تزايدت طوال يومي 29 و 30 نوفمبر الماضي حدة العنف ضد الفلسطينيون في المنطقة المحيطة بمنزل الرجبي الذي يحتله مستوطنين / مستعمرين يهود منذ مارس عام 2007 بعد أن أشيع ان قوات من الجيش ستقوم باخلائهم بالقوة تنفيذاً لحكم إصدرته المحكمة العليا في منتصف نفس الشهر.. ولم يشكل التصعيد إي إيذاء لقوات الأمن الإسرائيلية لأنه إنصب كلية علي اصحاب الممتلكات العربية في محيط دائرة المنزل المغتصب لدرجة منعهم من التحرك عبر الشارع الوحيد المصرح لهم بالسير فيه والذي يقود إلي الحرم الابراهيمي..


قال المستوطنون / المستعمرون أنهم إشتروا المنزل بما قيمته مليون دولار، ويقول أصحابه الأصليون أنهم لم يتموا الإتفاق وأنهم أرجعوا مقدم الثمن الذي دفع لهم، وتقول المحكمة العليا أن بعض الوثائق التى قدمت إليها مزورة ولذلك اصدرت حكمها بطرد المغتصبين.. تقول مصادر اليمين الإسرائيلي أنها وضعت عينها ndash; منذ فترة طويلة - علي هذا المنزل لأن الإستحواذ عليه يوفر منفذاً متميزاً يربط بين مستوطنة / مستعمرة كريات أربع والحرم الإبراهيمي الذي تطلق عليه الوئائق العبرية quot; مغارة الماكفيلا quot;.. وتقول الحقائق أن صفقة البيع حتى لو استكملت اركانها، لم يكن لها ان تتم إلا إذا وافق عليها وزير الدفاع الذي في يده ان يقرر ما إذا كان الشراء في الضفة الغربية لا يحتاج إلي خطط حماية من جانب القوات المسلحة، أم يحتاج..


منذ أوائل القرن العشرين وفي أعقاب تزايد الهجرة الصهيونية إلي فلسطين نظر الإسرائيليون إلي مدينة الخليل علي أنها ثاني مدن الآباء والأجداد قدسية بعد القدس، لكن ضلوعهم في مذبحة عام 1929 جعل سلطة الانتداب البريطاني تحرم عليهم الإقتراب منها.. ومنذ ذلك الحين كانت كل مخططاتهم تسير في اتجاه الإستيلاء عليها بالتدريج، فأقاموا المستعمرات وبنوا الأحياء اليهودية وعملوا علي إغتصاب الدور والأراضي العربية الفلسطينية من أصحابها بشتي السبل حتى أصبح وصولهم إلي الحرم الإبراهيمي مرهوناً بمدى قدرتهم علي تأمين الطريق الذي يربطه بمستعمرة كريات أربع.. لذلك سعوا جاهيدن لإتمام صفقة وضع اليد علي منزل الرجبي..


حكم الإخلاء الذي أصدرته المحكمة العليا لم يُنفذ لأن حكومة إسرائيل الديموقراطية تخشي المستوطنون / المستعمرون الذين هددوا غادي شمني قائد القوات العسكرية في المنطقة quot; أنهم سيهاجمون قواته quot; إذا هو فكر في العمل علي إخلاء المنزل المغتصب من سكانه اليهود.. ولم ينفذ في حينه لأن عدد من اقطاب دولة إسرائيل الديموقراطية يتمسكون بأن حكم المحكمة ليس ملزماً لأنه ترك قرار البت النهائي فيه للجهات الأمينة التي في يدها وحدها ان توافق quot; علي الوجود اليهودي في هذا المكان quot;.. ثم لما تفاقمت الاحداث إحتالت قيادة الجيش علي تنفيذ حكم المحكمة بعد ثلاثة أسابيع، وبعد اخلائه حولته إلي منطقة عسكرية للتغطية علي quot; الإرهاب اليهودي العظيم quot; كما جاء في افتتاحية صحيفة هآرتس يوم 4 الجاري، وربما تكون هذه الخطوة تمهيدية لإغتصاب البيت كلية لحساب الجيش كهدف استراتيجي إستعماري تستكمل به خطوات تهويد المنطقة الموصلة بين شرق مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية والحرم الإبراهيمي..


يؤكد هذه التوقعات أن قوات الجيش الإسرائيلي في المنطقة قامت بتوزيع أمر صادر من quot; قائد المنطقة الوسطي العسكري quot; يفيد بان وزارة الدفاع أمرت بمصادرة مساحة سبعة دونم من أراضي بلدة عزون التابعة لبلدية قلقيلية quot; لإقامة جدار أمني quot; لمنع الحجارة التى تلقي علي quot; السيارات الاسرائيلية المارة بالشارع الذي يربط القريه بالطرق الرئيسية..


المستعمرون اليهود الذين كانوا يحتلون منزل الرجبي منذ مارس 2007 عسكروا بالقرب منه ونشروا الرعب في كل مكان وحطموا الدور والسيارات واعتدوا علي السكان وخصوصا بعد حلول الظلام، تحت سمع وبصر السياسيين والعسكريين.. الحاخامات ونشطاء اليمين والمعتدون علي القانون معروفون للجميع، ويعلنون تحديهم للسلطة ويتوعدون بأنهم سيدمرون عشرة منازل مقابل طرد الملاك الجدد من منزل الرجبي.. وكل ما فعلته قيادة الجيش هو استرضاؤهم حتى لا يفسدوا علي السياسيين الانتخابات العامة التى ستجري في شهر فبراير القادم..


هذه المملائة العنصرية باسم السياسة تتفق مع الأمر العسكري بمصادرة جانب من أراضي قرية عزون، وكلاهما يُعد ترجمة واقعية لخطة إزالة مساكن حي البستان والمباني والآثار العربية الباقية إلي الآن بوادى حلوة لفرض مزيد من التهويد علي المنطقة الواقعة جنوبي مدينة القدس..

الدكتور حسن عبد ربه المصري
bull;استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا drhassanelmassry:yahoo.co.uk