سألنى صديقى الذى يعشق الكتابة: كيف تنال اعجاب العرب؟
انه يريد أن يكتب.. و يكتب.. و يكتب و يريد أن يستمع لصيحات الاعجاب و تصفيق القراء..

لم أدر بماذا أرد.. فالجواب واضح لا يحتاج لكثير من الذكاء..

قلت له:

هذه مجموعة نصائح بسيطة، سوف تفيدك، اذا كان ضميرك يسمح بتطبيقها، لتنال اعجاب العرب..

ارتد ثياب العنترية قبل أن تتحدث، فالعرب يعشقون العنتريات، و الكلام الرنان الذى لا يشبع بطنا ولا يعيد أرضا ولا يشفى مريضا و لا يبنى بيتا..

مجد حزب الله، أيا كان ما يفعله، و مهما كان ثمن ما يفعله، فالعرب لا يهمهم ثمن أى شئ، لا البشر و لا البهائم و لا أى كائن..

لا تسم الأشياء باسمائها، فقتل المدنيين يسمى عند العرب عمل بطولى، و التفجير الذاتى العشوائى فى مقهى يرتاده أطفال ومسنين و رجال أبرياء لا علاقة لهم بأى حرب يسمى عند العرب عملية استشهادية، وهزائم حزب الله المروعة التى عادت بلبنان مائة عام الى الوراء تسمى انتصار مذهل، و العمليات الغادرة التى تفاجىء النساء و هم نيام فى الصباح(التصبيح) تسمى عند العرب ضربة عسكرية ماهرة ألقت الرعب فى قلوب الأعداء، و الاختباء خلف النساء و الأطفال والمقعدين للقيام بحرب عصابات يسمى عند العرب شجاعة.. الخ

لا تتحدث عن مصائب العراق، و لا تتحدث عن مصائب دارفور، سيكرهك العرب اذا فعلت ذلك، سيكرهك العرب اذا لفتت نظرهم للذين قتلوا فى العراق ndash; بأيدى عراقيين ndash; منذ بدء الحرب الاسرائيلية على لبنان، و كيف أن عدد هؤلاء الضحايا فى العراق الحزين ربما يفوق عدد الضحايا فى لبنان الجريح.. سيكرهك العرب و سوف يلعنونك اذا نبهتهم الى هذا..

لا تطالب العرب بقراءة مرجع سواء كان عربيا أو غير عربى، فالعرب لا يقرؤن و لا يترجمون، و اذا قرؤا قرؤا فقط ما يوافق هواهم و ميولهم، و اذا ترجموا ترجموا فقط من يمجد فى تاريخهم و حضارتهم و أجدادهم،أو على الأقل من يوافق أفكارهم..

تحدث فى التاريخ، مجد فى الأندلس، مجد فى الحضارة الاسلامية، سيعشقك العرب اذا مجدت الأندلس، سيعشقك العرب اذا مجدت الحضارة الاسلامية..، لكن اياك أن تتحدث عن الفتن و الدسائس والمؤامرات والاغتيالات والخيانات والثورات و فضائح السلب و النهب و السبى و الترويع و الحرق والارهاب.. سيلعنك العرب اذا فعلت ذلك..

تحدث فى التاريخ، تحدث عن عصر المأمون، وسماحته وعظمة الخلافة الاسلامية، سيعشقك العرب اذا فعلت هذا، فالعرب يعشقون المأمون..، لكن اياك أن تتحدث عن دور المأمون فى محنة خلق القرآن و كيف أنه وصف السواد الأعظم من مواطنى خلافته العظيمة بأنهم quot;حشو الرعية و سفلة العامة quot; (تاريخ الطبرى - 218 ه) سيلعنك االعرب اذا فعلت ذلك..

تحدث فى التاريخ، تاريخ العرب، فالعرب يعشقون ما يعرفون من تاريخهم، تحدث عن رقة ووداعة وسماحة الخليفة الأموى مروان بن عبد الملك، و كيف أنه لزهده وورعه قام ببناء قبة الصخرة فى 72 ه، سيعشقك العرب و سيحتفون بك اذا تحدثت عن قبة الصخرة، لكن اياك أن تذكر أن مروان قام ببناء قبة الصخرة فى بيت المقدس ليحج اليه المسلمون كل عام بدلا من مكة و يطوفوا حول الصخرة بدلا من الطواف حول الكعبة،لأن مكة فى ذلك الوقت كانت تحت حكم عبد الله بن الزبير الذى كان ينتهز فرصة الحج كل عام ليشنع على بنى أمية أفظع تشنيع (النجوم الزاهرة -ابن تغربردى ndash; 72 ه)، و بالتالى فالخليفة مروان أراد أن يحمى خلافته من دعاية ابن الزبير ليس الا، اياك أن تذكر كل هذا.. سيلعنك العرب اذا فعلت..

اياك أن تذكر أن عبد الله بن مروان،أخو الخليفة عبد الملك المذكور فى الفقرة السابقة، سار هو أيضا على نهج أخيه و أخذ يعرف (يقف وقفة عرفات) بمصر حتى يمنع المسلمين من الذهاب الى مكة حتى لا يتعرضوا للدعاية التى كان يبثها ابن الزبير فى مكة.. سيلعنك العرب اذا فعلت ذلك..

اياك أن تمدح فى الحضارة الغربية.. سيكرهك العرب اذا فعلت ذلك، بل أذكر دائما أن الحضارة الغربية - بعكس الحضارة العربية - لم تحقق المطالب الروحية لأبنائها، سيعجب العرب كثيرا بهذا الكلام مهما كان مقدار سطحيته وسذاجته..

تحدث عن فضل الحضارة العربية على الحضارة الغربية وأسهب فى ذلك، وبالغ كما يحلو لك، سيعشقك العرب اذا فعلت ذلك..

تحدث عن المؤامرات والعفاريت الخضر والزرق..، و كيف أن هناك الكثير من الحاقدين الذين يضمرون النوايا السيئة للعرب.. و يعملون بدأب ليكيدوا لهم، سيعجب العرب كثيرا بهذا الكلام..

وجه كل ما تستطيع من سباب لأمريكا واسرائيل، أيا كانت القضية التى تتحدث عنها، فساد داخلى، اهمال، تسيب.. الخ، سيصفق العرب لك اذا شتمت أمريكا و اسرائيل أيا كان الموقف..

لا تنس، اذا وجدت من يفند كلامك أو يعارضك، أن تصفه بأنه عميل و خائن و مرتزق و جاسوس وصهيونى و صليبى و امبريالى وانهزامى وانبطاحى.. واشتم كما تستطيع حتى تبلغ المنتهى مما تحمل فى جعبتك من شتائم، سيعجب بك العرب أكثر و أكثر و أكثر.. و سوف يشتمون معك، فهذا ما تنساق اليه عقلية العرب، وصف المخالف فى الرأى بمثل هذه النوعية من الألفاظ..

طبق هذه القواعد ndash; اذا كان ضميرك يسمح - وثق تماما أنك ستنال اعجاب العرب.

عماد سمير عوض