بصراحة ماحدث ويحدث بين مصر والجزائر في اطار الصراع على التأهل لمونديال كأس العالم بجنوب افريقيا عام 2010 تجاوز كل الخطوط الحمراء!

فالاحداث المؤسفة التي جرت في القاهرة قبل وبعد مباراة 14 نوفمبر بين فريقي البلدين تخطت كل الأصول والاعراف والتقاليد. كما ان اعمال العنف التي تعرضت لها الجالية المصرية في الجزائر عقب هزيمة المنتخب الجزائري في القاهرة كانت أشبه باعمال انتقام. والخوف الآن أن تتحول المباراة الفاصلة بين فريقي البلدين في الخرطوم يوم 18 نوفمبر الى ساحة قتال بين المصريين والجزائريين.

ماجرى ويجرى في مصر والجزائر تحت شعار quot;الفوز بشرف التأهل للمونديالquot; ألحق ضررا فادحا بالعلاقات الشعبية والرسمية لا يمكن علاجه على المدي المنظور.

ومن الواضح ان خلافات سياسية غير معلنة ساهمت في تأجيج مشاعر الجماهير هنا وهناك دون مراعاة للمصالح والروابط القومية والتاريخية المشتركة.ومن المؤكد ان الصراع على التأهل للمونديال تم استخدامه في التغطية على أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية عميقة في البلدين.

وبدا واضحا ان هناك اصرارا على التوظيف السياسي للمسألة برمتها من خلال البحث عن quot;انجازquot; يدعم مرشح الحزب المصري الحاكم في انتخابات الرئاسة القادمة ويدعم شعبية الرئيس الجزائري في بداية عهدته الثالثة!

وما نشرته وسائل الاعلام عن جسر جوي مجاني أو شبه مجاني لنقل المشجعين المصريين والجزائريين أكبر دليل على صحة هذا الكلام. فالخرطوم استقبلت حتى الآن 35 طائرة جزائرية و23 طائرة مصرية. والمتوقع ان يتجاوز عدد مشجعين البلدين 50 الف شخص رغم قرار السلطات السودانية بالسماح ل35 الف شخص فقط بحضور المباراة. والخوف ألا تتمكن قوات الامن السودانية من السيطرة على الوضع في حالة حدوث اشتباكات واسعة خلال وبعد المبارة بين المشجعين الجزائريين والمصريين.

ويبدو ان الاستنفار العام في مصر والجزائر استعدادا لمباراة الخرطوم يشبه الى حد كبير الأجواء التي سبقت الحرب بين هندوراس والسلفادور عام 1969بسبب مباراة كرة قدم والتي راح ضحيتها 500 قتيل وثلاثة الاف جريح!

ومن الواضح ان اطرافا اقليمية ودولية تحاول استغلال الصراع على المونديال في ضرب العلاقات المصرية ndash; الجزائرية على كل المستويات لصالح أجندات سياسية معروفة ومعلنة.

ومن المؤكد ان رجال أعمال هنا وهناك استفادوا من هذا الصراع في الحاق اكبر ضرر ممكن بالشركات المنافسة في مختلف القطاعات خاصة الاتصالات والانشاءات والكهرباء والسياحة والاستيراد والتصدير.ويكفي ان اعمال العنف التي طالت الجالية المصرية في الجزائر عقب انباء كاذبة عن مقتل جزائريين في القاهرة قضت تماما على شركة اتصالات مصرية لصالح شركتي اتصالات جزائرية واماراتية!

وليس خافيا ان المنافسة على صفقات الاستيراد والتصدير ومشروعات الاستثمار في الجزائر تثير معارك عنيفة منذ فترة بين شركات و رجال اعمال من كل الجنسيات!

كنا ومازلنا نرجو أن يسود العقل والحكمة ويتوقف التصعيد غير المبرر وغير المسئول على الجانبين، فمن غير المعقول ان تتسبب مباراة كرة قدم في كل هذا الاحتقان والعنف والتخريب. نحن بحاجة الى اجراءات عاجلة وسريعة على المستويين السياسية والامني لاحتواء الموقف، فاستدعاء السفراء واصدار بيانات الادانة سوف يفاقم الأزمة ولن يعالجها!

وبغض النظر عن نتيجة مباراة 18 نوفمبر الفاصلة في الخرطوم فالمستفيد الحقيقي من حرب المونديال الدائرة الآن بين مصر والجزائر هم سياسيون ورجال اعمال.. أما الشعبين فهما الخاسر الاوحد والوحيد.