في الوقت الذي اشترطت فيه الادارة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي، وبعض الدول الأخرى على حركة حماس بأن تعترف باسرائيل، وأن تنبذ أعمال العنف، حتى تتعامل مع حماس عند تشكيلها أو مشاركتها في الحكومة الفلسطينية القادمة على ضوء نتائج الانتخابات التشريعية التي فازت فيها حركة حماس بأغلبية مطلقة، فإن ايهود اولمرت رئيس الحكومة الاسرائيلية بالوكالة وخليفة شارون في زعامة حزب quot;كاديماquot; يعلن على رؤوس الأشهاد، وعبر وسائل الاعلام، وأمام العالم أجمع بأنه يعتزم الاحتفاظ بالكتل الاستيطانية الكبيرة في الضفة الغربية وبمنطقة الأغوار وبالقدس quot;الموحدةquot; والكتل الاستيطانية الكبرى وهي أريئيل التي تمتد من الخط الاخضر وتتواصل لتشكل طوقا يخنق مدينة نابلس، وغوش عتصيون التي تمتد من مشارف الخليل الى منطقة السواحرة الشرقية وأبو ديس، شرق القدس حيث أن مستوطنة quot;نيئوت كدوميمquot; المقامة على أراضي السواحرة تتبع quot;غوش عتصيونquot; وهي محاذية لمستوطنة quot;معاليه أدوميمquot; التي تسد المدخل الشرقي لمدينة القدس، ومستوطنات الأغوار محاذية لنهر الأردن، وتشكل حاجزا ما بين الأردن والدولة الفلسطينية العتيدة، وأعلن اولمرت ايضا أن حكومته القادمة ستقوم بترسيم حدود دولة اسرائيل، وهذا يعني أيضا ضم المناطق الواقعة غرب جدار الفصل التوسعي الاحتلالي، ومع أن اسرائيل تكاد تكون الدولة الوحيدة في العالم القائمة منذ ما يقارب الستين عاما، ولا توجد لها حدود حتى الآن، لأنه كما قال زعماء اسرائيليون في السابق بأن حدود اسرائيل هي عند آخر نقطة يصل إليها الجيش الاسرائيلي،الا انها لا تخفي نواياها التوسعية.
ولكننا لو أخذنا تصريحات اولمرت بنوايا حسنة وأعتقد أن الرجل صادق ويعني ما يقول، فإنه لن يتبقى للفلسطينيين مكان يقيمون دولتهم عليه سوى بعض الجيوب المكتظة بالفلسطينيين والتي تشكل المدن والبلدات والقرى والمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية اضافة الى قطاع غزة، وأنها ستكون ممزقة وغير متواصلة وواضح أن قادة اسرائيل يتجاهلون ويغمضون عيونهم عمّا تمثله القدس للعرب وللمسلمين وللمسيحيين، كونها تحوي في أحضانها أقدس مقدساتهم والتي هي جزء من عقيدتهم.
وتواصل حكومة اولمرت سياسة الاغتيالات من جانب أخر، وهي تستهدف ناشطي حماس، من أجل أن تضع حماس في الاختبار أمام شعبها وأمام العالم أجمع، وكأن العنف والارهاب مسموح لاسرائيل ومحرم على حماس وعلى غيرها، وهي تريد افشال حماس حتى قبل تشكيلها للحكومة، وواضح أن قادة حماس متنبهون لمخاطر الشراك المنصوب لهم.
وما تصريحات اولمرت حول الحدود والاحتفاظ بالمستوطنات سوى رسالة إلى حماس وإلى كل الفلسطينيين والعرب والمسلمين بأن لا حلول في الأفق، وأن الصراع سيمتد لسنوات طويلة أخرى،،ويبقى الرهان على موقف الادارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين وغيرها للضغوط على اسرائيل كي تتخلى عن سياسة الاحتلال والتوسع والاستيطان وأن تطبق قرارات الشرعية الدولية لانهاء الصراع الذي طال أمده،وهذا ما يضمن الأمن والسلام لجميع دول وشعوب المنطقة بما فيها اسرائيل نفسها

جميل السلحوت