رداً على... مصري

وردنا هذا الرد من الكاتب يوخنا دانيال على احد القراء الذي وقع تعليقه على مقال الكاتب باسم (مصري)

(تلك تقافه معروفه للعراقيين فى النقاش يا اخى.... ومن اجل هذا استطاع صدام 38 سنه أن يحكمهم متوحدين متأدبين يسمعون كلامه بلا نقاش لينافقوه ويتملقوه.... ياله من ديكتاتور رائع ! حكم السنه والشيعه والمسيحيين وعبده الشيطان والاكراد وغيرهم..بمختلف انتماءتهم... فهل يستطيع بوش ان يطبق الديمقراطيه والحريه كما يقول ليسرق بترول العراق الجديد..صدق ان افلح وعذراواسفى لصراحتى المتناهيه )... مصري
لقد اتهم quot;مصريquot; العراقيين جميعاً بالخنوع... ومن أجل هذا استطاع صدام ان يحكمهم 38 سنة كما يعتقد..... ويبدو ان مصري هذا قد نسي ان الشعب المصري العظيم قد نال أيضا حظه من الدكتاتورية الرائعة، وان دكتاتورنا الرائع كان يقلد في كثير من الأحيان دكتاتورهم الرائع. ولو كان الشعب العراقي : سنة وشيعة وأكراد ومسيحيين خانعاً وخاضعاً بكل هدوء بالفعل كما يقول مصري... لما أضطر صدام الى ان يقتل ويعدم عشرات الألوف من هذا الشعب الخانع من مختلف الانتماءات والأطياف والميول عبر 38 سنة.


كما نريد ان نسأل مصري الذكي... من هم عبدة الشيطان... يا عاشق الدكتاتور الرائع؟
ويبدو ان مصري قد عاش في العراق في فترة الثمانينات عندما كان العراقيون يموتون بالجملة في حرب السنوات الثماني مع ايران... بينما كان العرب يجنون الدولارات ويتمتعون بخيرات العراقيين... وكوّن انطباعاته تلك.


ان موقف مصري نموذجي جدا ومعبر عن موقف الملايين من العرب الذي يذوبون حبا وعشقا بصدام... لا لشيء... بل كرهاً بالعراقيين... وفي الأشهر الأخيرة عندما كنت في سوريا، كانوا يرددون ان أهل العراق لا ينفعهم سوى حاكم مثل الحجاج ( رؤوس أينعت... أهل الشقاق ) وما شاكل ذلك. وعندما كنت في الأردن قبل ذلك، كانوا يقولون : إنكم لم تعطوا صدام الوقت الكافي ليحكم... وقد أفادتكم حروبه الطويلة مع إيران وغزو الكويت من أجل إنشاء وتطوير الصناعة الحربية... وإنكم أيها الشعب العراقي قد سلّمتم البلاد للأمريكان.... والله أعلم ماذا يقول المصريون والسعوديون والجزائريون والمغاربة و... و.... و....


ولكل هؤلاء كنت أقول، منذ بدء التسعينات ndash; في أعقاب حرب تحرير الكويت ndash; ولا أزال :... حسناً، خذوا صدام وأعطونا حافظ الأسد او الملك حسين او حسني مبارك او أي حاكم آخر.... وجربوا ان كنتم تستطيعون الاحتمال وقبل ذلك، كان ضابط كبير قد قال لي : انه فوجئ أثناء إحدى زياراته للأردن ان ضابطاً أردنياً كبيراً كان قد علّق صورة صدام في بيته الى جوار صورة الملك حسين، أيام الحرب العراقية الإيرانية... وتساءل ndash; بخبث ndash; إن كان بإمكانه ان يعلّق صورة الملك الى جوار صورة صدام في بيته... فأجبته بخبث أيضاً : لما لا يا سيدي! ولن ننسى ما تعرّض له الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد عندما مدح الشيخ زايد رحمه الله... كما لو انه ارتكب الخيانة العظمى.


لقد آن الأوان لأن تنتهي نبرة التشفي العربية بالعراقيين في كل مناسبة... لقد عانوا وتألموا كثيراً على أيدي صدام وسياساته الظالمة وحروبه الطويلة... واليوم يعانون الكثير أيضا من الاحتلال والإرهاب والانقسام الطائفي/السياسي ndash; والدكتاتور الرائع يتحمل مسؤولية رئيسية في ما وصلنا اليه في هذه الأوقات بالذات.


شوا جزءاً يسيراً جدا مما عاشوه منذ التحول الجمهوري... ليدركوا اليأس والحزن والشعور بالوحدة والتخلي الذي يملأهم بسبب سوء الفهم العربي المطلق.
وللحق فان الردود المختلفة على مقالي حملت وجهات نظر أحترمها وأقدرها، وخصوصا تلك التي تدافع عن الجزيرة وخدماتها الإعلامية، والتي يعتقدون انها لا تزال مهمة وضرورية... وهذا هو بيت القصيد في المقال : دور الإعلام وأهميته في حياتنا... أنا لم أنطلق من فراغ، بالفعل هناك تساؤلات حقيقة داخل أروقة الجزيرة، وستشهد أشياء جديدة وتغييرات أيضاً، خصوصا ًبعد ان انتفخت وتوسعت كثيرا لتصبح إمبراطورية إعلامية.

وفي هذه المناسبة، أرفع اقتراحاً الى إدارة إيلاف بعدم نشر التعليقات المغفلة... من يعلّق فليتحمّل المسؤولية، وليوقّع باسمه وعنوانه الالكتروني... ذلك أجدى وأنفع من رمي الكلام ndash; وخصوصا الجارح ndash; على عواهنه مجاناً... إذ تتحوّل معظم التعليقات الى اتهامات وشتائم وتحريض أحياناً... مثلما حصل مع مقال محمد موسى عن فلم quot;بوراتquot;.
لكن مصري وجد المقال فرصة لتمرير اتهاماته للعراقيين جميعا بالخنوع لصدام طوال 38 عام بكل أدب وهدوء وتوحد... لأن اثنين من العراقيين تناقشا بصوت عالٍ جدا وفوضوية وعنف... في برنامج تلفزيوني!


وللحق، أعترف، انني شخصيا، وكذلك الكثير من الأصدقاء والزملاء من المثقفين العراقيين، اننا بالفعل نتناقش ونتجادل أحياناً بهذه الطريقة العنيفة والفوضوية... للأسف. وقد حان الوقت لأن نقلل الانفعال والحدية في الكلام والمواقف وتبادل الاتهامات المجانية... وأن لا نسمح للقاسم وغيره من إعلاميي الفضائح والزعيق ان يستفيدوا من هذه الخصلة العراقية السيئة جداً... في النهاية، نشكر مصري على تنبيهنا الى هذا الأمر.

يوخنا دانيال