ان مجيء عبدالله غول، رئيس الجمهورية الحالي، بدعم من الاسلام الكردي لسدة رئاسة الجمهورية، وإدعاءات حزب العدالة والتنمية للديمقراطية المزيفة التي تمثل فقط مصالح العسكر والاسلام السياسي المتناقضة فيما بينهما، وهما يلتقيان فقط في نقطة واحدة ومشتركة وهي انكار الهوية الكردية تحت شعار حقوق المواطنة في اطار الديمقراطية التركية. ان هذه السياسة العنصرية لا تغير من الموقف، تجاه مطاليب الكرد العادلة، وهي الاعتراف بالهوية الكردية وحقوقهم القومية المشروعة.
ان أردوغان كان يناور منذ بداية الانتخابات على القضية الكردية ويستغلها لاغراضه السياسية، واظهاره بالاستعداد لحل المعضلة الشائكة للكرد، ثم اشارته الى ان الادارة العسكرية هي التي تقف عائقا دون حل هذه المشكلة. ان هذه المناورة تعد خطوة تكتيكية لكسب الاصوات وغش الاسلام الكردي بإسم الدين والديمقراطية التركية الرسمية المزيفة، التي تساهم في زرع الحقد والشقاق بين المجتمع التركي بكافة مكوناته القومية وطوائفه الدينية، وانكار وجود القوميات الاخرى، وتصفيتهم بقوة السلاح اذا اقتضى الامر كما هو الحال مع الكرد. ان حزب العدالة والتنمية تمكن من استغلال الدين لدى الكرد الجهلة وكأنهم يعيشون العصر الاسلامي والعثماني،وهذا يأتي كنتيجة للسياسة التركية التي ركزت علئ الثقافة الاسلامية وبناء الجوامع بدلا عن المدارس في كردستان الشمال.
ان اساليب اردوغان الديماغوجية والبهلوانية التي تمثل وجهة نظر المسلم التركي العنصري، تدخل في خانة التآمرعلى المسألة الكردية، والاستغلال السياسي لدور الفئات الدينية من الكرد ومشايخهم ودراويشهم، وخاصة الاطراف النقشبندية وجمعياتهم الخيرية منها، وشراء ذممهم بالمال والمواعيد الفارغة. ان هذه الزمرة الدينية كانت ولا زالت في خدمة الايديولوجية الاسلامية والرسمية في محاربة الافكار التحررية والهوية القومية للشعب الكردي.
في واقع الأمر لم تستوعب هذه الزمرة من المشايخ والدراويش والجهلة من الكرد، أن هؤلاء quot;الاخوةquot; من حزب العدالة والتنمية المتطرفين والمتعصبين لقوميتهم الطورانية والعنصريين تجاه القوميات الاخرى، ومن سبقهم من الاتاتوركيين والاسلام التركي، هم الذين اضطهدوا وأهانوا وقتلوا الشعب الكردي الى حد الابادة، وكانوا سببا في تقسيم كردستان.ان أردوغان سيس الاسلام، وجعل منه مدرجا للوصول الى أهدافه ولو كان ذلك على حساب الحقيقة والاخلاق ومبادئ الديمقراطية والشريعة الاسلامية ولكن الكرد الاسلامي الجاهل بقي في خدمة الآخرين.
ان هذه الاطراف الكردية النائمة تحت غطاء الدين و المرتبطة بالاسلام المتخلف، ينتمون الى مدارس صوفية، يمثلون واجهة بين المجتمع الكردي لوجه سياسي غشاش، ألا وهو المسلم الكذاب رجب طيب أردوغان وحزبه ــ حزب العدالة والتنمية ـ. ان السياسة العنصرية للدولة التركية بقديمها وجديدها لن تتغير في ايديولوجيتها تجاه الكرد، في صهرهم في البوتقة الاتاتوركية، ولتحقيق هذا المخطط اعلنت حكومة أردوغان بدعم من اجهزة الدولة خطة شاملة مؤلفة من 60 مادة لمكافحة حزب العمال الكردستاني والحركة التحررية الكردية ومن أخطر هذه المواد: : زيادة عدد المدرسين بالمناطق الكردية لاجل نشر اللغة والثقافة التركية وللتركيز على عنصر الوحدة الوطنية ومكافحة افكار الانفصال وquot;الانفصاليينquot; في البرامج الدراسية.الاهتمام بالاطفال المشردين والفقراء منهم، وحشدهم في مجمعات سكنية والاشراف عليهم وتربيتهم تربية اسلامية وتركية وغسل دماغهم، خوفا من ان ينقلبوا الى بشمركة المستقبل وجند كردستان. الاهتمام بشؤون المجمعات للنازحين في الميتروبولات التركية بهدف اندماجهم في المجتمع التركي( الاتراك ).
