اصطفاف القوى و التوجهات السياسية في الخليج العربي يشكل واحدا من أكبر تحديات ألأمن القومي لدول الخليج العربي التي تواجه مخاطرا أمنية و سياسية و حتى إجتماعية ذات جوانب خطيرة تلقي بكلكلها على مستقبل الأوضاع السياسية خصوصا و أن حركية ألأوضاع و إحتمالات تطوراتها المستقبلية في إيران وهي أكبر دول الإقليم باتت اليوم تشكل هاجسا مضاعفا للمهتمين بأمن المنطقة و الإقليم.

فإيران تعيش اليوم تحاذبات حادة لتقريرشكل صيرورتها السياسية النهائي في ظل التراجع الملموس لشعبية نظام الحكم الديني وفقا لنظرية الولي الفقيه التي ماعادت نقطة جذب بعد أن إنحسرت عنها هالات القدسية! خصوصا و إن التغيير المنتظر في إيران لن يتم بسهولة و إنسيابية كما كان الحال مع نظام الشاه بل إن إحتمالات تطورات دموية ساخنة للأوضاع هي إحدى الخيارات الطبيعية و الممكنة في نظام لن يتنازل بسهولة و لن يتزحزح أبدا أمام إرادة الشارع الإيراني مهما كانت النتائج و ثمة رؤوس إيرانية كبيرة سيم الإطاحة بها في ظل حالة الإنقسام داخل المؤسسة الإيرانية الحاكمة مضافا لذلك حجم الضوط الدولية و الغربية بشأن الملف النووي الذي سيشهد هو الآخر تطورات دراماتيكية محتملة قد تنهي هذا الملف نهائيا و لمرة واحدة، ومع غموض الصورة المستقبلية للوضع الحرج في العراق وحيث يتصاعد الصراع الداخلي في ظل إحتمالات مريعة لإدارة الصراع المحتدم هناك،، وفي ظل إختلاط الصورة العامة للأوضاع الإقليمية في الخليج العربي تبدو توجهات السياسة القطرية تسير على أنغام مختلفة بالمر ة عن العزف و الألحان السائدة و بشكل يثير من علامات التعجب و الإستفهام أكثر مما يطرح من الأسئلة، فالتنسيق العسكري القطري / الإيراني و الذي كان محور الزيارة و المفاوضات الاخيرة لرئيس الاركان القطري لإيران يبدو من غرائب و متناقضات و أعاجيب السياسة القطرية للمراهنة على أوضاع إيرانية غير مستقرة بالمرة، و تتغاضى عن حقائق ستراتيجية مهمة أبرزها الموقف الإيراني الثابت و المناويء بالكامل لقضية الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة منذ عام 1971 في رأس الخليج العربي؟ فضلا عن الصمت التام عن نشاطات المنظومة السرية الإيرانية في الخليج و المنطقة العربية وهي نشاطات حقيقية و فاعلة و ليست سرية لا سيما و إن لتنظيم حزب الله اللبناني وجود فاعل و مؤثر في قاموس السياسة القطرية.

و إن تلك الواجهات الإستثمارية هي من تفتح حوارات التقارب و التعاون ألأمني و العسكري مع إيران و حلفائها في الساحة العربية و الخليجية، وطبعا لا تتم تلك ألأمور بعيدا عن رصد و مراقبة جهاز الموساد الإسرائيلي الذي تجري كل الأمور و العلاقات و الزيارات و حتى المشاريع التجارية و أفستثمارية تحت بصره و مراقبته و عيونه التي لا تنام؟

ثمة أمور خطرة تجري في الخليج و علاقات الدوحة الخطرة مع إيران و معسكرها و حلفائها ليس سوى الصورة ألأمامية لحالات صراع خفية ليست واضحة للرأي العام، فبين خبراء الحرس الثوري و التفاهمات مع نظام الولي الفقيه الحائر و الطاير في هذه الأيام و العلاقات الخاصة جدا مع طبقة رجال ألأعمال المرتبطين بالواجهة الإستثمارية لحزب الله اللبناني تدور السياسة القطرية في ملفات غامضة ستتوضح حلقاتها تدريجيا بكل تأكيد، و لكن في مطلق الأحوال فإن ما يدور اليوم هو عبارة عن لعبة إقليمية بكل المقاييس.

داود البصري
[email protected]