أظهرت استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة أن شعبية الرئيس الأمريكي quot;جورج بوشquot; قد حققت أدنى مستوياتها في الشهور العشر الأخيرة وبذلك يتساوى مع الرئيسين السابقين quot;ريتشارد نيكسون،هاري ترومانquot; في تدني شعبيتهما لعشرة شهور متتالية مع احتفاظ الرئيس الحالي بفرصة الانفراد بالرقم القياسي إذا حافظ على هذا المستوى المنخفض في الأشهر القادمة..
إن وجود مراكز استطلاعات الرأي من الأمور الهامة جدا على المستوى البحثي والمعرفي والشعبي أيضا وتعتبر نتائجها ذو دلالة قوية لأحداث وتوقعات سياسية كبيرة إلا أننا نفتقدها تماما ndash;عن قصد- في وطننا العربي،، فإذا تحدث كاتب ما عن تدن في شعبية الحاكم رد عليه حملة المباخر وضاربي الدفوف مدعين أن شعبية الحاكم في ارتفاع مستمر وأنها تتناسب طرديا مع طول عمره فكلما طال عمره زادت شعبيته ويستدلون على ذلك بمشهد الجماهير التي تخرج في استقبال أو وداع الحاكم بينما الحقيقة أن هذه الجماهير تخرج للفرجة على الرئيس وليس تأييدا أو دعما له!
وفي الغالب يحرص البعض وأنا منهم على محاولة استطلاع آراء الجماهير من خلال مراكز الاستطلاع الشعبية والمفتوحة للجميع سواء من خلال وسائل الانتقال العامة أو quot;الطوابيرquot; المتعددة التي يقف فيها المواطن البسيط خلال مشوار حياته اليومي للحصول على الغذاء أو لقضاء أمر يخصه في وزارة ما أو جهة حكومية فهذه التجمعات المفتوحة للجميع تعتبر في وطننا العربي أصدق مراكز الاستطلاع لمعرفة آراء المواطنين..
يتميز الشعب المصري بالعاطفة الشديدة تجاه حاكمه سواء لأنه ينتمي إلى شعوب البحر المتوسط التي تتميز بعاطفتها المفرطة أو من خلال موروثه الفرعوني الذي يمجد الحاكم ويفرض عشقه والهتاف بحياته.. وبالرغم من ذلك إلا أن شعبية الرئيس مبارك ndash;للأسف-آخذة في الاقتداء بشعبية الرئيس الأمريكي في شهوره الأخيرة فالمشاكل اليومية التي يعيشها المواطن منذ صباحه الباكر إلى مساءه الساهر أكبر من عاطفته وموروثه كما أن الرئيس نفسه مسئول عن ذلك سواء بموافقته على تصرفات المحيطين به من وزراء حكوميين ومسئولين حزبيين أو عدم قدرته على تغييره وكذلك مع إحساس المواطن بهبوطه درجة أو أكثر في اهتمامات الرئيس.. فإذا أراد المواطن وبصدق التعاطف مع الرئيس يواجهه هذا الكم الهائل من المعاناة فيرتد سريعا إلى الطرف الآخر مستاء ومخذولا
ومع تنامي إحساس النظام بعزلته في الأعوام الأخيرة وقع في خطأ كبير حين أساء استخدام الدين وجعله في خدمة أهدافه ومخططاته وأراد التأثير على المواطن من خلال الدين فأصبحت أحاديث رجال الدين وفتاوى شيوخ الأزهر موضع شبهة دائمة لدى المواطن فتارة تخرج الفتاوى تحرم عادات اجتماعية وثانية تحلل شبهات اقتصادية وثالثة تبرر تجاوزات أمنية وفى كل الأحوال لا يمكن للمواطن البسيط أن يفرق بين مطلقي الفتاوى وبين النظام ورئيسه فحدث الصدام بين موروث المواطن الديني وعقله وقلبه من ناحية وبين موروثه الفرعوني من جهة أخرى
وكل ما يتمناه المواطن بحب وصدق أن يتنازل الرئيس مبارك عن السباق مع الرئيس الأمريكي تاركا له فرصة الانفراد بالرقم القياسي فهل يستجيب الرئيس لإحساس وشعور وحب المواطن البسيط ؟

كاتب وطبيب مصري
mmlotfy56@ hotmail.com