-1-
صَدْرُ مَن هذا الذي تصعدُهُ قطةٌ وحشيةٌ..
تُخرمشُ نهدينِ بلا فَواقٍ ٍ؟..
لسعةُ اللذةِ نابتةٌ في الأظافرِ..
أظافرُ تحملُ كتفينِ من الأرزِ المدمّى..
ويهتزُّ شهدُ السريرِ كما الموتُ يهتزُّ على آخرِ نظرةٍ..
فجأةً الشوارعُ تعصرُ أمعاءَها..
فجأةً الأشجارُ تستعيدُ ذاكرةً مثقّبةً..
فجأةً العيونُ بلا محاجرَ..
الكفُّ تلتفُّ في باطنِ الكفِّ..
ثمةَ عَرَقٌ يقطرُ من أسفلِ الأصابعِ..
وليلُ بيروتَ
فجأةً تسكتُ فيهِ أقدامٌ تترنحُ وركبٌ تتعبدُ..
فجأةً يندمُ الإلهُ على مخلوقاتهِ..
يتكررُ الندمُ ذاتُهُ ما بين غزةَ - بيروتَ - بغدادَ..
تقفُ المنازلُ مُخلَّعةَ الأبوابِ والنظراتِ..
الأبوابُ المنفرجةُ الفخذينِ يدخلُها ما لا أقولُ..
يفرغُ فيها الإلهُ شهوةَ الخَلْقِ الملوّثةِ بفيروسِ عصيٍّ..
فتمسحُ ما تبقى من أسفٍ تناثرَ فوقَ ثيابِها..
وتستعيدُ دورةَ الخَلْقِ الملوّثِ ثمّ تبكي..
-2-
ما بينَ شعرتينِ يتأرجحُ قضيبُ الشكِّ..
بيروتُ/بغدادُ/غزةُ تجدّفُ بهذا الهواءِ المريضِ..
كمنْ يسجدُ على صخرةِ شكّهِ وينادي: أيهما الإلهُ؟..
الإلهُ الأعورُ الدجالُ..
الذي يمشي في الطرقاتِ..
ويحتسي الندمَ على مخلوقاتِهِ..
كمن يبولُ على صخرةٍ تعرّيها الرياحُ ويجددُها المطرُ..
كمجنونٍ أتطوّحُ وسطَ هذا الخَرَسِ الذي يشنقُ الفراشاتِ على غصنِ النهارِ..
كلبُ الشكِ يطيعُني وأجرُّهُ بسلسلةٍ تُدمي رقبةَ الكلبِ المطيعِ..
أمسكُ الأشياءَ بالمقلوبِ لأرى كيفَ تعتدلُ السماءُ..
أمسكُ الأفكارَ بالمقلوبِ لأرى كيفَ ينفجرُ الضوءُ..
أقتربُ من الأشجارِ الغريبةِ..
ومعي كلماتٌ غريبةٌ أتعبدُ فيها مع النملِ المتجمهرِ حول فراشةٍ مقتولةٍ..
تحتَ كلِّ شجرةٍ غرستُ شجرةً..
دسستُ تحتها وصيةً وهذياناً..
كمن يبكي في يدهِ ويتلفتُ: أين السماءُ التي خلفَ هذي السماءِ؟..
أين اللهُ المتحركُ في روحي بلا دليلٍ أعمى؟..
أين يدُهُ لأضعَ فيها مخطوطةً مشاغبةً؟..
امسكُ مكنسةً وأكنسُ أوراقاً صفراءَ لا تريدُ أنْ تذبلَ..
أحطّمُ التماثيلَ واللقى في متحفٍ يتكررُ في عطسةِ الزمانِ..
أكلُّ هذهِ الرؤوسِ لا شريكَ لها؟ أقولُ للمدنِ الثلاثِ..
فهل ثمةَ ظلٌّ تحتَ شجرةٍ بعيدةٍ لأقولَ لرأسي:
تصالحْ مع ربكَ الشريكِ معكَ في الظلِّ؟..
كلما كنتَ وحدكَ في الطريقِ تراهُ..
كلما كنتَ ثانياً وخلفكَ وقعُ خطواتٍ وأمامكَ يتلاشى الطريقُ..
تصبحُ مشطوراً إلى خلفكَ وأمامكَ وتُضِلُّ.