بالرغم مناننى تجاوزت مرحلة الطفولة منذ زمن بعيد... ورغم الشعر الابيض الذى ملأ شعر راسى الا اننى اشعر دائما كما لو كنت لا زلت هذا الطفل الصغير الذى كان يتعامل مع الناس بحب شديد وبراة وبساطة تفوق الوصف.. لا زلت اشعر داخل اعماقى بهذا الطفل الذى كان يحلو لة تسلق شجر النخيل فى ارياف مصر.. وكتابة الاشعار الرومانسية ومراقبة حركة النجوم كل ليلة فى سماء القاهرة.. هذا الطفل الذى كان يحلم بان يكون مثل الاسكندر الاعظم او نابليون بونابرت ليحرر العالم من الظلم والظلمة وينشر العدل بين الناس والخير بين شعوب الارض..

ورغم سنوات عمرى الكثيرة التى عشتها الا ان الطفل داخلى لم يكبر او يتغير.. لم تبدلة التجارب..ولم يتخلى عن بساطتةوطيبتة وبراءتة وطبيعتة الهادئة ونظرتة المتفائلة الى الحياة.. ولم يتخلى عن دموعة او ضحكتة البريئة.

هذا الطفل يجعلنى افرح باقل من القليل.. افرح باى شىء حتى لو كان مجرد تمشية على شاطىء البحر او شراء قميص بخمسة دولارات او اكلة بسيطة من الجبنة البيضاء والطماطم او الالتقاء بشخص ما ترتاح الية النفس او كلمة طيبة عبر التليفون من صديق..

ولولا هذا الطفل البرىء المتفائل الموجود داخلى لما كان فى مقدورى ان اغفر للذين طعنونى فى ظهرى او الذين اسأوا الى بصفة خاصة من الاقرباء او الاصدقاء.. ولما كان فى مقدورى الوقوف والصمود وحدى فى مواجهة الازمات والتجارب الشديدةوالصعوباتوالمشاكل وهموم الحياة... ولما كان فى مقدورى التطلع الى يوم الغد بثقة عمياء وارتياح شديد وطمأنية عجيبة قلما اجدها عند انسان اخر فى نفس سنوات عمرى وظروفى.

اننى اتمنى ان يظل هذا الطفل داخلى حتى اخر لحظة من العمر لان الحياة بدونة سوف تظهر على حقيقتها المؤلمة والناس على طبيعتهم القاسية ويصبح لا معنى ولا قيمة لها او جدوى منها او امل فى شىء.

صبحى فؤاد

استراليا

17 مايو 2006
[email protected]