(ان قوما عبدوا الله رغبة في جنته، فتلك عبادة التجار، وان قوما عبدوا الله رهبة من ناره فتلك عبادة العبيد، وان قوما عبدوا الله لأنهم وجدوه أهلا للعبادة، فتلك عبادة الاحرار)، هذا هو المغزى و الجوهر و المضمون الاساسي من وراء يوم عاشوراء الخالد، عاشوراء، تلك الصرخة المدوية التي أطلقها الامام الحسين(ع)في أمة جده رسول الله(ص) وکانت ملحمة بدأت لتبقى خالدة على مر الازمان و الاجيال بل وصارت مدرسة فکرية و مبدئية ينهل من منابعها زلال مفاهيم و مبادئ خلاقة تهدي الانسان الى ماهو أصلح و أجدى.
ملحمة عاشوراء التي سجلت في ثناياها واحدة من أفظع الوقائع التأريخية وأکثرها مأساتا، لم تکن تجارة أو کسبا دنيويا بحتا أو لهاثا خلف حطام الدنيا و زخارفها الزائلة وانما کانت نبراسا و منارا لکل أحرار العالم حيث يهتدون بنور أفکاره و مفاهيمه العظيمة التي تستلهم جذورها الاساسية من أعماق الاسلام الحنيف، وان تلك الجماعات و الفرق التي سعت و تسعى لتجيير هذه الذکرى العظيمة من أجل مکاسب دنيوية تافهة سوف لن يجدون في نهاية المطاف غير الخزي و العار و الشنار کأکليل شوك يطوقون أعناقهم به وان الامام الحسين (ع)الذي دفع حياته و حياة أهله و أحبته ثمنا من أجل نيل رضا الله سبحانه و تعالى براء من هکذا فرق ضالة مضلة وإنها ستفضح يوما وعلى رؤوس الاشهادquot;کما حصل و يحصل مع العديد من تلك الفرق و الجماعات المشبوهةquot;.
إننا کمجلس إسلامي عربي المرجعية السياسية والفكرية لشيعة العرب نتمسك بالخيار الوطني و القومي، نرى في عاشوراء بأنها قضية تخص جميع أبناء و طوائف أمتنا الاسلامية من دون إستثناء وان الامام الحسين(ع)لمquot;يخرج أشرا و لابطراquot;وانما خرجquot;طلبا للإصلاحquot;في أمة جده رسول الله وليس سعيا لبث الفرقة و الخلاف بينهم کما تسعى بعضا من الفرق و الجماعات و الاتجاهات السياسية وانه لاخير لجماعة تراهن على الفرقة و التناحر و الخلاف واننا ندعو و نحث خطباء المنبر الحسيني و العراقيين منهم بشکل خاص الى عدم تسييس و تجيير ذکرى عاشوراء من أجل أهداف مشبوهة و رخيصة بعيدة کل البعد عن روح و مضمون هذه الذکرى العظيمة خصوصا وان هناك أطرافا محددة سعت و تسعى لتوجيه هذه المناسبة الخالدة من أجل الوصول الى غايات و اهداف مرسومة وهي في سبيل ذلك تلجأ الى خلق البدع التي لم ينزل الله تعالى بها من سلطان بحيث ان المرء يخال أحيانا وکأنه أمام منقبة أو مأثرة غير عاشوراء، فقد سعوا لتجريد هذه الذکرى العطرة من مضامينها الاساسية و إظهارها بمحتوى غريب لم نألفه نحن و لا آبائنا أو أجدادنا، محتوى مزروع فيه الکثير من الاشواك و النباتات الضارة أملا في حرف هذه الذکرى عن سراطها الحقيقي و الواقعي، وعليه فإننا کمجلس إسلامي عربي ندعو الامة الاسلامية بشکل عام و أبناء الطائفة الشيعية بشکل خاص الى إتخاذ الحيطة و الحذر و الانتباه من کل اولئك الذين يهدفون من وراء إحياء ذکرى عاشوراء الى کلمة حق يراد بها باطل وان يحذروا دوما و ابدا من الابتعاد عن أخوانهم و نظرائهم في العقيدة.
*الامين العام للمجلس الاسلامي العربي في لبنان
التعليقات