لا أدري من ساعد وليد جنبلاط على قراءة أسرار الدول ليستنتج أن الولايات المتحدة تقدم طعوماً لبنانية لإغراء سوريا لأن تنفصل عن دائرة النفوذ الإيرانية. بفعل قراءاته الخاطئة يريد جنبلاط أن يسبق الإدارة الأميركية فيتصالح مع أنصار سوريا في لبنان ويتنازل عن كل المبادئ التي تمسك بها مؤخراً وتشدد في أن يبقى في ذات الموقع المبدأي القاطع من عملاء المحور السوري الإيراني كما كان يصف. الشعب اللبناني صدق مثلي تصريحات وليد بك ليس لسبب آخر سوى لاعترافه بالجبن والتخاذل إبان الوصاية السورية وأنه لم يستطع أن يكون بشجاعة وصلابة والده شهيد لبنان الكبير كمال جنبلاط. صدقناه بعد أن اعترف بجبنه وتخاذله وافترضنا أنه لن يعود أبداً كما كان حتى وإن لم يعترف بأن جبنه وتخاذله إزّاء سلطة الوصاية هما ما أودى بحياة شهيد لبنان الكبير الآخر رفيق الحريري عندما أشار عليه لدى عودته من زيارته الأخيرة الشهيرة إلى دمشق بأن يستجيب لرغبة بشار الأسد في التمديد للحود ثم يستقيل. كانت تلك الإستشارة الجبانة وغير الحكيمة هي ما أودى بحياة الحريري إذ لو كان وليد بك يتحلى بشجاعة المواجهة لنصح الحريري بعدم التجديد وبكشف تهديدات الأسد علانية للصحافة ووسائل الإعلام في مؤتمر يعقد حال عودته. لو تم ذلك ما كانت المخابرات السورية لتجرأ على اغتيال الحريري.
جنبلاط اليوم يسابق الأميركان ـ كما يعتقد ـ في تسليم أمور لبنان مرة أخرى إلى المخابرات السورية. ولذلك طلبت المخابرات السورية من رجلها نبيه بري نقل الحوار من عين التينه إلى الرابيه ومن نبيه بري ـ سعد الحريري إلى الجنرال عون ـ وليد جنبلاط. للمخابرات السورية تجارب سابقة مع وليد بك وقد تناسى دماء والده تحاشياً للمواجهة! وهي تأمل أن تأخذ منه ما لم تأخذه من سعد الحريري.
إدراكاً منا لسوء قيادة جنبلاط للحزب التقدمي الإشتراكي قبل اللقاء الديموقراطي وجرّه جسماً كبيراً من تحالف 14 آذار للتصالح مع النظام السوري وأزلامه في سوريا ووعوده التراجعية بقبول سلاح حزب الله إلى ما شاء حزب الله وكذلك تغريب المحكمة الدولية، إزّاء كل ذلك نتوجه إلى نباهة ووعي مروان حماده وشجاعة وائل أبو فاعور أن يردعا جنبلاط عمّا ينوي القيام به ويعود إلى ما كان عليه في الموقف المبدأي، موقف المواجهة السابق.
إن ظنون جنبلاط في الموقف الأميركي ليست في مكانها وليس أدل على ذلك من تحذيرات بوش بالأمس لسوريا بخصوص اغتيال شهيد الجيش فرانسوا الحاج. الحرية والديموقراطية في لبنان أصبحتا جوهرة السياسة الأميركية في الشرق الأوسط إذ قدم الأمريكان أثماناً غالية لإقامة الحرية والديموقراطية في العراق دون أن يحققوا نجاحاً كبيراً. أما الحرية والديموقراطية في لبنان فلم يكلفا أمريكا شيئاً يذكر فكيف يبيعونهما للسوريين؟! وهل هما من صناعتهم ليبيعوهما؟؟ إنهما من صناعة الشعب اللبناني وملكه ولن يستطيع أحد بيعهما!!
نناشد القوى الثورية في الحزب التقدمي الإشتراكي أن يمنعا وليد بك من التقدم على طريق quot;التسويةquot; التي هو نفسه قد ساواها بالخيانة الوطنية. نخشى حقيقة أن سياسة التخاذل تودي مرة أخرى بحياة قائد كبير من قادة لبنان الأحرار هو وليد بك نفسه. هل يملك الوليد في مكتبته ديوان الشاعر أمل دنقل؟ ليقرأه إذاً!
عبد الغني مصطفى
التعليقات