المعضلة التي أثارها قرار الرئيس الفلسطيني، محمود عباس بالدعوة لإجراء إنتخابات عامة مبكرة تشكل

الشعب الفلسطيني في الداخل يجد نفسه أمام خيارين شديدي الصعوبة و التعقيد و النتائج.
فنتائج الإنتخابات الأخيرة في مطلع هذا العام أوصلت حماس و بكثافة إلى مراكز الحكم في المجلس التشريعي و الحكومة، وكانت هذه نتيجة طبيعية لبعض ممارسات الفساد المتفاقمة في الأراضي الفلسطينية والتي يمارسها متنفذون في السلطة الفلسطينية و بالذات حركة فتح.
أحجية بلا حل، وإن تفاوتت الحلول و الإحتمالات، فهي بحد ذاتها معضلات معقدة الحل.
ولدراسة هذه العقدة، لنرى معاُ كافة الخيارات المحتملة أمام إجراء الإنتخابات المبكرة.

ترى حركة حماس و من يساندها أن قرار الرئيس عباس هو لا دستوري، إذ لا يوجد في القانون الأساسي الفلسطيني أي بند يمنحه صلاحيات حل المجلس التشريعي، ولا ننسى أن السيد محمود عباس وقع في نفس الورطة أثناء رئاسته للحكومة مع الرئيس الراحل ياسر عرفات، مما حدا بالمجتمع الدولي و خاصة الولايات المتحدة للتدخل و إلغاء هذه الصلاحية الممنوحة لرئيس السلطة الفلسطينية.

الآن تغيرت المواقع، وبحسب المثل الشعبي القائل: quot;يا عجوز، ما كنتي كنة؟quot;

أي أن محمود عباس حين كان في وضع quot;العروس التي تواجه حماتها وضغوطها عليهاquot; أصبح الآن هو في موقع الحماة و أخذ بممارسة هذا الضغط على العروس الجديدة quot;حماسquot;.

الشعب الفلسطيني في الداخل يجد نفسه أمام خيارين شديدي الصعوبة و التعقيد و النتائج.
فنتائج الإنتخابات الأخيرة في مطلع هذا العام أوصلت حماس و بكثافة إلى مراكز الحكم في المجلس التشريعي و الحكومة، وكانت هذه نتيجة طبيعية لبعض ممارسات الفساد المتفاقمة في الأراضي الفلسطينية والتي يمارسها متنفذون في السلطة الفلسطينية و بالذات حركة فتح.
حتى أن العديد من الفتحاويين أو المناصرين لهم ممن صوتوا لصالح المنافس الجديد من أجل التخلص من الفساد و رموزه.
و بالعودة إلى الإنتخابات القادمة (هذا أن سمحت الأوضاع بإجراءها) فإن الشعب الفلسطيني سيختار إما حماس أو فتح، و في الحالتين، الوضع صعب:
ففي حالة فوز قوائم فتح، هذا يعني للشعب العودة و بقوة إلى الفساد السابق إذا لم يكن أشد، وقد تتفاقم الأوضاع إلى حالات إنتقام من كل من ساند حماس وقد يطال هذا الموظفين و العاملين.
أما في حال فوز حماس، فهذا يعني إغلاق كل أبواب الإتصال مع العالم الخارجي أي مقاطعة كاملة و تجميد لأي دعم مالي أو إقتصادي. أقول العالم الخارجي بدءاُ من الولايات المتحدة مروراُ بالإتحاد الأوروبي و الدول العربية و لننتهي بإسرائيل.
ولا ننسى أن حكومة حماس لم تتمكن من التعامل حتى مع إضراب المعلمين الذي يدوم منذ أشهر و المدارس مشرعة أبوابها لرياح الفلتان و الطلبة فقدوا أكثر من نصف عامهم الدراسي.
و الموظفين العاملين بدون رواتب منذ مايزيد عن الثمانية أشهر...كيف سيكون حالهم؟
و السؤال الذي أطرحه الآن: أعضاء و مقاتلوا حماس: هل بقوا كل هذه الفترة من دون رواتب؟

لكن في النهاية، ما هو مؤلم أكثر في هذه الظروف، أن بعض الإخوة في الداخل، فتحاويين كانوا أم حمساويين، نسوا نضالهم الأول و الأساسي، نسوا من دفع لهم كل هذه المناصب و الأسلحة و طلقاتها،
نسوا كل شهيد و أسير و جريح و كل عائلة ثكلى..نسوا كل أرملة وكل يتيم في فلسطين...
نسوا عدوهم الأصلي...نسوا قضيتهم الأصلية و الأصيلة...
نسوا كل هذا ورفعوا السلاح بقوة في وجه بعضهم البعض..ليتنافسوا على سلطة..هي ذاتها لا تملك أدنى قواعد السيادة...
ليتنافسوا على مقعد...غير مريح...
ليشغلوا منصباُ...غير مربح...

فهل يتقاسموا ما بقي من الأرض ونرى دويلتين واحدة في غزة و الأخرى في رام الله؟

عندها..وللأسف..نخشى أن تصبح الثورة.. في ذمة الله...و في ذمة التاريخ...الذي لن يرحم أحداُ.


أكثم التل

كاتب وصحفي أردني ndash; مستقل
[email protected]