هناك دين واحد عند الله هو الاسلام ( الدين عند الله الاسلام))،بدأ بنوح(ع) وتنامى متطورا ًمتراكماًعلى يد النذر والنبوات والرسالات،الى ان أختتم بالرسول الاعظم محمد (ص)( أنا أوحينا الى نوح والنبيين من بعده..). وهو دين الفطرة التي فطر الله الناس عليها(فطرة الله التي فطر الناس عليها)،وهو منظومة المثل العليا،وهو العروة الوثقى،وهو السراط المستقيم( وان هذا صراطي مستقيماً فلا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله).

الاسلام فطرة،والأيمان تكليف،الاسلام يتقدم على الايمان( ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات)،أذ لا أيمان دون أسلام يسبقه ويأتي قبله. المسلمون هم معظم أهل الارض،أما المؤمنون فهم أتباع محمد(ص). فأبراهيم (ع)أبو المسلمين ومحمد أبو المؤمنين ( وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض حنيفاً مسلماً وماأنا من المشركين).

من هنا نستطيع ان نفهم الفرق بين تعاليم الاسلام وتكاليف الأيمان، بدلالة الفرق بين الكتاب والفريضة والموعظة،فالكتاب يحمل معنىً مفيدا جديدا ًنتيجة تجمع مجموعة العناصر فيه ككتاب الموت والحياة والارزاق والاعمال.

اماالفريضة فهي بمعنى العطاء والمنح،بموجب الاية 24 من سورة النساء،والفريضة كانت مخرجاً من مأزق يقع فيه الانسان بعد فعل عمل أقسم ان لا يفعله،ثم قام بفعله وكانت الاية الكريمة (1) من سورة التحريم حلا له.

أما الموعظة،فهي التخويف والانذار،وهي التذكير بالخير وما يرق له القلب أنظر الاية (125) من سورة النحل).لذا فالموعظة جاءت شمولية لحلول كثيرة كما في الاية (13 )من سورة لقمان).، وهناك الوصية الملزمة بموجب الاية 180) ( من سورة البقرة التي كانت حلا واضحا وعادلا لما ترتب عليها فهم جديد لقوانين الارث وأنصبته العديدة.فهل فهم المسلمون ما أنزل عليهم أمرأ وتطبيقاً،أم أتخذوه قراءةً وتجويداً.،اعتقد ان الراي الثاني هو الذي فهموه.

من هذه القواعد،وبدلالة الفرق بين العباد والعبيد، فالعباد هم العصاة والمطيعين الرافضين والخاضعين على حد سواء (غافر 48). اما العبيد،فالعبد هو عبد الله وهو الانسان المخير في الطاعة والمعصية (الذاريات 56). لقد انتهى الباحثون في الشريعة الاسلامية الى ان التنزيل الحكيم لم يعترف بالرق أطلاقاً ولم يُجزه،وان أختلفت الاراء في التقييم،كوضع قائم موجود. والى أن ملك اليمين لا يعني الرق البتة لأنه حالة جديدة متأخرة بدأت منذ العصر النبوي،أما الرق فكان معروفا منذ عصر السابقين،والبحث فيهما يطول.

أما العلاقة بين الله والناس علاقة عبادية حرة،وليست علاقة عبودية أستبدادية،لان العبادات تتجلى في كل حقول الحياة. ولا زالت الدراسات الفقهية بعيدة عن اعطاء الحلول الواضحة او التفسير العلمي لحالات الرق والعبودية وملك اليمين والمتهم فيها الاسلام بخرق حقوق الانسان عند الغربيين والعلمانيين، دون تبرير شرعي لها من الفقهاء سوى التحجج بقدسية النص والقبول به وعدم أختراقه، وهذا غير كافٍ للحجة والاقناع.وانا اعتقد ان ليس لديهم ما يقتدمونه للاخرين لقصر فهمهم وادراكهم للنص الديني.

