منذ ان قام الأستاذ أحمد رجب بأجازة وأنا، وأظن كثيرين غيرى، لا يطلون على الجريدة التى كان يكتب بها. وأظن أن على إيلاف أن تبدأ فى إضافة quot;قفشاتquot; كاريكتيرية إلى صفحاتها، لأن القارىء العربى يحتاج الآن، وأكثر من أى وقت مضى، إلى من يضع بسمة على شفتيه. أيضا أتمنى ان تفسح إيلاف صفحاتها لكاتب ساخر آخر يضاف إلى المهندس سامى البحيرى الذى يطل علينا فى إيلاف مرة واحدة او أقل كل أسبوع! ولازال القراء ربما يبتسمون من بعض التعليقات الساخرة التى أطلقت على قادة الحرب العراقية الأمريكية الأخيرة وألحق معظمها بالصحاف، وقد كان أشد مايبعث على السخرية فى تلك النكات أنها كانت وإلى حد كبير قفشات واقعية، وعندما تبلغ النكتة حد الواقعية فإنها تكون من نوع شر البلية ما يضحك. وفيما يلى بعض الوقائع الطريفة رغم أنها حقائق محزنة جدا لو دقق فيها النظر.

قبيل الحرب العراقية وبينما قوات التحالف تحشد ما تيسر لها من أرمادا لغزو العراق خرج علينا صدام يتحدى الرئيس الأمريكى أن يخرج لمبارزته شخصا لشخص! quot;مانو تو مانوquot; كما يطلق عليها الناطقين باللاتينية! واليوم يدعو أحمدى نجاتى إلى مناظرة علنية بينه وبين بوش! اللغز هو فى أى زمان يعيش هؤلاء الناس؟

منذ حوالى خمس سنوات تعلن الولايات المتحدة الأمريكية quot; الشيطان الأكبرquot; عن يانصيب يجرى كل ثلاثة أشهر يسمح لمن يربحه أن يدخل إلى quot;جهنم الأمريكيةquot;. بلغ عدد المتقدمين لليانصيب الأخير من الدول العربية فقط خمسة ملايين ونصف المليون، فاز منهم خمسة عشر ألفا فقط! خمسة ملايين متقدم كل ثلاثة اشهر أى عشرين مليون عربى سنويا ممن يجيدون الأنجليزية فى بلد ينؤء بجهلة اللغة العربية يسعون لدخول بلاد الكفر! الصحف والإحصائيات العربية تقول أن أمريكا محل كراهية مائة فى المائة من الأمة العربية! اللغز هو هل هناك من يزور على هؤلاء طلباتهم أم هناك من يزور عليهم وعيهم وإرادتهم؟
قريب من ذلك أن الرئيس الفرنسى قام منذ سنوات بزيارة للجزائر فاصطف له مليونا جزائرى يصيحون بصوت واحد quot; فيزا... فيزاquot;! ولا داعى لذكر قتلى قوارب الموت العرب الذين يقامرون بحياتهم من أجل فرصة الوصول للشواطىء الأوروبية، ولا للطوابير التى تقف ساعات بل أياما على أبواب سفارات دول الكفر. وليس ببعيد جهد أحد الدعاة المطرودين من quot;دورة المياهquot; البريطانية كما كان يطلق عليها إلى محاول التسلل إلى الباخرة التى كانت تجلى الرعايا الأنجليز من لبنان. ولا يسعنا إلا الدهشة ونحن نرى طوابير الفلسطينيين الذين يقفون الساعات على الحواجز الإسرائيلية من أجل الدخول لإسرائيل للعمل عند quot;اليهودquot;! السؤال هو لو أن أوروبا أغلقت أبوابها، وتم طرد اليهود ndash; لو يعنى- فإلى أين يذهب هؤلاء؟

مصر أم الدنيا حتى فى مضحكاتها المبكيات منذ أيام المتنبى. من ضمن ذلك وجود جماعة متغلغلة فى جميع مفاصل الحياة المصرية، تماما مثل حزب الله فى لبنان بل واوسع إنتشارا، لها 88 نائبا فى مجلس الشعب، يتبع أدبياتها قطاعات وليس قطاعا واحدا من الشعب المصرى، لها أيضا وزراء ورؤساء جامعات وإعلاميون وقضاة وقادة جيش وشرطة يتبعونها مباشرة علنا أو خفية. جماعة بلغ من صفاقة قائدها أن لعن مصر وأبو مصر ومن فى مصر ولم ndash;ولن- يعتذر! جماعة تتلمظ من أجل إرسال جزء بسيط من مقاتليها أو قتلتها -عشرة آلاف مقاتل فقط- لنصرة حزب الله فى لبنان، ولها أكثر من ذلك مقاتلين فى كل العالم من الشيشان إلى أندونيسيا إلى دبلن وإسكتلندا إلى الصومال والسودان وبلاد تركب الِأفيال! جماعة لها مقر رئيسى وعديد من المقرات الفرعية، بل ولها نشيد وطنى أو بالأحرى أممى خاص بها، ولها أعلام سوداء مثل ملابس منتسبيها، ورغم كل ذلك فإن التوصيف الرسمى لتلك الجماعة أنها quot;جماعة محظورةquot; وأحيانا يقولون أنها quot;منحلةquot; بحكم القانون! السؤال هو quot;أى قانون هذاquot;؟

السيد القمنى تم تهديد حياته والأستاذ شاكر النابلسى والمهندس سامى البحيرى وكثير من كتاب إيلاف يتحملون الشتم والسب والعداءات بسبب كتاباتهم. أسألهم وأسأل نفسى سؤال واحد، لماذا؟ لماذا لا يكتبون عن القومية والكرامة العزة والشرف وإنتصارات حزب الله؟! لماذا لا يشتمون أمريكا وإنجلترا وإسرائيل؟ لماذا لا يكتب كتاب إيلاف أن أمريكا التى صرفت أكثر من ستمائة مليار دولار على حرب العراق غير ثلاثة آلاف قتيل من شبابها إنما فعلت ذلك من أجل سرقة بترول العراق، رغم أن تلك الأموال كانت تكفى لشراء بترول العراق جميعه لمدة عشرة سنوات وأكثر، وبدون قتلى وجرحى؟
هل هو الضمير أم هى القيم أم هو الإنتماء والأمل فى إيقاظ هذه الأمة التى من فرط حبنا لها نكرهها، أو بالأصح نكره ماهى عليه من تخلف وسوء قيادة وتزييف وعى؟

عادل حزين
نيويورك

[email protected]