ان سياسة أردوغان تتجه الى خلق مستنقع ديني متخلف ومتطرف في المجتمع الكردي ليكون حاجزا مانعا أمام توسع أفكار حزب العمال الكردستاني في الحرية والديمقراطية والذي اخذ على عاتقه الدفاع عن حقوق الكرد وهويتهم القومية في كردستان الشمال الى حين حل المسالة عن طريق الحوار والمفاوضات.
بعد ان استغل أردوغان من خلال تصريحاته النارية ضد فيدرالية كردستان الجنوب ومواقف رئيس الاقليم مسعود البرزاني تجاه حزب العمال وبالاخص جعجعته حول مشكلة كركوك والموصل، ثم طاحونة الحرب القذرة ضد حزب العمال والحركة التحررية في كردستان الشمال في خدمة الدعاية الانتخابية، وحصوله على الاكثرية في البرلمان، ووصول تلميذه غول لرئاسة الجمهوري، يأتي الآن بالتلاعب على المجتمع الكردي، وتنفيذ مخطط جهنمي لشق صف الكرد، في محاولة لدعم الصوفيين والمشايخ، وتنظيمهم في جبهة اسلامية كردية متطرفة لتنفيذ أغراضه السياسية، والايقاع بين الاطراف الكردية.
ان مخطط أردوغان لتحويل المعركة بين العلمانيين الكرد والمتدينين المتخلفين من الاسلام الكردي، مدعوم من الملالي الايراني، والنظام البعثي العلوي السوري. ان سياسة هذه الدول تتجه نحو تمزق المجتمع الكردي سياسيا كما هو الحال في المجتمع الفلسطيني الذي تحول الى كتلة العلمانيين وكتلة المتدينين المتطرفين، وكلاهما مرتبطان بالخارج، دون ان يكون لهم استقلالية في العملية السياسية، وهذا الموقف يعرض مستقبلهم وكيانهم للخطر والتورط في حرب داخلية بين الاخوة.
هناك مؤشرات عديدة من قبل الدول الاقليمية وعلى رأسهم حكومة أردوغان لتنفيذ هذا المخطط على المجتمع الكردي :
1 ـ دعم النظام الملالي الايراني للمتطرفين الكرد أمثال أنصار الاسلام، للقيام بالاعمال الارهابية وخلق الفوضى الامني في كردستان الجنوب.
2 ـ بناء مؤسسات دينية بأموال من دول الخليج في اقليم كردستان العراق، من اهمها كلية الشريعة التي بنيت بأمول سعودية. ان هذه المشاريع أدت الى نشاط متزايد للأحزاب الكردية الاسلامية، وأصبحت بؤرة لتجمعات الاسلام الكردي وخطرا على أمن حكومة الاقليم، مما اضطرت الى اغلاقها.
3 ـ اختطاف وقتل المرحوم الشهيد معشوق الخزنوي تحت التعذيب الجسدي، شاركت في تخطيط المؤامرة الاجرامية كل من المخابرات التركية والسورية، وتم تنفيذها بأياد من عصابات النظام السوري. ان الشهيد الخزنوي كان يملك القدرة للتوفيق بين البعدين الديني والقومي العلماني،يتبع نهجا ليبراليا معتدلا وديمقراطيا. كان همه الاول ان يخرج المجتمع الكردي من مستنقع التطرف الديني المتخلف، وان ينقذ الحركة الكردية من المدارس الدينية الصوفية المتعصبة، والمنتشرة في تركيا وجنوب كردستان بالاخص منها الصوفية النقشبندية.
4 ـ انتشار حلقات دينية في المناطق الكردية لتعلم القرآن مجانا، ويقوم بالدعاية لهذا المشروع بعض رجال الدين الذين باعوا دينهم ودنياهم للنظام السوري.
5 ـ نشر دعاية التشيع بين اكراد سوريا عن طريق المخابرات الايرانية واقناع البسطاء بالمذهب الشيعي لقاء دفع بعض الدولارات.
6 ـ ان حزب العدالة والتنمية ينطلق من ايديولوجية الاسلام العثماني وتجميلا لذلك سمي بالمعتدل،انه يسيس الدين على اساس وجود عامل مشترك بين الكرد والترك وبقية القوميات والطوائف الدينية، ويقصد بذلك شمولية الفكر الاسلامي،على اعتبار الاسلام يعني أخوة في الدين والدنيا والآخرة، والغاية من ذلك نكران هوية الكرد ولغتهم وعاداتهم.
