الظلم ظلمات يوم القيامة وكلمة الظلم مشتقة من الفعل( يظلم - ظلم ) ومعناها فى القرآن إنقاص حق من الحقوق الطبيعية لإنسان معين فى زمان معين ومكان معين وقد ذكر الله تعالى فى كتابه العظيم القرآن الكريم قوله تعالى فى سورة الكهف: (كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئأ) أى لم تنقص من الكمية الطبيعية التى إعتاد صاحب البستانين أن يجنيها من محصول فى كل موسم فمن يحرم إنسانأ من قول رأيه بحرية فى موضوع ما فإنه يظلمه ومن يسجن بريئأ دون سبب أو حجة قوية أو برهان مقنع فهو ظالم لأنه يسلبه حريته التى منّ الله عليه بها ومن يهن إنسانأ بالسب أو الضرب أو التجريح فهو ظالم ومن يغتاب إنسانأ فى شرفه أو رجولته أو ضميره أو ذمته فهو ظالم ومن يسلب مالأ أو عقارأ أو ارضأ أو دارأ من إنسان فهو ظالم ومن يقهر إنسانأ بسبب ما يملك من سلطة فيذله أو ينقص من قدره أو يحتقره أو يهن إنسانيته فهو ظالم.


ومن يتكبر على العباد ويتعالى عليهم بماله أو صحته أو جاهه أو سلطانه فهو ظالم ومن يعتقد أنه فوق الناس وقبلهم فى كل شىء فهو ظالم ومن يفرض على مضطر شروطأ صعبة وهو يعلم أنه سيقبلها مضطرأ بسبب شدته وحاجته وظرفه الصعب ووقته الراهن فهو ظالم ومن يتعد حدود الأدب مع الغير فى نقاش أو جدال أو كلام أو جيرة فى ارض أو بيت أو سفر فى طريق فهو ظالم وقال تعالى واصفأ من ينقص الله تعالى أعظم حقوقه وهو أن يعبد بلا شريك فقال عنه ( إن الشرك لظلم عظيم )، ثم قال ( ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوى به الريح فى مكان سحيق) ، لأن المشرك يعتدى على وحدانية الله خالق الكون فيعبد معه آلهة أخرى ليس لها أى حق فى هذه العبادة بل إنها مخلوق من مخلوقات الله العظيم مثل الحجر والشجر والبقر والنار والعجل والأموات والأضرحة وغيرها من الأوثان.


تخيلوا ايها السادة أن نظام الكفيل فى الجزيرة العربية يحمل كل أنواع الظلم التى ذكرتها آنفأ فالمغترب القادم للعمل فى الخليج يترك أهله ولا يحق له إستقدامهم إلا بعد وقت معين ولا بد أن يكون من أصحاب الكوادر العلمية كالمدرس والمهندس والطبيب ألخ 00أما العامل العادى فلا يحق له مطلقأ أن يستقدم أهله بحال من الأحوال، ثم تفرض على المغترب بنودأ من نار وساعات عمل لا يمكنه التقصير فيها ورواتب صغيرة لا تساوى يومأ واحدأ من غربته وذله وبعد ه عن الأهل والأحبة ويا ويله لو اختلف مع كفيله أو عصى أمرأ من أوامره أو قصر فى أداء جزء يسير من واجبه، وهناك آلاف الأمثلة لأناس ظلموا وهضمت حقوقهم وأكلت رواتبهم بيد السيد الكفيل المتكبر المتعالى على خلق الله سبحانه وتعالى وأعرف اشخاصأ كانوا يتقاضون جزءأ يسيرأ من رواتبهم طوال عامين والكفيل يؤجل دفع الباقى حتى نهاية مدة العقد فلا يفى لهم بحقهم ولا نصفه ولا ربعه ويضطرون للمغادرة دون أن ينبسوا بحرف رغبة فى العودة مهما كان الثمن، واعرف اشخاصأ آخرين يريدون نقل كفالتهم لكفيل آخر بعد أن ذاقوا الأمرين مع الكفيل الأول فيكون الرفض هو النتيجة الطبيعية وعندما يشكو المغترب مظالمه فى مكاتب العمل تطول المسألة بشكل يدعو المغترب لليأس من الحصول على حقوقه فتتحول أمنيته إلى مجرد موافقة الكفيل على سفره وعودته لبلده عن طريق تأشيرة خروج نهائى كلمة كفيل جاءت من الفعل(يكفل ndash; كفل ) وقد ذكرت فى القرآن العظيم فى عدة مواضع منها على سبيل المثال: ( ونادى مناد أيتها العير إنكم لسارقون، قالوا واقبلوا عليهم ماذا تفقدون، قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به كفيل ) سورة يوسف أى انا مسئول عن إعطائه حمل البعير عندما يكشف لنا عن سر إختفاء الصواع ومكانه يعنى الكفالة مسئولية الكفيل عن من يكفله.


