يتعرض الدستور الجزائري قريبا إلى عمليات تجميل جديدة لتقدمه في السن وبروز تجاعيده وقبح منظره أمام عامة الجزائريين ودول العالم ونظرا لأشياء أخرى إن علمتموها تسُؤكم.
الدستور رضخ لمشرط الجراحين، صانعي القرار في 1976 (عهد الرئيس هواري بومدين ) ثم في 23 فيفري 1989 (دستور الرئيس الشاذلي بن جديد) حيث تعرض إلى عملية إزالة التجاعيد بفضل تقنية البوتوكس بينما لم يكن العالم العربي ولا العالم الثالث يعرف شيئا عن هذه العملية ولا حتى بيروت التي تتباهى بانتشار عمليات التجميل.
بفضل تلك العملية دخلت الجزائر مرحلة التعددية السياسية فأصبح هناك قانون لتسيير الأحزاب التي تعدى عددها الستين-هنا أتحدث عن السياسية وليست القرآنية- ودخلت الصحافة عهد الحرية وأصبحت تمارس النقد، ولم يسلم أي مسؤول لا في السلطة و لا في المعارضة من كتابات الصحافيين التي تناولت بالنقد حتى المقدس في الجزائر أي جنرالات الجيش. انبثق عن هذه التجربة الوليدة حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ الذي اكتسح الانتخابات البلدية ثم البرلمانية وأوقف أصحاب القرار المسار الانتخابي (11يناير 1992) وفرضوا حالة الطوارئ إلى يومنا هذا، حيث نعيش الذكرى السادسةعشرة.
تعرض الدستور إلى عملية تجميل جديدة (1996 في عهد الرئيس اليامين زروال) ليعطي مصالح الرئاسة صلاحيات أكبر على حساب سلطة البرلمان خوفا من تكرار تجربة جبهة الإنقاذ، فعادت التجاعيد إلى وجه دستورنا المصون رغم بعض العمليات الترقيعية كزرع الشعر ونتف الحواجب، وعاد منظره إلى القبح فسمُن وترهّل فانطلقت بعض الأصوات تنادي بشفط دهونه وتجميله مجددا رغم شيخوخته المبكرة فهو من مواليد عام ثلاثة وستين إلا أنه بدا متعبا مرهقا يقزز الناظرين لأنه وُلد ولادة قيصرية وأُدخل في علبة زجاجية وتنفس الأوكسجين الاصطناعي مدة عامين ( 63-1965).
عملية شفط الدهون قال عنها الجراحون إنها ستمكّن الدستور من إعطاء الرئيس مزيدا من الصلاحيات لمحاربة اللوبيات الفاسدة التي تنخر الاقتصاد الوطني وتتلاعب بمصير الشعب. لكن المصيبة أن الجراحين يأملون في إجراء عملية تكبير الثديين ونفخهما بمادة السليكون ليُطلا على الملأ مدة خمس سنوات أخرى!
وبما أن الدستور مذكر وليس مؤنثا فإن الشعب الجزائري الثوري يرفض الشواذ، ولا يمكن أن يقبل بهذه العملية حتى وإن حاول الوصوليون في صحافة البلاط وأحزاب الاسترزاق إيهامه بأن هذه العملية تدخل في إطار مواكبة العصر ومواجهة التحديات.فالصدر الطبيعي وإن لم يتماسك مدة عشر سنوات ولم يظهر بمظهر حسن لا يمكنه أن يستمر خمسة عشر عاما بمجرد عمليات ترقيع.
تجارب الدول المتحضرة تقول إن جسم الدستور يتكيف مع متطلبات الشعب ومع متغيرات العصر وعندما يمرض ويشيخ فالحل هو التداوي الطبيعي بتغيير السلوك بطريقة جذرية وذلك بممارسة الرياضة الفكرية والإقلاع عن الإدمان على تناول المحرمات و فعلها، وهذه المتطلبات يمكن ممارستها والتعود عليها شرط الإقرار بالخطأ و إلا فإن البديل موجود، يقول تراثنا إن آخر الدواء الكي.
سليمان بوصوفه
التعليقات