ما تفتأ النخبة الايراتية الحاكمة فى طهران ومناصريها تؤكد ان ايران هى دولة اسلامية تنطلق سياستها من البعد الدينى المناصر للمحرومين و للمظلومين فى الارض فى مواجهة مملكة الشياطين التى يقودها الشيطان الأكبر الولايات المتحدة الأمريكية. ولكن المراجعة الدقيقة للسلوك الايرانى تجعل تلك المقولة محل نظر. حيث لاحظ المراقبون والنقاد ان هناك خطا مستمرا ثابتا لا يتغير بتغير الحكومات والعهود فى طهران منذ قيام الثورة الايرانية عام 1979. وهذا الثابت المستمر يتمثل فى ان النخبة الحاكمة تتصرف وكأنها دولة اسلامية تمثل المرجعية الايديولوجية عنصرا مهما من عناصر التأثير على السياسة الخارجية الايرانية ةولكن المؤثر الرئيسى والحاسم فى تلك السياسة الخارجية هو البعد القومى. ومن هنا يمكن تفهم صدور دعوات من أحد قادة النظام الايرانى تطالب بعودة دولة مستقلة ذات سيادة عضو فى الامم المتحدة وهى البحرين اليها، كجزء من الأراضى الفارسية، ومن ثم فأن ايران تنطلق من منحى قومى، حتى تحالفاتها ليست اسلامية بالضرورة بدليل تعاملها مع الولايات المتحدة الأمريكية فى حرب الخليج الأولى، بل وتعاملها مع اسرائيل، ونلاحظ أن تحالفها الرئيسى فى المنطقة مع سوريا التى يحكمها حزب البعث السورى وهو حزب علمانى.

كما أن الخطاب السياسى الذى يستخدمه الرئيس احمدى نجاد ( الذى يمثل التكنوقراط المتحالفين مع رجال الدين والممثليين لطلائع تطوير ايران والمدنيون الأوفياء للمذهب الشيعى ) هذا الخطاب السياسى العالى النبرة والذى يعلى من شعارات المقاومة ضد اسرائيل والولايات المتحدة والحملة الدعائية الضخمة التى يتزعمها، لا تنطلق من منطلق اسلامى، انما منطلقها أن اسرائيل تمثل خطرا على ايران، ومن دلائل المرتكز القومى الطائفى لايران هو دعمها للشيعة فى القضاء على السنة العراقية ولذلك فان مصالحنا كعرب تختلف مع المصلحة الايرانية لأن الأخيرة تستهدف ألا تقوم قائمة للعراق حتى تحمى حدودها من كل الجوانب. كما تنظر إيران إلى العراق باعتباره الساحة الخلفية لها، وقد حلت الآن محل الولايات المتحدة كقوة ذات نفوذ كبير هناك. وهو ما يتيح لها أن تلعب دوراً رئيسياً فى رسم مستقبل العراق. وعندما يتحدثون عن ايران يصفونها بالقوة الاقليمية العظمى، هم لا يتحدثون عن شراكة اقليمية بل يتحدثون ويعنون نظاما اقليميا يكون لهم فيه اليد العليا فى السيطرة والهيمنة أو القوامة عليه ! كما أن قطاعاً عريضاً من النظام الحاكم يقاسم الرئيس الايرانى اعتقاده الشديد بأن إيران هى محور الارتكاز فى منطقة عريضة من الشرق الأوسط، وبإمكانها المحافظة على مواقع مستقلة ثابتة. ويدعم نظرتهم هذه فى انهم المستفيدون الرئيسيون من الحرب على الإرهاب فى منطقة الشرق الأوسط. فقد أزالت الولايات المتحدة بمساعدة حلفائها حكومتين إقليميتين كانتا منافستين لإيران، وهما حركة طالبان فى أفغانستان فى نوفمبر 2001، ونظام صدام حسين فى العراق فى إبريل 2003.

ولكنها فشلت فى إحلال محلهما نظاماً سياسياً مستمراً ومستقراً فى كل من البلدين.
وهذا ليست دعوة للعداء مع ايران الدولة المسلمة الجارة الموجودة جغرافيا فى المنطقة ولكن يستهدف القول اننا كعرب تختلف مصالحنا مع ايران فى امور كثيرة وتتفق مصالحنا فى أمور أخرى لذا من المهم عمل تقدير موقف حقيقى وعملى من ايران و بناء على تحديد المصالح والأهداف ثم التعامل مع القضايا المختلفة بشكل واقعى.


د. عبدالعظيم محمود حنفى

باحث متخصص فى النظم السياسية