ان قدوم وفدي السلام الى تركيا أكد للعالم أجمع مدى جديّة الطرف الكردي في تحقيق السلام والوصول الى الحل الديمقراطي للقضية الكردية. كما ان قرار حركة التحرر الكردستانية إرسال الوفدين إلى أنقرة كشف للعالم اجمع الوجه الحقيقي لحكومة العدالة والتنمية، حيث اصيبت هذه الحكومة بالذعر من مشاهد إستقبال الملايين لأعضاء الوفدين القادمين من quot; جبال قنديلquot; وquot; مخيم مخمورquot;. موقف الحكومة التركية أثبت بان رجب طيب اردوغان غير جاد ابداً في حل القضية الكردية بالطرق السلمية، بل ان ما طرحه هو وحزبه في الاونة الاخيرة بعنوان quot; الانفتاح الديمقراطيquot; انما هو في حقيقة الأمر كان خطة لتصفية حزب العمال الكردستاني.
قبيل الانتخابات التي جرت في 22 حزيران 2007 حصل لقاء بين نائب قائد الجيش آنذاك الجنرال إلكر باشبوغ ورئيس الوزراء رجب طيب اردوغان، واثناء اللقاء إتفق الطرفان على مسائل عديدة، وتم توزيع الادوار فيما بينهما بشكل ذكي جداً، وكان هذا اللقاء امتدداً للقاء الذي حصل في قصر quot;دولما باهجىquot; ابين كل من اردوغان وقائد الجيش آنذاك الجنرال يشار بويوكانيت، حيث تم في هذا اللقاء تسليم ملف حزب العمال الكردستاني الى حزب العدالة والتنمية، وتوكيل هذا الأخير بمهمة تصفيته. يعني بعبارة اخرى ليس هناك ما تتقوى به حكومة اردوغان سوى مهمة التصفية هذه. وبيّن هذا الموقف رد فعل الحزب الحاكم على رسالة السلام التي ارسلها حزبنا الى تركيا عبرquot; حمائم السلامquot;.
اذا كان احد التعهدات التي اخذها اعضاء حزب العدالة والتنمية على انفسهم هو تصفية حزب العمال الكردستاني، فكيف لنا ان نتصور ونؤمن بما تطرحه حكومة اردوغان؟. مشروع الحزب الحاكم التصفوي هذا اتضح بشكل واضح في البيان المشترك الذي صدر عن كل من رئيس الجمهورية عبد الله غول ورئيس الوزراء رجب طيب اردوغان ووزير الخارجية احمد داود أوغلو، ويبدو من هذه اللقاءات والبيانات المشتركة بأن مشروعهم التصفوي هذا يتألف من ثلاثة محاور اساسية. وهذه المحاورهي الرهان على إشراك كل من اقليم جنوبي كردستان والدول الاوروبية في حملة الحرب والتضييق ضد العمال الكردستاني. اما المحور الثالث فهو تشديد حالة الحرب والصراع ضمن حدود الجمهورية التركية.
وفي سبيل انجاح هذه الخطط والمحاور التي تهدف الى تصفية حزب العمال الكردستاني قامت الحكومة التركية في هذه المناطق بشن حرب كبيرة وتمرير المؤامرات المختلفة.
تريد حكومة اردوغان ان تتخذ من الاكراد في العراق ركيزة اساسية في مشروعها التصفوي ضد حزب العمال الكردستاني، وهي تتصور بانها ستحصل على نتائج جيدة. اما quot;الانفتاح الدبلوماسيquot; الجديد الذي رأيناه في الشهر الماضي بين الحكومة التركية واقليم جنوبي كوردستان والذي تم فيه التوقيع على اكثر من 40 اتفاقية، كانت بمجملها اتفاقيات اقتصادية، واطرافها هم من النخبة الحاكمة اي على مستوى وزراء في الحكومة والطبقة البيروقراطية والتي تقوم بزيارات مستمرة الى الاقليم، اذاً يبدو من ذلك بأن العلاقة ابعد من مجرد ابرام الاتفاقيات الاقتصادية. هناك وعود واتفاقيات امنية اخرى تجري بين اطراف هذه العملية، ويبدو بأن الطرف التركي يطالب نظيره الكردي باحترام هذه الوعود والاتفاقيات والبدء بتنفيذها. والمهم هو ان نعلم ماهي محتوى هذه الاتفاقيات ونعلنها على الرأي العام الكردي.
