يعتفد الكثيرون إن حزب العمال الكردستاني وطني قومي يدافع عن عدالة القضية الكردية في كردستان تركيا وأنه ظهر كضرورة منطقية على الساحة التركية ليلبي الطموحات والأماني للشعب الكردي هناك، وفي نفس الوقت يعتقد هؤلاء أن عبد الله أوجلان بطل وزعيم، له في السياسة والفكر الباع الطويل، والمراس المطلوب. لكن على ما يظهر أن الأمور تسير في اتجاه معكوس، أو في انجاه مغلوط، فلا حزب العمال الكردستاني هو كذلك، ولا عبد الله أوجلان هو هكذا.


عبد الله أوجلان يعترف منذ البداية في كتاباته أن المخابرات التركية كانت بحاجة إليه، وإلى بقائه حياً، وأن الأمور كانت تتنسق بين الجهتين عن طريق زوجته التي كان والدها ضابطاً في الأستخبارات التركية، وأنه هو الذي سهل هروبه إلى سورية. وهتاك قامت الأستخبارات السورية بتكملة المسرحية البائسة وتطورت الأمور رويداً رويداً إلى هذا الوضع المأساوي. وكان هذا جزء من التنسيق الأمني بين تركيا وسوريا. ومنذ ذلك الوقت أصبحت المهمة الأساسية لحزب العمال الكردستاني ولسيده البالوني تخريب نسيج المجتمع الكردي في الأجزاء الأربعة سوريا تركيا أيران العراق، وضرب القضية القومية في تلك الأجزاء، ومعاداة الحركة التحررية وتزييف روح الوطنية فيها. فما كان منه إلا ويادر إلى أغتيال كل قادة الحزب بدون أستثناء من الأخ مظلوم إلى الصديق شنر وتصفيتهم على الطريقة السورية. وقد تمت تصفية الصديق شنر في وضح النهار، في الساعات الأولى بعد أن أجبر على العودة إلى مدينة القامشلي من كردستان العراق على يد الأستخبارات السورية التي وعدته بمصالحة مع عبد الله أوجلان. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقد تمت تصفية مئات من الشياب الكرد السوريين على الحدود على يد المخابرات السورية والتركية، بعد وعود كاذبة بأنهم سيلتحقون بالثورة في تركيا، وأن إقامة كردستان ستكون بعد عدة أشهر. لهذا السبب ترك معظم الطلبة الجامعيين كلياتهم، طالما أن كردستان هتاك تنتظر قدومهم لتحريرها. وهؤلاء السادة لم يفتكروا ولالحظة كيف إن الأستخبارات السورية التي تنمعهم عن طريق قرار أمني صادر سنوياً في محافظة الحسكة من التحدث بلغتهم الكردية، تشجعهم على تحقيق الشعار الأول لحزب العمال الكردستاني : تحرير وتوحيد كردستان الكبرى!؟. وهؤلاء السادة لم يفتكروا ولا مجرد ثانية لماذا الأستخبارات السورية تسمح لهم أن يقتلوا من يشاؤون من الأكراد، أن تكون لهم السيطرة المطلقة على كل المناطق الكردية في سوريا، لكنها تمنع الحركة الكردية السورية من أن تتنفس، أو أن تعبر عن أهداف القومية للشعب الكوردي. فما قام به حزب العمال الكردستاني وزعيمه ضد القضية الكردية في الأجزاء الأريعة، ما كان بمقدور أستخبارات تلك الدول أن تنجزه ولا بأي شكل من الأشكال.
يقول عبد الله أوجلان في كتاب للصحفي اللبناني هشام ملحم quot; سبعة أيام مع آبو quot; وكذلك في مجلة quot; صدى كردستان quot; أن سوريا وأيران تقفان بحزم إلى حانب قضايا الشعوب ضد التهجم الشرس للأمبريالية على شعوب المنطقة، لذلك فإن علاقته مع هاتين الدولتين استراتيجية غير قابلة للتغيير. وهاهو اليوم يؤكد، حسب تصريحاته لمحاميه، أن على القوى الكردية الدخول في الحلف التاريخي السوري الأيراني الشيعي. وكأنه يستخف بكل ما يجري في لبنان، وفي المنطقة!! في الحقيقة أنه لايستخف بالوضع، فهو يسعى إلى زرع الفتنة و التآمر على تجربة كردستان العراق الرائدة!! ولا يتوقف التآمر عند هذا الحد بل يدعو من خلال تلك التصريحات دعوة تحذيرية إلى تركيا كيلا تكون هذه الأخيرة ضحية غبن من الولايات المتحدة الأميركية التي ستدعم إنشاء دولة قومية في تركيا. وهو لايتمنى ذلك لأنه ببساطة يطالب بدولة تركية جمهورية ديمقراطية. ويتابع تحليله الساذج إن الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البرزاني، والأتحاد الوطني الكردستاني بقيادة جلال الطالباني، والولايات المتحدة الأميركية، استفادت من نضال حزب العمال الكردستاني لأنشاء دولة قومية. وتركيا لاتفهم الأمر ولا تفهم ما يرمي إليه عبد الله أوجلان لأنه الوحيد الذي يحافظ على الجمهورية الأتاتوركية!! لكننا نفهم عليك عبد الله أوجلان، ونعلم جيداً أنك لست كردياً، وأنك من أصول أخرى، لكن هذه مسألة أخرى. ونفهم جيداً أنك تسعى بكل ما أؤتيت من قوة، وبكل ما أؤتي أسيادك من قوة لتدمير المجتمع الكردي. ولهذا السبب قمتم بأعمال أجرامية في أتوسترادات ألمانيا الأتحادية سنة 2003!! لتفريغ القضايا الكردية من محتواها السلمي الديمقراطي!! والآن تقدمون خدمة مجانية مقصودة لتركيا لخلط بعض الأوراق السياسية بين حكومة الأقليم والولايات المتحدة الأميركية وتركيا، لكن أطمئنكم أن سقف العملية لابد أن تكون محدودة، وان تركيا لن تستعيد أبداً دورها التاريخي السابق، وأن العلاقة بين حكومة الأقليم والولايات المتحدة لن تتأثر في هذا المستقبل القريب..