من هذا المنطلق ندعو الى تعريف الكفر والشرك والاجرام والالحاد فلا زالت الاصطلاحات مبهمة لم تعرف سوى تعريفاً لغويا أحاديا وترادفياً،لعدم قدرة الفقهاء على الحل.. فالاسلام توحيد ومثل أنسانية عليا غير قابل للتسييس،وان محاولة البعض تسييس الاسلام،والبعض الاخر أسلمة السياسة،اضاعوا السياسة والاسلام معاً.
هنا فالنص بحاجة لوضعه على المشرحة لاستخراج القوانين الملائمة للحل نتيجة التطور الحضاري وتبدل الظرف والزمن.لم يكن الاسلام قاصرا عن الحل لكن القاصرين هم سدنة الاسلام الذين لن يفهموه،فأخضعوه لأهوائهم القاصرة.وسيبقى الاسلام متهما في الحل مالم يتوفر له من يقدم الدليل على صحة ما يقول.وهذا غير ممكن الان لسيطرة التيار الفكري الديني على التيار الفكري الحر.

نزلت شرائع السماء المتعددة لتُصلح حالة البشرية المتدهورة، فالانسان والحيوان،نشأ نشأة أولية سائبة لا قانون ينظمهم ولا مثل عليا تردعهم، فالنفس البشرية مثل النفس الحيوانية مجبولة على الاستغلال والسيطرة دون مراعاة لحقوق الاخرين. فحيوان الغابة القوي يأكل الضعيف،وكذلك الانسان تمكن بفكره ومساعدة من يعتمدهم تسخير الاخرين لقانون الغاب. من هنا جاءت الشرائع لتثبيت حقوق الضعفاء قبل الاقوياء،فكانت الشرائع العراقية القديمة التي تمثلت باصلاحات أوركاجينا وشريعة أور نمو ومدونة حمورابي القانونية،في حين ان الحضارة المصرية خلت من الشرائع لسيادة قانون القوة فيها،وهناك شرئع اخرى كثيرة، كشرائع اليونان والرومان والصين والهند،لكنها كلها جاء ناقصة من حيث التنفيذ والتطبيق لسيادة عنصر التحكم الفلسفي الاستبدادي فيها ولانها بنيت على الفلسفة الطوبائية، لا الفلسفة الواقعية،لذا فأن غالبية معتنقيها لا يقبلون بالرأي والرأي الاخر.

وحين نزلت شرائع السماء التي بدأت بنوح كانت شرائع لتنظيم حياة البشر وتحقيق الحقوق والواجبات بينهم، يقول الحق: ( انا ارسلنا نوحاً الى قومه ان أنذر قومك قبل ان ياتيهم عذاب اليم،نوح 1)والانذار هنا الارشاد والتوعية،والعذاب الاليم العقاب نتيجة ممارسة الخطأ.لكن دعاء نوح لم يزدهم الا اصرارا على الخطأ والاعوجاج لعدم تمكنهم من استيعاب حركة الاصلاح والتغييرلجهلهم بمفاهيم الحياة والقيم العليا وتغير الظروف،حتى قال على لسان خالقه:(فلم يزدهم دعائي الا فرارا،نوح6).وهكذا تواردت شرائع السماء ل24 نبياً ورسولا،كانت الخاتمة بثلاثة منهم هم موسى وعيسى ومحمد كل واحد منهم يكمل الاخر.حين حملوا للبشرية مجموعة القيم الانسانية التي تولدت منها قوانين البشرالصالحة للتطبيق.

لمن الخطأ ان نسمي الناس من نوح الى محمد من الكافرين، انهم كلهم من المسلمين بدلالة الاية الكريمة(ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات...... أعد الله لهم مغفرة وأجرأ عظيماً،الاحزاب 35). من هذه الاية نفهم أمرين،الاول ان المسلمين والمسلمات شيء والمؤمنين والمؤمنات شيء اخر،لذا فأن الاسلام يتقدم على الايمان ويسبقه في تنفيذ الشريعة الربانية. اي منذ مجيء آدم وبداية التجريد الانساني،حيث بدا الايمان يرافق الاسلام خدمة في التطبيق،والالزام بضرورة عدم تجاوز النص.

