لم يرتق الخطاب الانتخابي للقوى السياسية في اقليم كردستان إلى مستوى طموحات وتطلعات الجماهيير في تجاوز آلام الماضي والعمل بروح المصالحة مع الاخر، بالرغم من أن كل قائمة تحمل برنامج عملها السياسي الذي يراه الطريق الأمثل للوصول بالاقليم والمواطن الكردي إلى شاطيء الامان. والكل يحدوه الأمل في الفوز بغالبية أصوات الناخبين

المعوقات السياسية في انتخابات إقليم كردستان

الكرد رغم تعدد مشاربهم واختلاف وجهات النظر والقناعات. لكن الجميع يكرس كل الوسائل والطاقات والامكانيات في إستراتيجية تضم كافة المستويات الثقافية والشعبية لجذب الفاعلين السياسيين والاجتماعيين على المستوى الجماهيري؛ لكن قدراتهم على الإقناع والفوز بنصيب وافر من الدعم النوعي محكومة بمدى القدرة على الاستخدام الصحيح ومحاولتهم للاستفادة مما تخلقه الظروف من تطورات ميدانية تنتجها التفاعلات والتغيرات التي قد تطرأ على هذا الطرف أوذاك، ضمن محاولات خلق توازنات لإضعاف أو تقوية مرشح عن آخر.

لكن بعض القوائم المشاركة في الحملة الانتخابية الكردستانية قد اعتمدت أساسا على إظهار عيوب واخطاء الخصوم دون أن تقدم برامج اجتماعية سياسية اقتصادية متكاملة في مختلف المجالات، مع تحديد الآليات والفترات الزمنية الكفيلة بتنفيذها، مما سيحرم الناخب الكردي من الاختيار على أساس البرنامج الانتخابي ومن تغليب الخيارات الوطنية لانتخاب الانسب على أساس معايير والتزامات وطنية تمنح الأمن والاستقرار لهذه الاقليم من خلال اجراء انتخابات شفافة والقبول بنتائجها.

ويعتقد البعض بأن المشهد السياسي الكردي لن يتطور طالما أن الشعبَ مغيبٌ، ويتحرك بالنيابة عنه أفراد ممثلين من قبل الأحزاب أو المنظمات السياسية *القوئم المغلقة* حيث هناك خشية من أن يستمر التدخل الحزبي في المؤسسات الحكومية التي موجودة اساسا لخدمة المواطن حتى ما بعد مرحلة الانتخابات، ولكن هناك في الطرف الاخر ايضامن يعتقد بان الاتفاق الاستراتيجي المعلن بين الحزبين الرئيسين وتعاون الحزبين مع مفوضية العليا للانتخابات في بغداد شكل منعطفا جديدا في الحياة السياسية الكردية وسيمهد في الاخير الطريق لحياة دستورية اكثر استقرارا في اقليم كردستان.

فازالة حالة تقاسم السلطة التنفيذية على اساس مبدأ التوافق السياسي بدون وجود ايه استحقاقات برلمانية او سياسية، وتقوية المؤسسات الدستورية لكي تكون قادرة على إدارة الاقليم بشكل شامل وآمن في المستقبل ضرورية جدا خصوصا وان هناك بعض التيارات السياسية الذي لم يعد همها سوى جني الاموال من السلطة.

وعلى ضوء المعطيات الحالية تبدو نتائج الانتخابات الكردستانية مفتوحة على جميع الاحتمالات وعلى الذين سيصوتون لبرنامج القائمة الكردستانية 54 أن يجعلوا من تطبيقه مخرجا حقيقيا من الأزمة السياسية. لكن توجد هناك في الطرف الاخر جيش صغير من المتشائمين الذين لا يرون أملا في إصلاح المشهد السياسي الا بمغادرة الطبقة السّياسيّة الحاليّة للحياة السياسية. وبأنه قد آن لهذه الطبقة ان تتقاعد ويبرزون شعارات مختلفة عن التغيير بدون التفكير في انشاء حكومة وحدة وطنية مع الشركاء الاخرين. لكن المتابعين للخفايا الكردية يرون ترتيبا جديدا على أساس معطيات واقع سياسي جديد، حيث تعمل القائمة الكردستانية المكونة من الحزبين الرئيسيين الديمقراطي والاتحاد الوطني علىى استقطاب اكبر عدد ممكن من عناصر الطيف السياسي المختلف ويحاولون على استقطاب أصحاب الأرصدة الشعبية للوصول الى اكبر عدد ممكن من الجماهيير. وتبقى في الختام التجربة الكردستانية إضافة ثمينة إلى رصيد الانجازات في سبيل اكتمال بناء الدولة العراقية الاتحادية الجديدة بمؤسساتها السياسية والإدارية، فهي تجربة تكشف عن جهد لتخطي جملة السلبيات الموجودة، والارتقاء بالمجتمع السياسي الكردستاني نحو الامام. وبناء حياة سياسية برلمانية ديمقراطية على ثوابت ومرجعيات ينعقد عليها الإجماع الوطني العام، ورغم الظروف الموضوعية التي عاشتها هذه التجربة في ملف المشاركة السياسية، إلا أنها استطاعت أن تعبر عن نفسها بشكل ممتاز، وأن ترسم لها شكلا يمثل نوعا من التمييز والخصوصية. وعلى ضوء المعطيات والتطورات السياسية الأخيرة فيقدر المرء ان يتصور ميلاد مشروع سياسي جديد في اقليم كردستان كردستان؟

راوند رسول