محمد موسى من ابو ظبي: تتواصل ولليوم الثالث، نشاطات مهرجان الشرق الاوسط السينمائي والذي يعقد في مدينة ابو ظبي الاماراتية. الدورة الحالية الثانية للمهرجان والتي أستعد لها جيدا، وعلى خلاف الدورة الاولى والتي جرى تنظيمها بعد اشهر قليلة من نشوء فكرة إقامة مهرجان سينمائي، مازالت تعاني غياب الجمهور الاماراتي او المقيم في دولة الامارات عن العروض السينمائية او الفعاليات الاخرى، حتى وجود النجوم العرب والهوليووديين لم يساعد كثيرا في جذب الجمهور الى المهرجان.

وعلى الرغم من الجهود الكبيرة لإدارة المهرجان في تنظيم مهرجان على مستوى منافس لمهرجانات دولية،من اقامة ندوات لكل العروض المشاركة بحضور مخرجي الافلام وابطالها، وتنظيم مجموعة من حفلات التكريم لنجوم ومخرجين عرب واجانب، بقي الجمهور الكبير بعيدا من المهرجان وعروضه ونشاطاته. ربما يكون الوقت مبكرا لإصدار أحكام نهائية، فالمهرجان ما زال في بداياته، وربما يساعد الاهتمام الاعلامي بالمهرجان، وتغطيته الكبيرة على الصحف والفضائيات التلفزيونية في الترويج للمهرجان ودفع الجمهور الغائب الى الحضور الى الافلام والمشاركة في الندوات الكثيرة والتي يغلب عليها التنظيم ودقة الادارة.

سلاف فواخرجي من الفيلم السوري quot;حسيبةquot;

ولان ادارة المهرجان تؤكد في كل مناسبة، ان مهرجان الشرق الاوسط السينمائي سيتحول الى واحدة من المناسبات الفنية والثقافية الدائمة في مدينة ابو ظبي،عليها ان تفكر جديا في طرق quot;مبتكرةquot; لجذب الجمهور على اختلاف انواعه، وحتى البدء في جذب الجمهور البعيد من السينما الفنية المختلفة التي يقدمها المهرجان. بعض المهرجانات الدولية الاوروبية وغيرها تعمل من عقود على دعوة الطلاب والمدارس والجامعات الى عروضها السينمائية، وتنظم نشاطات مختلفة تناسب فئات مختلفة اخرى من الجمهور. هذا كله للسعي الى للوصول الى جمهور يواجه صعوبات كبيرة لحضور مهرجان سينمائي يبدو بعيدا من مشاغله واهتماماته اليومية.

المهرجان اختار ايضا واحداً من افخم قصور مدينة ابو ظبي (وربما المنطقة كلها)، لعرض مجموعة كبيرة من افلام المهرجان. هذا الاختيار ربما quot;يصعبquot; مهمة المهرجان في الوصول الى الجمهور العريض، فقصر الامارات والذي يحتضن العروض، يقع بعيدا قليلا من مركز المدينة، اضافة الى عمارته وفخامته ربما يكون عائقا نفسيا للبعض من الحضور الى العروض السينمائية.

فيلم حسيبة لريمون بطرس

المخرج السوري ريمون بطرس

قدم المخرج السوري ريمون بطرس فيلمه quot;حسيبهquot; والذي عرض مساء امس ضمن مسابقة الافلام الروائية الطويلة في المهرجان، بالقائه شعرا حماسيا للشاعر السوري الراحل نزار قباني عن مدينة دمشق وعشقها القاتل. الفيلم الذي حضرته مجموعة من نجوم السينما والتلفزيون السوريين شهد بعد عرضه، جدلا حادا بين النقاد والصحافيين العرب عن اسلوب المخرج في تقديم رواية الروائي السوري خيري الذهبي لسينما، وطول الفيلم واداء الممثلين.

لاكثر من ساعتين ونصف هيمنت الممثلة السورية سلاف فواخرجي.. على الشاشة، شخصية quot;حسيبةquot; التي قدمتها الممثلة، بدت شديدة الانتماء الى روح الرواية،وروح ذلك الزمن وحركته وتغييراته البطيئة والمتعثرة. من مشاهد البداية القوية مع والدها عندما كانا يودعان حياة الكفاح المسلح ضد الاستعمار الفرنسي الى مشاهد النهاية المؤلمة، قدمت السورية سلاف فواخرجي واحدا من افضل الادوار النسائية العربية على الاطلاق.

حسيبة التي قدمها المخرج تنتمي الى جيل النساء العربيات بعد الحرب العالمية الثانية و اللواتي مهدن من دون ضجيج او اجندة سياسية او اجتماعية للتغييرات الكبرى التي شهدتها المنطقة في الخمسينات والسيتنات من القرن الفائت، حسيبة لم تشهد تلك السنوات، فهي رحلت مبكرا قليلا.

السلاسة التي قدمت فيها حياة عائلة حسيبة لفترة تزيد عن عشرين عاما، الموت والحياة والموت مجددا، بدت متقنة كثيرا، المخرج قدم مجموعة ممتازة من ممثلي التلفزيون السوري تقديمات جديدة تخطت كثيرا صورهم التلفزيونية التي اصابها التعب، المكياج كان متقنا كثيرا، الكثيرون من رجال الحارة الدمشقية بدوا في الفيلم يشبهون لوحات المستشرقين الاوروبيين تلك بكابتها وتحفظ رجالها. البيت الدمشقي والحارة الصغيرة قدمت باجتهادات صورية ممتازة محاولة تخطي تقديمات التلفزيون الكثيرة.الممثلة السورية جيانا عيد قدمت دورا رائعا ايضا، هي الفنانة التي لم يمنحها عصرها الفرصة للعمل فأتجهت الى التطريز، وهي الحالمة التي خذلها رجال عديدين، في النهاية تموت هي الاخرى موتا عبثيا.

[email protected]