لقد اقامت كتب الاصول والادبيات الاسلامية اركاناً خمسة للاسلام الشهادة والصلاة والزكاة والصوم وحج البيت من استطاع اليه سبيلا.هي اركان مبتكرة منهم اي من الفقهاء، فوقعوا في الخطأ مثلما وقع الماركسين بنفس الخطأ،.فالاسلام مفتوح الاركان وليس محصورا بخمسة فقط،فأركانه كثيره،هي التوحيد والتصديق برسالة محمد والاخلاق والمساواة والوفاء بالعهود والقسم والشورى والجهاد في سبيل تحقيق مفاهيم العدالة وليس فتوح بلدان الاخرين كما صوروها لنا خطئأً،فلا أكراه في الدين.،لذا حين حصروها بالخمسة اماتوا ما جاء فيها من تطبيق ليسود الحاكم ورجل الدين ومن هنا بدا الاستغلال بالقانون الديني العظيم حتى جعلوه سرابا لا يفهم منه الا الحدس والتخمين وما هم فيه راغبون.

ان الاسلام فطرة، والفطرة تعني الايحاء الفكري للبشرجميعاً بضرورة التدبر في الحياة بالتعاون الجماعي وتطبيق العدالة لتسود المجتمعات الامن والامان والاطمئنان على النفس والمال والعرض،هنا الفطرة احتاجت الى رسالة سماوية لافهامها للناس بكل حرية، ولم يعطِ الله لرجال الدين صلاحية التصرف بالبشر كما نلاحظه اليوم حتى اماتوا الدين والبشر معاً. فالاسلام لا يعترف بوكلاء عنه، ولا يخول احد حق الفتوى على الناس ولا يعطيهم حق الافضلية، والنصوص واضحة في ذلك لا تحتاج الى برهان.

كما شرع الاسلام كخلاصة للشرائع التي سبقته باعتبار خاتمة الاديان بالعمل الصالح والاحسان بين الناس واماتة الاستغلال والتصرف الكيفي في حقوق الناس،أنظر الاية 13 من سورة الشورى). لذا فان ايات الكتاب جاءت فيها الكثير من النصوص المقتبسة من نصوص الحضارات الاخرى على سبيل العضة والاعتبار،وجات بين الحدية الأمرية الملزمة وخاصة في الحقوق والواجبات وبين الحدودية في واجبية التنفيذ على القدرة والاستطاعة،البقرة 216).وآيات النصح والارشاد والترغيب (كتب ربكم على نفسه الرحمة ) ( قال عذابي أصيب به من اشاء ورحمتي وسعت كل شيء،فسأكتبها للذين يتقون، الاعراف 156)، تقديرا منه تعالى لمن يستحق الرحمة او العذاب.

كلها قوانين ربانية لم يحسن الفقهاء شرحها للناس وفرز ما هو واجب ملزم وما هو حث على التنفيذ، فأضاعوا القيم الالهية بعد ان دمجوا الغث بالسمين من اجل مصلحة الحاكم ومصالحهم حين كونوا لانفسهم هالة دينية مقدسة لا تخترق والقرأن يرفض التقديس،(البقرة 174 ).وهي في الاصل تجاوز على التشريع.

اين كتابنا الذين يكتبون ومثقفينا الذي يفلسفون وهم لاهون بابحاث وكتابات سطحية تملأ الخزائن كمعدة البعير التي متى ما احتاج للطعام ارجعه منها للاجترار.هنا سر التخلف والانغلاقية والجمود في مجتمعاتنا العربية والانسانية. وحين تزور معارض الكتب وبهرجتها الاعلامية لا تخرج الا بهذه النتيجة الغير النافعة لتظيفها الى خزانة كتبك لتملأها ضعفا لا قوة.