وكما أننا نعلم لماذا غيرت آرائك بمجرد القبض عليك في نيروبي عاصمة كينيا سنة 1989 وصرحت على الفور إنك في خدمة الدولة التركية، وإن الأنفصال أو شعار تحرير وتوحيد كردستان مهزلة، وتنازلت عن كل شئ، حتى الكرامة، لقاء الحفاظ على رأسك حياً. لهذا كتب الأخ عبد الرحمن الراشد في مجلة الشرق الأوسط على أثرها : إنك أهنت الشرف الكردي.. فأين أنت وأين المناضل مروان البرغوثي!!


و كي لا يعتقد الأخ القارئ أننا نظلم عبد الله أوجلان، سأقوم بأقتباس مقتطفات متناقضة من كتابه quot; دفاعي منعطف على مسار الحل الديمقراطي quot; وهي توضح ذلك بشكل دقيق. quot; جوهر دفاعي حتى ولو كان مكرراً فهو يتكاثف حول مفهوم الحل الديمقراطي.. وقد استعنت في ذلك بكتاب الحضارة الديمقراطية من تأليف ليسلي ليبسون...فذلك الشعار الذي تم رفعه في السبعينيات حق تقرير الشعوب لمصيرها، كان يفسر على إقامة دولة منفصلة فقط.. وعندما وجدت أن الطروحات مثل الدولة المنفصلة والفيدرالية والحكم الذاتي والمواقف الأخرى متخلفة وتعطي المجال لبعض التعقيد مقابل طراز الحل الديمقراطي..ص7 quot;


quot; ولكن حزب العمال الكردستاني تمسك بالمقاومة وبدلاً من تطوير ذاته قام بتكرار ذاته بشكل متطرف..ص43 quot;
quot; والجمهورية كانت إنجازاً مشتركاً جمبلاً..ص 23 quot;. quot; وبدلاً من التمسك بالدولة المنفصلة والجزء المستقل الذي لايتجاوز أبعاد ألأيديولوجية والمثالية، كان ينبغي التمسك بالوطن المشترك...فحتى لو أقيمت دولة مستقلة..ليست هناك ضرورة لذلك..ص 44 quot;. quot; أن أفضل وأعمق الحرية والأستقلال في هذه الأرض كردستان هي التي تتحقق ضمن الحدود العامة لتركيا والواردة في الميثاق المللي..ص 99 quot;.
quot; فكردستان المنفصلة تعني ألأنتهاء أو بيدقاً بيد قوى أخرى..ص 99 quot;.quot; شعار ما أسعدني لأنني شعب في الجمهورية الديمقراطية، ويرفض الأنفصال..ص 140..quot;..quot; حزب العمال الكردستاني أولاً ثم كل التنظيمات غير الشرعية المشابة له يجب أن تستعد للتكيف مع المرحلة السياسية والقانونية في نشاطها..ص 111 quot;.


quot; ومهما ورد في لائحة الأتهام التحدث عن تقسيم الجمهورية، ومهما تم تقديم الدلائل على ذلك من البرنامج ومن أقوالي..من البرنامج ومن أقوالي.......فالجمهورية هي القالب الصحيح للوحدة..ص 101 quot;...

د. فيصل شيخي