نحترم المبادىء التي يؤمن بها رئيس جمهوريتنا السيد جلال الطالباني وقبل ذلك نحترم التاريخ النضالي لسيادته ضد الظلم والطغيان والجبابرة، ضد النظام الصدامي الذي أعدم مئات الآلاف من أبناء العراق ولم يحصل أغلبهم على فرصة المحاكمة، وهو النظام نفسه الذي استثناه شخصيا من حكم الاعدام الذي أصدره بحقه في قرارات العفو التي أصدرها في مناسبات عديدة.
نحترم المبادىء التي يؤمن بها رئيس دولتنا، لكن لا يعني وضع هذه المبادىء فوق الدستور العراقي، أو فوق قرارات القضاء العراقي التي صدرت بحق المجرمين، ونعني بالذات الأحكام التي صدرت ضد المجرمين برزان التكريتي وعواد البندر، تلك الأحكام التي أصدرتها محكمة عراقية عادلة بعد ادانتهما بجرائم ضد الانسانية وقضت باعدامهما شنقا حتى الموت.
لقد احترمنا قرار سيادة الرئيس بعدم التوقيع على قرار تنفيذ الاعدام بحق المجرم صدام حسين كونه قد التزم بتوقيع سابق مع منظمة عالمية تطالب برفع عقوبة الاعدام في جميع دول العالم، لذا فقد أناب عنه رئيس وزراء الحكومة العراقية نوري المالكي للتوقيع على هذا القرار كون الدستور أجاز للقضاء العراقي اصدار عقوبة الاعدام ضد المجرمين وعلى هذا الأساس فقد تم تنفيذ حكم الاعدام بحق صدام وغيره من المجرمين.
لقد أثار استغرابنا التصريح الذي خرج به سيادة الرئيس خلال مؤتمر صحفي، ذلك التصريح الذي طالب من خلاله الحكومة العراقية بالتريث حول تنفيذ حكم الاعدام الصادر ضد المجرمين برزان التكريتي وعواد البندر.
نحن هنا نتساءل : هل أن هذا الطلب يأتي نتيجة التزام سيادة الرئيس بقرار المنظمة العالمية التي وقع معها على رفع عقوبة الاعدام وانسجاما مع توجهاتها؟
ربما نتفق مع سيادة الرئيس والمنظمة العالمية التي وقع معها طلب رفع عقوبة الاعدام في دول العالم كلها، لكننا نعتقد أن الوقت لم يحن لتطبيق هذه القضية بالعراق، إذ أن هناك العديد من المجرمين، والقتلة الذين لا يتوافق مع جرائمهم البشعة غير الاعدام شنقا، بل يذهب بعض أهالي ضحاياهم الى القول أن الاعدام شنقا يعد حكما مخففا بحق هؤلاء المجرمين.
ما من شك أن برزان التكريتي وعواد البندر يقفان في مقدمة هؤلاء المجرمين، فضلا عن الآخرين الذين يقف في مقدمتهم المجرم غير المدان ( قضائيا )، والمدان شعبيا علي حسن المجيد، فضلا عن ذلك فان الدستور العراقي قد أجاز للقضاء العراقي اصدار عقوبة الاعدام ولا يحق لسيادة الرئيس تجاوز هذا الأمر، إذ أن القرار قد صدر وأيضا أنه، أي القرار، لا يقبل الالغاء، أو العفو عن المدان فيه من أية جهة كانت حتى لو كانت تلك الجهة هي سيادة الرئيس، لاسيما بعد تمييزه، وذلك حسب قوانين المحكمة الجنائية العراقية العليا التي أصدرت هذا القرار.
أما إذا كان قصد السيد الرئيس بطلب التريث بسبب الضجة التي افتعلها ( الأشقاء ) العرب بعد اعدام الطاغية والدكتاتور المقبور صدام فنعتقد أن تلك الضجة يعرف سيادته، أكثر منا بكثير، أسبابها.
يعرف سيادة الرئيس مَن ولماذا تباكى مَن تباكى من ( الأشقاء ) العرب على المقبور صدام ولهذا لانريد أن ندخل في تفاصيل طويناها ورميناها في سلة مهملات التاريخ.
نحن يا سيادة الرئيس على عجلة من أمرنا. نحن ياسيادة الرئيس نريد تطهير العراق من الفايروسات والجراثيم ولا وقت لدينا لنتريث في قضية اعدام برزان التكريتي وعواد البندر فالشهداء وأمهاتهم وآباؤهم واخواتهم واخوانهم وزوجاتهم وأطفالهم بحاجة الى فرحة جديدة تشبه فرحة اعدام الطاغية صدام. فلم التريث يا سيادة الرئيس؟
طارق الحارس
* مدير تحرير جريدة الفرات في استراليا
التعليقات