أكثر ما يدهشني في بيروت هو قدرتها (العجيبة )على احتضان الغريب،ويدهشني أكثر هو قدرة أبنائها (الأعجب )على الرحيل والهجرة والاختلاط في المجتمعات الأخرى.

فبيروت ظلت حضنا للمبدعين العرب الذين وجدوا فيها مناخ الحرية الذي يحتاجه ابداعهم،بل انها أيضا احتضنت بعض من (خربوا بيتها )وظلت ترمم نفسها وتحتضن الجميع بلا شروط،هذه لبنان أما اللبناني فلديه قدرة على الهجرة وتجد أبناء هذا البلد الصغير منتشرين في أرجاء المعمورة من الخليج الى باريس الى كندا الى دول أميركا الجنوبية ليبثوا روح لبنان أينما رحلوا ويغزلوا الكثير من قصص النجاح أوعلى الأقل لم يكونوا يوما مصدر ازعاج لأحد.

قدرة بيروت على احتضان الغريب
وقدرة أبنائها على الرحيل
يجعل من هذا البلد الصغير بلدا بوسع الكرة الأرضية

*********

لبنان مهدد بالتحول الى غابات من الاسمنت،هذا ما ألاحظه بعد كل زيارة،جمال سويسرا وخضرتها ليس وليد المصادفة وانما نتيجة وعي وقوانين صارمة تجرم قطع الأشجار وتنظم البناء،فالجمال الذي يمنحه الخالق يستحق التقديروالحس بالمسؤولية بدلامن الخضوع لاغراءات الربح المادي السريع.

**********
من تشويه جمال لبنان الى تشويه جمال اللبنانيات،فلا تخلو بناية في لبنان دون أن يكون فيها طبيب تجميل و(ترميم !)والبنوك اللبنانية تقدم القروض والتسهيلات للراغبات باستنساخ أليسا ونانسي عجرم
والنتيجة؟
آلاف الفتيات اللبنانيات اللواتي خرجن من مكائن (الفوتوكوبي )بعد توحيد مقاسات الحواجب والأنوف والشفاه والصدور،ناهيك عن ابر البوتوكس التي أزالت ما في الوجه من تجاعيد وتعابير أيضا.
دعوا الخلق للخالق وقليل من التجاعيد التي ترسمها ريشة الزمن على البشرة أجمل بكثير مما نراه من نتائج هذه العمليات.

**********
في طريق عودتي من (فاريا )فوجئت بالسائق الذي شاهدته أول مرة ولآخرمرة يقرع بابي بعد أن أوصلني بنصف ساعة،فبعد عودته الى بيته اكتشف أنني نسيت كاميرتي الديجيتال في سيارته وأعادها لي.
لم أصادف مثل هذا الموقف الا مع التاكسي اللندني الأسود،فاللبنانيون يدركون جيدا أن بلدهم قائم على الخدمات والضيافة وهي نفطهم وثروتهم فيعرفون كيف يجعلون الغريب يحب بلدهم.

**********
أن تجلس في مقهى وتسمع صوت المؤذن الجميل وهو يصدح الله أكبر
ثم تسمع بعده بدقائق صوت جرس الكنيسة
هذه هي بيروت.


********
غادرت الرياض الى بيروت وأنا قلقة ومترددة
وتركتها وأنا متفائلة
فطاقة هذه المدينة على الحياة ستظل دائما أكبر من قدرة أعدائها على قتلها

ريم الصالح

[email protected]