يجب ألا نشعر بالحرج والتردد من المطالبة بتطبيق دكتاتورية العلمانية على المجتمعات الشرقية بالقوة، فالعلمانية هي خيار العقل والمنطق واحترام الحريات الاجتماعية وكرامة الانسان في ان يعيش حراً من دون وصاية رجال الدين على عقله وارادته وسلوكه، ودكتاتورية العلمانية ليست موجهة ضد الدين كعقيدة مقدسة ولاتمنع الناس من حق حرية العقيدة والدين وممارسة الشعائر، بل هي تحترم قدسية الدين أكثر من رجال الدين انفسهم، فالعلمانية تنقذ الدين من تعريضه للإبتذال والانزلاق الى الشارع والتورط في السياسية والسعي الى سجن حياة المجمتعات داخل افكار وايديولوجيات تصطمد بالمنطق والواقع وطبيعة البشر، وكذلك هي بالضد من حقيقة الدين وفلسفته القائمة على العلاقة الروحية بين الله تعالى والانسان بعيدا عن عالم السياسة.


وفي المجتمعات الشرقية حيث تختلط الأعراف والتقاليد والخرافات والأمراض النفسية والاجتماعية... تختلط كل هذه العناصر بالدين الذي تتكون صورته على شاكلتها ويخرج الى الناس بصورة مشوهة لاتمثل صورة الله تعالى وحقيقة الدين، وتكتمل الصورة حينما يقوم رجال الدين وعناصر الاحزاب الدينية بكل ما يختزنونه في نفوسهم من تخلف وظلامية وروح اجرامية ارهابية... حينما يقوم هؤلاء بمهمة رسم مخطط لحياة المجتمعات ويضعون انطلاقا من عقولهم المتخلفة الظلامية قوانين الحياة والموت والسياسة والاقتصاد والاجتماع... ويتم سجن عقول الناس وارواحهم واراداتهم داخل هذا المعتقل المظلم الرهيب !


ومن أجل حماية المجمتعات ومصير أوطانها لابد من تطبيق دكتاتورية العلمانية بالقوة ومنع كافة التنظيمات الدينية السياسية، وملاحقة كل رجل دين يتكلم بالسياسة، فهذه الدكتاتورية هي دكتاتورية لها هدف نبيل وشريف وانساني غرضه إبعاد التخلف والظلامية وتدمير حياة الناس بهمجية رجال الدين والاحزاب الدينية، والامثلة الكارثية التي تفضح جرائم رجال الدين واحزابهم موجودة بيننا، في ايران وافغانستان والسودان والعراق ولبنان وفلسطين وغيرها من البلدان التي اصابها الخراب بسببهم.


لاحظوا ان كافة مشاكل المنطقة العربية حاليا سببها رجال الدين والاحزاب الدينية، فهولاء هم سبب الخراب وزعزعة الاستقرار واشعال الحروب وسفك الدماء... فعلى الويات المتحدة الأمريكية واوربا ومنظمات حقوق الانسان الدولية التخلي عن المطالبة بتطبيق الافكار المثالية الرومانسية وترديد شعارات الديمقراطية، فالمجتمعات العربية أثبتت التجارب العملية عدم صلاحيتها للديمقراطية لأسباب ليست لها علاقة بالتاريخ وانما لأسباب بنيوية تكوينية، ولابد من تطبيق دكتاتورية العلمانية لإنقاذها من خطر تدمير نفسها، والثمن المدفوع في تطبيق هذه الدكتاتورية هو ثمن بسيط قياسا الى الثمن الباهض والكارثي الذي ستدفعه شعوب المنطقة في حال نجحت تيارات الاسلام السياسي في الاستيلاء على السلطة.

خضير طاهر

[email protected]