وقال تعالى عن مريم البتول :
( وما كنت معهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم ) أى يكون مسئولأ عنها وعن الإنفاق عليها وتربيتها وتعليمها وتمريضها والإهتمام بكامل شئونها لأنها كانت طفلة صغيرة، كما قال تعالى على لسان أخت موسى حين رفض المرضعات وكانوا يبحثون له عن مرضعة فقالت أخته التى كانت تتابع تحركاته فى النهر وفى قصر الفرعون وتتحسس أخباره قالت لهم ( هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون )
أى تدلهم على سيدة ترضعه وترعاه وتهتم بطعامه وشرابه وصحته لأنه كان طفلأ لا يستطيع فعل شىء لنفسه
أى أن الكفالة تكون للشخص الحديث فى السن الذى لا يعرف مصالح نفسه ولا يستطيع القيام بأعباء حياته اليومية بمفرده إلا بمساعدة كفيل يكفله ويهتم به وبمصالحه وصحته وطعامه وشرابه وعلاجه ونومه ويقظته.
نظام الكفيل فى الجزيرة العربية يعتمد الصفتين السابقتين بمعنى أنه يتعامل مع الغريب كأنه فاقد للأهليه ولا يعرف مصالحه ويحتاج لمن يأخذ بيده وينصح له ويقف إلى جواره وإلى هنا والمعنى معقول حيث أن الغريب أعمى ولو كان بصيرأ كما يقول المثل المصرى ولكن الكارثة أن الكفيل يظلم المكفول فى معظم الأحيان ولا نقول فى كل الأحيان حتى لا ننكر وجود الطيبين وأصحاب النفوس الكريمة ولكن الغالب على نظام الكفيل هو الظلم وهضم الحق وانتقاص الكرامة الإنسانية لدرجة تجعل الغريب المكفول تدور به الدنيا ويلف حول نفسه ولا يجد منقذأ له أو مجيرأ غير مكاتب العمل وقوانينها المطاطة التى قد يهرب الكفيل منها شهورأ أو سنينأ عتدما يشكوه المكفول فى مظلمة معينة ويدفع المغترب شهورأ أو سنينأ من عمره بحثأ وراء حقه وقد بفلس بسبب عجزه عن الحصول عليه فيضطر للتنازل عنه بل ودفع مبالغ أخرى للكفيل من أجل نقل كفالته إلى رجل آخر يتوسم فيه المغترب خيرأ وقد يخيب ظنه ليكتشف صفات سيئة وبشعة فى الكفيل الجديد وقد يظلمه ويهضم حقوقه مرة أخرى فيسقط فى يده ويتوه المغترب فى حلقة مفرغة لا تنتهى من العذاب المهين.

يقول أحد المغتربين ( م. خ. م ) مصرى الجنسية:
سافرت على كفالة أحدهم فى دولة من دول الخليج وعملت لديه اربع سنوات وكان يعطينى جزءأ صغيرأ من راتبى أنفق بصعوبة على نفسى وأرسل لزوجتى مبلغأ صغيرأ كل شهر وكان يوهمنى أنه يوفر المبلغ لى وكلما طالبته بكامل راتبى قال لى إنت مخونى وما مآمن لى ياخى؟ فأحرج منه وأضطر للصبر أملأ فى صدقه، وفى نهاية المدة كان لى عنده خمسون ألفأ وبدأت أطلب حقى وهو يزوغ منى ويموه ويتحجج بحجج واهية وعرفت أنه لا يريد دفع الحق وشكوته عند معارفه فلم يعبأ بهم ثم أخيرأ لجأت لمكتب العمل الذى لم ينصفنى لمدة عام كامل بسبب المماطلة من الكفيل وتحضير أوراق وهمية يثبت بها حصولى على أكثر من حقوقى ثم وصل به الأمر لتهديدى بتلفيق جريمة لى تتسبب فى سجنى إلى الأبد فلا أعود لأهلى مدى الحياة، وأخيرأ بعد سماع نصائح الأصدقاء عملت معه مصالحة ووقعت على أننى استلمت كافة حقوقى فى مقابل أن يسمح لى بتأشيرة خروج نهائى ويعطينى جواز سفرى لأعود إلى أولادى صفر اليدين بلا مال وبلا صحة ونفسيتى محطمة ولأننى ليس لى وظيفة فى مصر فلا أدرى ماذا أفعل هناوشعرت أننى أمام شخص منهار يفضل الموت على الحياة فلا هو منصوف فى وطنه ولا منصوف فى غربته، بالله عليكم ماذا يفعل هذا الإنسان أيها السادة؟؟
ألا يمكن لأصحاب الأيادى البيضاء النقية وهم بالفعل موجودون فى دول الخليج ولا يمكن إنكار فضلهم أن يتقدموا بلوائح تلغى نظام الكفيل وتعيد للمغتربين حقوقهم وتحترم آدمية الإنسان وكرامته وتقدر أنه خارج من وطنه بحثأ عن لقمة عيش حلال تاركأ كل أحبابه وأبنائه وأهله زارفأ دمعأ غزيرأ على فراقهم مسافرأ متوسمأ خيرأ فيمن يسافر إليهم فتقابله طامة الكفيل وأخلاقه وشروطه وتعسفه وأحيانأ قليلة جدأ يكون الكفيل رجلأ طيبأ وهذا وارد طبعأ، ولكننا نبحث عن تشريع يحفظ حقوق المغتربين ويحترم آدميتهم وكرامتهم، فهل إلى سبيل من خروج؟؟؟


Hassan Ahmed Omar
egyptian writter