إستقال رامسفيلد وزير الدفاع فى حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، وخسر الجمهوريون الإنتخابات التشريعية وخسروا أغلبيتهم فى البرلمان، فهل سيرضى العرب عن الإدارة الأمريكية الجديدة؟
كان كلينتون هو سيد البيت الأبيض لمدة ثمانية سنوات، وعلى لسانه جرى وعد quot;كلينتونquot; بإنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة بجوار إسرائيل، وكان ndash;لو فحصت قراراته ndash; صديقا للحق الفلسطينى إلى حد كبير، فهل أرضى العرب؟ لقد أشبعه العرب شتما وتهجما لأن فى إدارته عدة وزراء يهود، ولازلت أتذكر سب وشتم وزيرة خارجيته مادلين أولبرايت على صفحات جميع الصحف والقنوات الإعلامية العربية ووصفها بأنها عجوز شمطاء! حتى أننى تسائلت فى إحدى المقالات عن لماذا لا ينتخب العرب الإدارة الأمريكية لعلهم يرضون عنها!
لو قارنا وعد بلفور بأن quot;دولة جلالة ملكة بريطانيا تنظر بعين العطف لإنشاء وطن قومى لليهود فى فلسطينquot;، بوعد كلينتون بإنشاء دولة للفلسطينيين قابلة للحياة بجوار إسرائيل، لرجح وعد كلينتون وعد بلفور بمراحل. ولكن إنجلترا لم تمانع فى إنشاء دولة يهودية فى إسرائيل فأنشأ اليهود دولتهم. أما الفلسطينيون فيريدون دولة تسليم مفتاح تنشئها لهم أمريكا كاملة مستوفية كل مقومات الدولة! ولعلهم بعد ذلك يهدمونها أيضا ويحولونها لدولة عربية أخرى فاشلة طالبانية أو صومالية أو على الأقل عراقية بحسب العراق الحالى!
لماذا يتأخر العرب؟
لماذا لا يفوز العرب ببعض جوائز نوبل المخصصة للعلم والأدب، إلا بنسبة لا تكاد تذكر، ولماذا لا يساهمون فى النهضة العلمية الجارية فى كافة بلدان العالم؟ أولا لأن العرب quot;يتمتعونquot; بأكبر نسبة أمية بين شعوب العالم قاطبة. وثانيا لأن نخبة المثقفين والمفكرين العرب لديهم حوافز أقوى لإجتناب طريق العلم الحقيقى والإجتهاد المثمر، وكلا الأمرين يؤثر إضطراديا فى الآخر! فغلبة نسبة الأمية تزيد من حوافزتجنب المفكرين للجهد الخلاق، وتجنب المفكرين طريق الفكر الخلاق يزيد من إستفحال الأمية بين جموع الشعب. فغالبية المفكرين العرب تجدهم منشغلين بتفسير الشريعة ومذاكرة وحفظ كتب quot;التراثquot; والمساهمة فيها بكتب من على شاكلتها. وعلى الناظر لكم المفكرين العرب الذين ينشغلون بأمور الدين أن يتحسر على أن القلة المفكرة فى الوطن العربى تهدر وقتها وفكرها وجهدها فى تفسير آية أو الرد على شبهة أو سوق الجماهير والغوغاء لغاية فى نفوس الفقهاء ومن يستعملونهم!
لو كتب أحد المفكرين كتابا من أجل رفعة أبناء وطنه ولو شرحا لكيفية التعامل مع الأنترنت مثلا، فكم نسخة ممكن أن يبيع؟ معدل بيع أى كتاب جديد فى الوطن العربى هو ثلاثة آلاف نسخة فقط لا غير؟ وكتاب كهذا قد ينتفع به الناطقون بالضاد وقد يساهم فى تقليل نسبة الأمية، أما لو قام ذات المفكر بكتابة كتيب قص ولصق من أقوال الفقهاء القدماء والمحدثون عنوانه الثعبان الأقرع وعذاب القبر وفضيلة النقاب لتولت هيئات معينة طباعة الكتاب طباعة أنيقة وغلفته بغلاف مذهب متين وأشترت مئات الآلاف من نسخه مقدما ووزعتها مجانا على ملايين المساجد المنتشرة فى العالم كله، ولتمت إستضافة الكاتب على الفضائيات لشرح المعانى الإعجازية التى حواها كتابه، وليشرح للمستمعين كيف شرح quot;اللهquot; له صدره وأنار فكره وذلل له جميع العقبات ليخرج كتابه المعجز للنور! فكيف يمكن لبشر أن يقاوم ذلك من أجل محو بعض أمية أبناء وطنه، ومن أجل وضع جهده فى كتاب لن يوزع أكثر من ثلاثة آلاف نسخة فى أفضل الأحوال؟!
عادل حزين
نيويورك
[email protected]
التعليقات