هذا الاسبوع سيطرح بوش برنامجه اليائس لانقاذ ما يمكن انقاذه. كل التوقعات تشير الى زيادة في عدد الجنود الأميركيين ما بين 25 و 30 الف عسكري.
هذه خطوة يائسة تصعيدية ولا يتوقع أحد انها ستنجح في اخضاع المتمردين وتهدئة العنف الطائفي.
الرأي العام الأميركي يعارض اي زيادة في القوة العسكرية والكونغرس ايضا يعارض ووصفها السيناتور الجمهوري تشارلز هيغل بمغامرة في عالم الخيال.Alice in Wonderland
وحسب وصف الصندي تايمز البريطانية بقلم سايمون جينكنز الذي عارض الغزو ان رجال أميركا في المنطقة الخضراء سينفذوا ما يقوله الرئيس بوش ولا يستطيعوا معارضة مخطط بوش الجديد. المتحمسون للخطة الجديدة هم المحافظون الجدد وتوني بلير رئيس وزراء بريطانيا.
ورغم تطمينات موفق الربيعي مستشار الأمن القومي لوولف بليتزر مقدم برنامج ليت أيديشن على محطة ال سي ن ن Late Edition on CNN يوم الأحد 7 يناير 2007 الا ان الصورة قاتمة للغاية. العديد من المحللين في اوروبا والولايات المتحدة يعتقدوا ان الرئيس بوش يريد انتزاع نجاح سريع وصغير لينقذ ماء الوجه قبل ان يأخذ القرار بالانسحاب التدريجي او كما يفسرها البعض quot;الهرب من العراقquot;.
التاريخ مليء بأمثلة عن قادة عسكريين وهم يواجهوا لحظة الهزيمة يحاولوا الدخول في معركة اخيرة حاسمة عسى ان تنجح وتنقذهم من مصير الخيبة والفشل. ادولف هتلر حاول ذلك في ايامه الأخيرة وريتشارد نيكسون حاول ذلك عندما قصف كمبوديا قبيل الهزيمة النهائية في فيتنام ودونالد ريغان قصف جبال الشوف في لبنان قبل الانسحاب المهين الذي مهد للغزو الاسرائيلي عام 1982.
يشعر بوش ان هجمة شرسة اخيرة لتهدئة واخضاع بغداد قد تنقذه من الهزيمة. وهذا سوف لا يحدث.
القوة الأميركية الموجدودة الآن والتي عددها 140 الف عسكري لم تستطع ان تحقق النصر. لم تستطع ان تفرض الأمن والهدؤ رغم استعمال الأساليب الاسرائيلية والاستعانة بعسكريين اسرائيليين من ذوي الخبرة في قمع البلدان والقرى الفلسطينية.
القوات الأميركية تدمر وتقتل وتقصف ولا تعرف من تقصف وتقتل والجنرالات لا يعرفوا مع من يتفاوضوا. ونور المالكي رئيس وزراء العراق المحاصر والمنهك والذي وضع في موقف صعب جدا للغاية غير قادر على فرض الأمن والقانون. وأكثر ما يستطيع ان يقوله هو تهديد الدول التي احتجت على اعدام صدام انه سيعيد النظر في علاقاته معها. أكثر من 100 دولة ومنظمة عالمية احتجت على الاعدام سواء من حيث التنفيذ والتوقيت والاهانات الشفهية الخ الخ. هل ستقطع العراق علاقاتها مع كل الدول. أسهل ان نعرف من امتدح واثنى على الاعدام (اميركا واسرائيل وايران والكويت) وبقية العالم احتج وعبر عن تحفظات. اذا كان المالكي يؤمن بالديمقراطية عليه ان يقبل الاراء المختلفة بدون اللجؤ للتهديد والوعيد. وعليه ان يستمع لتعليقات منظمة هيومان رايتس ووتش. ولكن النقطة الأساسية ان حكومة العراق تفتقر لأدوات التغيير وكسب المعركة عسكريا وسياسيا ولهذا فهي بحاجة لوجود أميركي مكثف في العراق حتى تستطيع الشرطة العراقية والجيش العراقي ان يحلوا محل الأميركان بطريقة فعالة.
ميدانيا المشكلة في العراق ان قطاعات كبيرة من الجغرافيا تخضع لميليشيات من متطرفين سنيين عراقيين وغير عراقيين من جهاديين وارهابيين ومجرمين ومقاومين حقيقيين وأيضا من ميليشيات وعصابات وفرق موت تابعة لتنظيمات شيعية مدعومة ايرانيا. وعصابات نمت وترعرعت بتمويل اميركي وايراني وعربي. كل شيء مستباح في العراق. اختلط الحابل بالنابل والشعب العادي يدفع الثمن الباهظ. أكثر من مليون عراقي نزحوا منذ ربيع عام 2003 بما فيهم 40 بالمائة من المهنيين والمحترفين والادمغة الذكية تركت العراق.
العراق عاطلة ومعطلة ولا شيء يشتغل سوى المنطقة الخضراء المنعزلة عن العالم الخارجي.
اعمال الابتزاز والاحتيال والسرقة ونهب المال العام والخاص تنتشر بغض النظر عن الطائفة والمذهب.
مراسل جريدة التايمز البريطانية في تقرير الاسبوع الماضي من الفالوجة التي تم تحريرها وتطهيرها من المتمردين السنيين ارسل تقريرا يفيد ان الفالوجة عادت تحت سيطرة السنيين الذين سيغيروا اسم مستشفى الفالوجة ليحمل اسم مستشفى صدام حسين.
يتوقع العديد من المراقبين ان العراق تتجه نحو الانقسام على اسس طائفية ومذهبية. ولكن الآن ما يحدث هو أعمال تطهير عرقي للسنيين من المناطق الشيعية والعكس.
العراق وصلت نقطة اللاعودة. زير الفخار العراقي انكسر وتحطم ولا يستطيع بوش ولا ابو بوش ان يعيد ترميمه وتجميعه وتركيبه. حتى اعدام الطاغية صدام لم يغير شيئا.
نهاد اسماعيل
لندن
nehad ismail، London، UK
التعليقات