7 ـ استغلال الظروف الاجتماعية والمعاشية ( الجهل، الدين، الفقر ) ليميلوهم الى مجتمعهم الاسلامي التركي ويوجهونهم لاغراضهم السياسية.
8 ـ ممارسة سياسة التتريك للحكومة التركية والادارة العسكرية ضمن اطار عزل الشباب الكردي المنحدرين من العوائل الفقيرة والاطفال المشردين عن مجتمعهم ووضعهم في مجمعات سكنية تحت اشراف المخابرات والاسلام التركي المتعصب. الهدف من هذا البرنامج هو تغيير البنية الاجتماعية لهؤلاء عن طريق التربية الاسلامية المتطرفة ليقضوا بذلك على الشعور القومي لديهم، وابعادهم عن الحركة الكردية التحررية العادلة. الأمر يتعدى هذا الحدود ووصل الى درجة غير اخلاقية في دفعهم للعمل في اجهزة المخبابرات للتجسس على الوطنيين الكرد، او في صفوف حراس القرى الذين يقومون بعمليات التخريب والاجرام والقتل في كردستان، او ارسالهم الى جبهة الحرب الامامية.
ان الحرية والعدالة والمساواة وحق تقريرمصير الشعب الكردي لا تأتي من ديمقراطية المحتل لكردستان بل بالوحدة والتضامن والتضحية المشتركة والتنازل عن المصلح الحزبية والاقليمية، كل الحركات التحررية ابتدأت بالنضل المسلح مدعومة بالفعاليات السياسية.
هناك أطراف كردية سياسية مرموقة وذات شأن كبيرفي الحراك السياسي والامني والاقتصادي تندد بالحركة التحررية المسلحة وترفض النضال المسلح، وتقول لقد مضى هذا العهد ولم يبقى سوى العمل السياسي. ألم تدرك هذه الشخصيات المرموقة التي تستلذ الآن بالسيادة بأنها وصلت الى السلطة على حساب عشرات الآلاف من الضحايا من أبناء الكرد في حرب الابادة التي شنتها المجرم صدام حسين، وكيف يكون الحل السلمي مع المسؤولين الاتراك الذين لم يحترموا العلاقات الدولية وحسن الجوار ولم يقدموا حتى الآن دعوة رسمية لرئيس جمهورية العراق السيد جللالطالباني، ورئيس اقليم كردستان السيد مسعود البرزاني من أجل تحسين العلاقات وبحث القضايا المعلقة، والتشاور حول المسألة الكردية في تركيا وحلها بالاسلوب الديمقراطي، وعن طريق المفاوضات مع الحزب العمال الكردستاني وبقية الاحزاب الكردية ومنظمات المجتمع المدني.ماذا تقول تلك الشخصيات لتلك الدول التي تقصف قرى كردستان العراق والتي تقوم بسياسة الارض المحروقة والارهاب بحق الشعب الكردي والقتل والاعتقال الكيفي والاختطاف في الاجزاء الاخرى من كردستان؟، الكرد ليسوا ارهابيون ولكنهم يعانون من ارهاب تلك الدول. اذا تمكنت هذه الشخصيات ان تحل مأساة الكرد بالاسلوب السياسي فليتفضلوا بكل احترام لعقد مؤتمر للدول الاقليمية التي تحتل كردستان واجراء المفاوضات معهم لحل المسألة الكردية، ان الكرد ليسوا من عشاق الحروب وسفك الدماء الا اذا فرض عليهم الاعداء. ان الشعب الكردي سوف يواحه بوحدة ارادته أي اعتداء تركي غاشم على كردستان العراق، ويقف له بالمرصاد.
اناشد جميع الاحزاب الكردية ان تكون في حالة اليقظة وأن تأخذ بعين الإعتبار وعن جدية وقناعة تامة، بأن المؤامرة التي تتزعمها الاسلام المعتدل في تركيا، والنظام الملالي المتطرف في ايران رغم تناقضاتهما المذهبي والسياسي، موجهة ضد الكرد في جميع اجزاء كردستان، لخلق الفوضى الامني والجبهات السياسية المتضاربة بين الاحزاب والقتال الداخلي بين أبناء الشعب..
الحل الوحيد للمسألة الكردية هو الوحدة والتضامن وجمع شمل الاحزاب الكردية ومنظمات المجتمع الوطني في جبهة وطنية كردستانية لاجل تنسيق العمل المشترك للحراك السياسي من خلال استراتيجية موحدة والدفاع عن حقوق الشعب ومواجهة كل اعتداءعلى شعبنا، والدخول في مفاوضات سياسية على المستوى الاقليمي والدولي لحل المسألة الكردية.
طبيب وباحث كردي ـ المانيا
التعليقات