quot;.. لبنان ليس دولة فاشلة، بل هو لا دولة تجلت حالتها الخاصة في يوليو واغسطس 2006 حينما اغرق ldquo;حزب اللهrdquo; لبنان في 34 يوما من العنف الهائل،quot;.. هذا ما استنتجه الخبير الدولي فريدرك هوف مشددا علىquot; ان لبنان اثبت قبل العراق بوقت طويل ان الانتخابات الحرة لا تصنع دولة ديمقراطية في هذه المنطقة من العالمquot;.
وقبل ايام قليلة حذر وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل من ان تؤدي الازمة الرئاسية في لبنان الى اشتعال الحرب الاهلية التي اصبحنا على بعد خطوات قليلة منها ،اثر احداث الاحد الدامي التي يقف ورائها حزب الله وحركة حامي مفتاح الصندوق النيابي والحارس بالوكالة عن وريث التاج الرئاسي السوري على بوابة البرلمان اللبناني دولة رئيسه مدى الحياة نبيه بري.
مسؤول امريكي رفيع لم يكشف عن هويته كان ابلغ جريدة (النهار) اللبنانية، ان لبنان كان تعرض لتدمير في الماضي وهو يدمر الان بايدي ابنائه تنفيذا لاجندات سورية- ايرانية مشيرا الى ان هذا اللبنان اثبت انه مجموعة قبائل وعشائر وطوائف ومذاهب متناحرة، وهو ايضا برأي هوف quot; كيان من دون دولة يسعى لانجاح التعايش الطائفي في منطقة صعبة للغاية quot;.
ولكن الطرف السياسي الاكثر هجومية لتحقيق (النصر الالهي الجديد) وتدمير ما لم توفق اسرائيل بتدميره خلال الحرب الاخيرة، يبقى (حزب الله) وزعيمه حسن نصر الله الساعي الى الاستيلاء على الحكم من خلال وضع لبنان بين خيارين: اما القبول بشروطه او الفوضى والفراغ مستلهماً دولة ولاية الفقيه الاولى في العالم بغية استنساخها في لبنان متعدد الاديان والمذاهب والقوميات، فلقد ذكر نائبه نعيم قاسم في تصريح بثه تلفزيون (الكوثر) الايراني في السادس عشر من ابريل العام الماضي (ان حزب الله اعتمد في الموقف الفقهي الذي له علاقة بحركته العامة وحركته الجهادية الخاصة أيضا على الولي الفقيه).
لقد تعود نصرالله في خطبه التجييشية على السخرية من الحكومة ورئيسها السنيورة الذي اثبت عن جدارة انه رجل دولة و ليس زعيم ميليشيا ارهابية ، مكررا القول : عندما تصبح لكم دولة تستطيعون الكلام عن دولة داخل الدولة)! وفي هذه الكلمات ما يكفي لتوضيح موقف السيد المصر على ان يثبت للجمهور اللبناني ان لا مجال لقيام الدولة ما دامت مطالبه غير مستجابة ولم يحصل على الثلث المعطل في الحكومة التي يمكنه تعطيل قراراتها، وهل من الممكن قيام دولة والسيد يمتلك جيشا اقوى من جيش الدولة ، و يستلم اموالا( نظيفة ) اكثر مما تمتلكه الدولة ، و يؤسس هياكل مؤسساتية موازية لمؤسسات الدولة التي اصبح جيشها و قواتها الامنية تستأذنه قبل ان تدخل الى القلاع الميليشاوية التي تحت سيطرته بمساعدة فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني؟.
وحتى الآن لم ينجح لا الضغط الاميركي ولا السعودي ولا العربي و لا الفرنسي و لا الاوروبي في تحريك الحل الرئاسي اذ لم يوافق حزب ولاية الفقيه وذيوله على الخطة العربية التي حملها الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الذي وصل استهتار رموز الحزب ( الالهي ) بشخصيته الى وصمه بعدم معرفة اللغة العربية ، وما يريده نصرالله هو أولا: مساعدة السوريين في وضع العصي في دواليب تشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي التي يفترض ان تحاكم قتلة الحريري وثانيا منع قيام الدولة اللبنانية التي تقع خارج نطاق الهيمنة السورية و الاتيان بحكومة تنتهج سياسة خارجية لا تتعارض مع مصالح سورية وايران، بل واتباع اوامر حكومتي الدولتين اللتان تزعزعان استقرار المنطقة و العالم ككل بنشاطاتهما الارهابية ليس في لبنان و العراق وفلسطين و بل حتى في البلدان البعيدة.
الاقتصاد اللبناني وفق التقارير المتخصصة لا يزال يرزح تحت وطأة آثار الحرب عاجزا عن النهوض بسبب الأزمة التي يفرضها الحزب على البلاد والتي احتجزها بالكامل مؤسسات وشعبا واقتصادا واستثمارات، واحتل وسط العاصمة شالا حركتها الاقتصادية ، محققا مسعاه التدميري، اذ تبلغ خسارة الدولة يوميا حسب تقديرات اقتصاديين لبنانيين من 40 الى 60 مليون دولار، فيما يبلغ حجم الدين الخارجي 41 مليار دولار اي ما يعادل 180 بالمائة من الناتج المحلي وهو بالاضافة الى ذلك اصبح عاجزا حتى عن الحصول على الهبات والمنح التي اقرها مؤتمر باريس العام الماضي.
