لم ينظر الکثير من المراقبين و الاوساط السياسية و الصحفية الى أطروحة المجلس الاسلامي العربي في لبنان على أنها أطروحة سياسية ـ فکرية ـ إجتماعية متکاملة الجوانب و الابعاد وانها تؤسس لتيار و نهج إسلامي ـ عروبي يأخذ الاولويات الاساسية للأمة العربية کأساس و مرتکز لعمله الفکري و الحرکي، وظل هؤلاء ينظرون من خلال نوافذ و شرفات تيارات و اتجاهات سياسية تخالف نهجنا الاسلامي ـ العروبي الوسطي ـ المعتدل في تعامله و تناوله لمختلف الامور وهو ماشکل غشاوة و بقعة داکنة أمام الاعين لکي تبصر بجلاء و وضوح کنه و وحقيقة المجلس الاسلامي العربي بعيدا عن تصورات و إعتبارات محددة سلفا.


تساؤلات في المرجعية السياسية الفكرية للشيعة العرب

ولم يکن عملنا في واقع يشهد قوة خصومنا السياسيين على الساحة اللبنانية و سوح عربية أخرى و تتباين فيه الرؤى السياسية فيها أيضا بحقنا، بذلك العمل السهل و البعيد عن المشاکل و الازمات و التعقيدات خصوصا عندما أکدنا و بقوة على الاولويات الاساسية للأمة العربية والتي غمزنا العديد بسبب منها اننا نسلك نفس ذلك النهج و الطريق الذي سلکته العديد من التيارات القومية العروبية خلال العقود المنصرمة ولم تحقق أية مکاسب واقعية على الارض للجماهير سوى المزيد من تعقيد الاوضاع متناسين بأن تلك التيارات کانت تعتمد على أفکار و مبادئ براقة في شکلها الظاهري لکنها وللأسف کانت تفتقد الى محتوى و مضمون متجذر في رحم الواقع الذاتي و الموضوعي وکانت تعتمد على لغة دغدغة العواطف و الاحاسيس الجماهيرية من دون مخاطبة العقل العام وهنا لابد من أن نشير الى أن الموقف غير الواضح و الضبابي لتلك التيارات العروبية من الاسلام کان هو أيضا عاملا مساعدا على إبتعادها أکثر فأکثر من جوهر حل القضية حيث ان الشکل القومي کما هو الاطار الخارجي الحقيقي للشخصية العربية فإن المحتوى الاسلامي هو صلبها و عمقها الفکري ـ الاجتماعي وان ترك أي جانب من أجل الجانب الآخر أو ان يغبن حقه، فإن الحل سيکون ناقصا و غير مفيدا و بعيدا جدا عن الواقع، وبناءا على ذلك، أکدنا و من دون مواربة أو لف أو دوران على هذين البعدين و ضرورة تجانسهما و إدافتهما مع بعضهما البعض وان إهمال البعد الاسلامي أو إستخدامه کمجرد برقع لتمرير أهداف و مشاريع سياسية محددة سيدفع الى سلب الشخصية العربية من محتواها الذي کانت و لاتزال هويتها الاساسية التي عرفها العالم کله من خلالها و تطرح في نهاية الامر شخصية تميل الى عنجهية و غطرسة متعالية محاکية للتي رأيناها في الشخصية القومية الالمانية و الايطالية و اليابانية ابان الحرب العالمية الثانية تحديدا، کما ان إهمال البعد القومي في نفس الوقت(کما هو الحال مع العديد من الاحزاب و التنظيمات الاسلامية على الساحة العربية)، سيقود الى حالة من الضياع و الاغتراب و الضبابية للشخصية العربية و تجعلها مجرد محتوى من دون شکل مطلوب لکي يضم ذلك المحتوى بين جانبيه، لأجل هذا، شددنا على هذين البعدين و ضرورة توحدهما ضمن إطار سياسي ـ فکري واضح المعالم و الاهداف وقد تلقى خصومنا و مناوئينا نهجنا هذا بمنتهى الجدية و صمموا على أن يعملوا کل مابوسعهم من أجل تحديدنا و حصرنا ضمن زاوية حرجة وهو عمل قد بدأ من أعلى المستويات و ترجم من خلال عدة قنوات و أصعدة لکننا و لإيماننا بحتمية إنتصار أفکارنا و معتقداتنا فإننا صممنا على الاستمرار في عملية المواجهة و ضرورة أن نثبت للعالم کله أن رهان هؤلاء هو رهان خاسر وان الغد و المستقبل سيکون بعون الله سبحانه و تعالى و نصره لنا.

محمد علي الحسيني

*الامين العام للمجلس الاسلامي العربي في لبنان.