة،وهذا لا يمنع بأي حال من ممارسة القوى السياسية فاعليتها وتأثيرها على مجمل الحياة السياسية في البلد، فقبة مجلس نواب الشعب يجب أن تشع فكرا ومعرفة وحيوية من خلال المناقشات العلنية والسرية وحسب القانون الأساسي،وتؤسس لصياغات تشريعية متميزة وفاعلة ومؤثرة وحيوية،والقائمة أو الحزب الذي يمتلك الأكثرية سيكون الأكثر تأثيرا وفاعلية وسيؤثر في عملية البناء بآلية قانونية حضارية وطبيعية تثري صيغ البناء وتفّعل مسيرة المستقبل وتؤسس قاعدة حضارية مأمونة تحفظ الوطن وتديم العمل الحكومي والسياسي، خصوصا وأن هذه القاعدة قد اكتسبت الدعم القانوني من السلطة الدستورية العليا.
إن من يسعى ويعلن أن الوطن غايته وهو الأقدر على بنائه والاتجاه به إلى مصافي الدول المتقدمة يجب أن يكون أول الداعين والعاملين والمصريين على مسار الفصل الحاد للسلطات الثلاثة (التنفيذية والتشريعية والقضائية).
ولن نتمكن من بناء الوطن المنشود والدولة الجديدة ألا بصياغة القوانين التي تؤسس واقع قانوني وسياسي واجتماعي يلتزم ويحرص الجميع على أدامته وتطوير نموذجه.
إن الدعاوى الاقصائية والطائفية والعنصرية والأستئثارية لن تحدث إلا مزيدا من الفرقة والتمزق والتشظي وكل وطني شريف تقع عليه مسؤولية رفضها ومحاربتها،وعلى المؤسسة التشريعية أن تسن القوانين التي تحرم وتجرم دعاتها وأن يطاولهم القانون.
جمال البزاز
- آخر تحديث :
التعليقات