فعلى سبيل المثال لم ارَ كتاباً عالج لنا مسألة التبني وملك اليمن سوى كلمة (حرام ) التي تتصدر كل فكر ظلامي منغلق،فالتبني عملية انسانية ليس فيها ضيرأ شرط ان يتم التبني قبل سن الفصال اي قبل دخول الطفل دائرة الوعي لتحقيق الحرمة ويكتمل مفهوم رضا الوالدين،وخاصة التبني للقطاء المحرومين من العطف الابوي او اليتامى في الحروب والنوازل او ابناء الارامل،كلها جوانب انسانية يجب البت بها ورفع كلمة حرام من قاموس العمل الانساني الرفيع اما غيرنا من المستشرقين فقد أسهبوا في الصح والخطأ حتى كونوا لنا دائرة معارف فكرية في هذا المجال مطروحة للمناقشة والحوار،فلماذا نحن بعيدون؟.هنا نحتاج لحاكم متفتح جريءيؤمن ويقول وينفذ،وهذا الحاكم الجريء لم يظهر فينا الى اليوم. بينما هم وجد عندهم هذا الحاكم الجريء المنفتح والمنفذ لكل رأي صحيح.

فما هو الاصلح ان نترك الايتام يتسكعون في الشوارع ودور المواخير التي تتلقفهم الجريمة ام نأواهم لنصلحهم لانفسم والاخرين. واليوم نحن نملك الالاف الذي قذف بهم الزمن في آتون الخطأ ولا يدرون ما يفعلون،لكننا شطار في ترديد كلمة (خطية).

هناك امورا كثيرة بحاجة الى تعريف كالفريضة والوصية والموعظة والذنب والسيئة والعبد والعبيد والمواثيق وقوانين الزواج والطلاق وضرورة ايجاد فقه موحد عند المسلمين وترك خرافة المذهبية والتفريق في الاراء والمعتقدات التي اشبعتنا فرقة وتخلفا وهي من صنع العباسيين ومن جاء بعدهم من الترادفيين. والتي هي ليست من الاسلام في شيء ابداً،لكنها من صنع المنتفعين.فاين حاكمنا الفذ الذي نرى فيه صدق القول ومعرفة اليقين؟

واخيرا نقول ان الاسلام دين عالمي انساني لقوله تعالى(فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام،الانعام 125). اما رفض المثل العليا وعم تطبيقها بالحق والعدل تطبق عليه الاية(ومن يرد ان يضله يجعل صدره ضيقاً حرجا كانما يصعد في السماء، كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون،تتمة الاية السابقة).وهنا منتهى حرية الرأي والعمل دون أكراه لكن اكثرهم لا يفقهون.

نحن بحاجة ماسة الى تصحيح المفاهيم وخاصة ما يتعلق بالعقيدة ونزعها من المحتكرين الذين اماتوا عقولنا وافكارنا وجعلوها مقفلة لا ترى النور، ومن يقرأ ويتمعن يرى ان لادولة اسلامية ولا دولة علمانية،ولا حزب اسلامي،،بل دولة الحق والقانون. وهذا هو الاسلام الذي جاء به محمد(ص) ولا من مجيب، وأقره في دستوره العتيد المغيب اليوم عمداً،ونحن ندعوا للكشف عنه وهم الذين يستميتون من اجل عدم تطبيقه أو أظهاره للناس أجمعين،لانه بأظهاره هم ينتهون..فهل من حاكم عربي مسلم يتبنى نظرية الاسلام الصحيح لينقذه من برائن الطارئين،لمَ لا تكون لنا سابقة المجددين المصلحين.. ام نبقى نتمشدق بما قاله السابقين،وندعي نحن المؤمنين؟

نحن مدعوون وملزمون الى وضع منهج جديد في أصول التشريع الاسلامي القائم على البينات المادية واجماع أكثرية الناس،وان حرية التعبير عن الراي وحرية الاختيار،هما أساس الحياة الانسانية في الاسلام. وهذا ليست مِنَة من أحد، بل واجب مقدس ملزم بحدود الايات القرآنية الحدية ملزمة التنفيذ. يقول الحق:(هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله،وكفى بالله شهيداً،الفتح 28). والعاقبة للمتقين.

د.عبد الجبار العبيدي
jabbarmansi@ yahoo.com