على ما يبدو بان الحكومة التركية وافقت على اقامة quot;دويلة كرديةquot; في العراق شريطة عدم تدخل هذه الأخيرة في شؤون بقية الكرد في اجزاء كردستان الأخرى، وبذلك تريد حكومة العدالة والتنمية ان تستفيد اولاً وقبل كل شيء من مشروعها التصفوي وان تحصل على نتائج مهمة في تصفية حزب العمال الكردستاني. هذا المشروع التصفوي الذي تريد تركيا تنفيذه من خلال حزب العدالة والتنمية انما هو ايضاً مشروع لتصفية الكرد انفسهم اينما وجدوا، اي العودة الى المربع الصفر. الاقتتال الداخلي وشرذمة المجتمع الكردي وهدر طاقاته بعد ان حصل الأخير على دعم وانفتاح دولي واقليمي واسع الى حد ما.
نيّة الحرب لدى حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا اتضح جليّاً بعد قدوم وفدي السلام إلى تركيا والإستقبالات الحاشدة لأعضاء الوفدين. بعد وصول أعضاء وفدي السلام الى تركيا تعرضوا الى حروب نفسية، وقامت حكومة العدالة والتنمية بتعبئة الرأي التركي العام ضدهم، فلقد ارادت الحكومة التركية بذلك ان توجه رسالة الى العالم بأنها تسيطر على الوضع وبأمكانها ايقاف هذه المسيرةquot; الانفتاح الديمقراطيquot; او توجيهها إلى أي جهة تشاء، متى ما ارادت ذلك. ولتنفيذ هذا المأرب اعتمدت الحكومة على بعض الشخصيات المرتزقة الخائنة من التي حاربت حركة التحرر الكردية طويلاً.
هذه الاجواء التي فرضها وفدا السلام على الحياة السياسبة التركية كانت مزيجاً من الديمقراطية والسلام اظهر استعداداً كبيرا من جانب الكرد وحركتهم التحررية على حل القضية الكردية بالطرق السلمية. الان تحاول حكومة العدالة والتنمية عبر وسائل اعلامها المختلفة تعكير هذه الاجواء وخلق اجواء جديدة تخدم اهدافها واهداف المرتزقة والخونة الذين باعوا القضية. لقد قام الحزب الحاكم في تركيا بابراز رجل مفلس شعبياً ولايملك أي رصيد نضالي مثل كمال بورقاي. بل وهناك إتصال ببعض المجموعات الهامشية بهدف تسييرها إلى تركيا والقول بان quot;الكرد يعودون عن السلاحquot;، وان هذا من quot;إنجازات الحكومة واحدى ثمار خطتهاquot;.
الحكومة التركية تريد الآن خداع الرأي العام بما تطرحه من خطط وآلاعيب وابراز بعض الهامشيين لخلط الأوراق وتثبيت رؤيتها. ولكن هيهات.
الموقف الرسمي لحكومة العدالة والتنمية من القضية الكردية بدأ من جديد واضحاً، فهذه الحكومة لاتملك نية سليمة مخلصة، فهي تقترب من القضية الكردية على اساس نظريتها quot; الكردي الجيد هو الكردي الميتquot;، ووفق هذه الطريقة تريد تصفية حزب العمال الكردستاني، وهذا بدا جلياً لنا. وعلى هذا الاساس ناقشوا القضية الكردية في البرلمان في العاشر من الشهر الجاري.
الحكومة التركية لا تملك مشروعاً فعلياً لحل القضية الكردية بالطرق السلمية كما تدعّي وتخدع الرأي العام، بل مشروعها الوحيد هو تصفية حزب العمال الكردستاني.
جميل باييك
قيادي ومن مؤسسي حزب العمال الكردستاني
الترجمة من الكردية: سرحان عيسى
التعليقات