لأن الولايات المتحدة الأمريكية لا تعبر عن جنسية محددة بالمفهوم العرقي، وإن كانت كياناً محدداً قانونياً وسياسياً، ولأنها تضم مختلف الأجناس والقوميات البشرية، ولأن ما يتقرر على أرضها، لا يخص الشعب الأمريكي فقط، وإنما يمس جميع البشرية في عصرنا الراهن.. يجوز لنا أن نسعى لكي يكون لجميع الشعوب حق المشاركة بالتصويت في الانتخابات الأمريكية، ولو في حدود هامش محدد.. وإلى أن يتحقق هذا، ليس لنا إلا أن نعتمد على ثقتنا في قدرة الشعب الأمريكي على اختيار الأفضل.


بالتوافق مع استطلاعات الرأي، والتي تبرز تفوق باراك أوباما على جون ماكين، نجد أن فرصة أوباما في الفوز هي الأرجح لعدة أسباب:
يأتي أوباما المرشح الديموقراطي بعد فترتين رئاسيتين للحزب الجمهوري، وهو ما يرجح ميل الشعب الأمريكي للتغيير، خاصة وأن أوباما يرفع شعار التغيير، حتى وإن كان لم يشرح ماذا يعنيه بالضبط تغييره.


واجه الجمهوريون في بداية الفترة الرئاسية الأولى كارثة برجي التجارة، وما ترتب عليها من توجهات أمريكية عنيفة، ترتب عليها نجاحات وإحباطات، ثم هاهم يواجهون في نهاية الفترة الثانية وأثناء الانتخابات الكارثة المالية العالمية، بما لابد ويحمل الحزب الجمهوري وسياساته سلبيات مواجهة تلك الأخطار والمصائب، بغض النظر عن المسئولية الموضوعية للحزب ورموزه عن تلك السلبيات.


يعتمد أوباما في خطابه الاقتصادي مقولات يصح وصفها بالديماجوجية، بمعنى سهولة رواجها لدى الجماهير، مثل تخفيض الضرائب على الفقراء والتأمين الصحي، في المقابل نجد تصورات ماكين للإصلاح الاقتصادي تعتمد على تدعيم رجال الأعمال، ليقوموا بتسريع عجلة التنمية وتقوية الاقتصاد، بما لابد وأن ينعكس إيجابياً على رخاء الجماهير، رغم أن هذه التوجهات لا تلقى استحساناً لديها.
في المقابل نجد أن ماكين يعتمد على القوى المحافظة في المجتمع الأمريكي، وقد يكون قد أضاف إليها جزءاً من أصوات المرأة باختيار نائبة له، علاوة على رصيده من خبرات في السياسة الخارجية.. ولا ينبغي لنا أن نتجاهل تحسب الشعب الأمريكي، مما قد يترتب على نوايا أوباما وتوجهاته فيما يختص بالحرب على الإرهاب في العراق، بما قد يجهض ما حققته القوات الأمريكية في هذا الصدد، رغم حقيقة أن الولايات المتحدة تحكمها مؤسسات وليس أفراد، وأن الشعارات والوعود الانتخابية، يبقى تحقيقها مرتهناً، بارتباطها بالمصالح الحقيقية للشعب الأمريكي، ولدور أمريكا الرائد والجوهري في استقرار المجتمع الدولي.


يمكننا أن نتوقع فوز أوباما، ويمكننا أيضاً تحسباً للمفاجئات، أن نتمهل حتى نرى ماسوف يقرره الشعب الأمريكي.

كمال غبريال