وكانت الدول المانحة قررت في اجتماع باريس اعطاء لبنان مساعدات قيمتها 6.7 مليارات دولار، وصل منها حتى الآن 350 مليون دولار مساهمة من دولة الامارات وتنتظر الدول الأخرى تطورات الموقف السياسي لتفي بالتزاماتها.
الخبير الاسرائيلي تسفي برئيل أكد في تقرير نشرته (هآرتس) انه على ضوء كلام نصرالله والجدل الدائر بين المعارضة والأكثرية ومع العرب و الاوروبيين فانه من الصعب رؤية دلائل تشير الى حدوث تحول في الأزمة، اذ لا توجد بتصوره لا قوة دولية ولا عربية ولا لبنانية محلية يمكنها ان تجبر نصرالله على تغيير شروطه ومنع انهيار الدولة.
من الواضح ان سورية تضع لبنان عبر حزب الله وحلفائها اللبنانيين أمام خيارين: أما صرف النظر عن انشاء المحكمة كشرط لبنان ينعم بالهدوء واما الاصرار على تشكيلها وبالتالي فان ردها سيكون تأزيم الوضع وزعزعة استقرار لبنان والفراغ الدستوري ومن ثم الحرب الاهلية لانه بحسب دبلوماسي أوروبي فان مشكلة قيام هذه المحكمة اهم من مشكلة وجود القوات السورية في لبنان، لان هذا الوجود اذا كان يضمن الأمن فيه كونه من امن سورية، فان انشاء المحكمة قد يهدد الأمن في لبنان وبنفس القدر يهدد النظام في لبنان وبنفس القدر يهدد نظام الاسد المتهم الاساسي باغتيال الحريري و الاغتيالات السياسية الاخرى.
نقلت جريدة raquo;النهارlaquo; البيروتية عن مسؤول غربي لم يكشف عن اسمهquot; ان الوضع في لبنان سيستمر كذلك لفترة طويلة: عدم استقرار سياسي واحيانا امني قد يتمثل في اغتيالات وتفجيرات، قد تؤدي لاحقا إلى حرب أهلية ولان لا حل للمشكلة اللبنانية حتى الآن، فايران لن تتخلى عن سورية رغم الاهداف التكتيكية بينهما وحزب الله، سيبقى مع سورية التي ترى في المحكمة خطرا لا يمكن ان تتجاهلة ولا يمكن ايقافه الا بنظام تحت وصايتها ، او باشعال الاقتتال الداخلى ، والميليشات الاسلامية جاهزة للفعل الفوري متى ما تسلمت الاشارة من سادن القصر الاموي وحلفائة الملالي في طهران.
ولاشك انه في حالة الاحتقان الطائفي والصراع السياسي المحتدم الان تتجه الامور نحو حرب اهلية على الرغم من ان الجميع يؤكد انها لن تحصل.
مسؤول امريكي عبر عن مخاوفه من درجة اهتمام الادارة الامريكية بالقضية اللبنانية قائلاً: ما يخيفني اكثر هو ان يصبح مطلب لبنان في امريكا مساعدته على انقاذه نفسه واحيانا من نفسه وهو ان تقتنع امريكا بذلك وتسعى لتنفيذه لان ذلك سيفجر الوضع ولن تبقى امريكا بعد ذلك فيه لكي تنقذه وان تتصرف مثلما فعلت عام 1982 عندما انسحبت منه.
اذن اذا لم يتم الاتفاق مع سورية، فان عقدة لبنان وازمتها لن تحل وستتعمق اكثر فاكثر وستتفاعل مع تفاعلات تعقيدات المحكمة التي هي المدخل لحل المشكلات الأخرى فهل ثمة طرف اقليمي أو عربي او دولي قادر على التأثير على بشار الذي لن يتخلى عن لبنان حتى لو خسر العرب كلهم ، كما كان استنتج دبلوماسي غربي رفيع.
احداث العراق وفلسطين ولبنان والمنطقة، تؤكد ان سورية ستبقى قوية ما دامت ادارة بوش ضعيفة ،و مترددة في معاقبة حاكم دمشق الذي ومنذ نحو 5 سنوات يفتح حدوده مع العراق امام الارهابيين من القاعدة لقتل جنودها ، ويقوض خططها لحل المشكلة الفلسطينية بتأليب المتطرفين من حماس و غيرها ضد محمود عباس و دفعهم الى الانقلاب على سلطته باستخدام القوة المسلحة ، وما دامت حليفتها ايران تتلاعب وتسخر من المجتمع الدولي في ملفها النووي وازمات المنطقة الساخنة.
د.محمد خلف
التعليقات