اعاد الي الاذهان حادث انتحار حارس مرمي المنتخب الالماني لكرة القدم quot;روبرت انكةquot; في العاشر من نوفمبر تشرين الثاني وعمره لم يتجاوز 32 عاما بعد، ظاهرة الانتحار في المانيا الي الضوء مرة اخري، تلك الظاهرة المنتشرة في المجتمع الالماني بشكل يثير القلق وسببها الاساسي يرجع الي مرض الاكتئاب الذي يعاني منه حوالي اربعة ملايين الماني.

اثبتت دراسة خرجت من مكتب الاحصاء الاتحادي في المانيا، الي تزايد اعداد المنتحرين في السنوات الاخيرة،ففي اوساط المراهقين ينتحر في المانيا حوالي 400 مراهق سنويا،ووفق البيانات الرسمية فانه في عام 2007 وصل عدد المنتحرين الي 9.402 شخص، وهو الامر الذي ازعج المشرفين الاجتماعيين، والاطباء النفسيين في المانيا بالنظر الي ضخامة هذا العدد من المنتحرين سنويا، لذلك ينكب العلماء في الوقت الراهن وبعد الانتحار المفاجئ لروبرت انكة علي دراسة الدوافع والعوامل المسببة للانتحار بهدف محاولة تقليص اعدادهم، ووفق التقارير الطبية الصادرة بهذا الشأن فان نسبة المنتحرين من كبار السن في المانيا وصلت الي 50% من النسبة الاجمالية للمنتحرين، ففي العام الماضي وحده وصل عدد المنتحرين في المانيا من الذين تعدو ال60 من العمر 4000 فرد، وهي نسبة كبيرة دفعت العلماء والمتخصصين في امراض الشيخوخة من اخذ الامر في الاعتبار، وبدأو ينظرون الي الامر بأهمية كبيرة، غير ان كثيرين من الاطباء يرون ان نسبة المنتحرين ربما تكون اكبر من تلك التي تذكرها التقارير الرسمية بكثير.

يري الاطباء ان مرض الاكتئاب هو احد اهم الاسباب التي تدفع المسنين في المانيا الي الانتحار، وينصح الاطباء الذين يعانون من الاكتئاب واللذين يشعرون بان الخلاص من الحياة ربما يريحهم من شعورهم بالألم، بأن عليهم من الاسراع الي عيادة الاطباء النفسيين لدراسة حالتهم.

الطبيب النفسيquot; Rolf Dieter Hirschquot; من جامعة بون يري ان النسبة الكبيرة والمتزايدة في اقدام كبار السن علي الانتحار، انما هي بمثابة فضيحة اجتماعية بكل المقاييس في المجتمع الالماني، ويري ان المجتمع مسؤل مسؤلية مباشرة علي اقدام الكثيرين علي الانتحار، فكبار السن هم في حاجة ماسة الي المساعدة والرعاية من قبل المجتمع والاهل والاصدقاء لكن انانية المجتمع المتفشية قد تسبب لهم شعورا قويا بالوحدة.

ان الحقيقة في دوافع الانتحار بالنسبة لكبار السن هي عديدة ومتنوعة، كثيرون من الكبار يبدأون مع تقدم السن في الفقد التدريجي لمباهج الحياة، خاصة وان احساسهم النفسي يتزايد بانهم يقتربون من نهاية العمر، وهو الامر الذي يجعلهم يعيشون تحت ضغط نفسي، وشعورهم بان حياتهم اصبحت لاقيمة لها، ام كبار السن من الذين يعانون امراضا مزمنة فان التخلص من الحياة يبدو لهم نوعا من النجاة من ألام المرض الذي لاشفاء منه، وهناك ايضا نوع اخر من كبار السن يلجا الي الانتحار لعدم توفر الرعاية الكافية، او الشعور بالوحدة القاتلة، او بعدم فائدتهم للمجتمع وانهم اصبحوا عالة علي المجتمع، و يساعد علي ذلك الشعور مناخ الدول الصناعية المادي الذي يهتم بالمادة اكثر من اهتمامه بالقيم وحاجة الانسان الي المشاعر والعواطف الدافئة.

يشير الاطباء النفسيون الي امكانية خفض معدل الانتحار بين كبار السن، وذلك بتدريب الاطباء والممرضين والعاملين في قطاع رعاية كبار السن علي مزيد من توفير الاهتمام والرعاية الصحية لهم، ثم النظر بعين الاعتبار الي الحالات المريضة بالاكتئاب ومحاولة انقاذها قبل تفاقم الحالة وان يصبح الوقت متأخر وينتحر المريض.

ينتقد الطبيب quot; Rolf Dieter Hirsch quot; واقع الحال في المانيا ويقول ان مشاكل كبار السن في لاتؤخذ في بعين الاعتبار، فالعلاج النفسي والاجتماعي والادوية تساعد ولاشك المريض وتمنع حالات كثيرة من الانتحار.

لكن طبيبا اخر هو quot; Hans Wedlerquot; يري ان ارتفاع معدل الانتحار بين كبار السن في المانيا يكمن في رؤية المرضي الاحادية الجانب من جانبهم، لتقرير مصيرهم في الحياة التي يعيشونها و الناتجة عن ضغوط المجتمع والخالية من تحصين النفس بالعوامل الروحية والعزيمة القوية اللازمة للتغلب علي الامراض الاجتماعية التي قد تدفع الانسان للتخلص من الحياة.
الانسان بشكل عام يحافظ علي الحياة في المناخ الذي يحفظ له العدالة ويظهر قدرا كبيرا من التسامح والرحمة مع المسنين، غير انه علي المسنين ايضا وفي كل الاحوال ان يتمسكوا بالحياة، ولا يظهروا اي تبرم منها وهذا هام جدا للانسان في استمرار الحياة.

ويتحدث بقلق بالغ عن الظاهرةالاخيرة التي بدأ البعض ياخذ بها في اوروبا وهي القتل الرحيم ويتذكر تللك السيدة في هامبورج التي لجأت الي مساعد في مايسمي بعمليات القتل الرحيم ليخلصها من حياتها خاصة وانها بلغت من العمر 79 عاما ولم يعد لها رغبة في الحياة رغم انها لاتعاني اي امراض عضوية انما فقط كانت خائفة من ان تقضي بقية عمرها مقيمة في دور لرعاية المسنين.
[email protected]