موريتانيا تحقق أرباحا هامة في مجال الصيد
سكينة اصنيب من نواكشوط
حققت الحكومة الانتقالية في موريتانيا انجازا كبيرا من خلال اتفاقيات الصيد الموقعة مؤخرا مع الاتحاد الأوربي فبعدما كانت صيغة الاتفاقيات السابقة المجحفة مأخذا رئيسيا على الحكومات السابقة لتجاهلها مصالح موريتانيا جاءت الاتفاقية الجديدة لتضمن تعويضا مناسبا وعادلا عن الكميات المصطادة كما سنت إجراءات للحفاظ على الثروة البحرية ولضمان تجددها . وتشكل واردات الصيد %25 من الميزانية الموريتانية، وأكثر من %50 من واردات العملة الصعبة، كما تمثل %7 من الناتج الوطني الخام.
وكانت المجموعة الأوروبية قد عرضت على الجانب الموريتاني مشروع اتفاقية جديدة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي اعتبرها الموريتانيون تحتوي على قدر كبير من النواقص لعدم تأقلمها مع سياسة الحكومة الحالية للمحافظة على الثروة السمكية. وبدأت مفاوضات شاقة بين الطرفين بغية تجديد اتفاق الشراكة في مجال الصيد، وسجلت المفاوضات التي استمرت لأشهر بين الحكومة الانتقالية الموريتانية والاتحاد الاوروبي فشلا كبيرا حيث لم يصل الطرفان لأية صيغة مشتركة طيلة ستة أشهر.
واعتبر المراقبون أن الحكومة الموريتانية لا تطمح لاتفاق بسيط مع الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول لموريتانيا وأول مساهم في تنميتها، ولكن لاتفاق يحمل معه تمويلات أوروبية للبنى التحية في البلاد.
وتساءل المراقبون حول ما إذا كانت الحكومة الموريتانية ستستمر في موقفها الرافض لتوقيع الاتفاق بالشروط الأوروبية، سيما بعد أن حذر الرئيس الموريتاني من نهب الثروات السمكية الموريتانية والتهرب من دفع المستحقات وهي تجاوزات كانت تتم بإمرة أبناء عمومة الرئيس السابق ولد الطايع الذين سيطروا على خيرات الثروة السمكية وعقدوا اتفاقيات سرية مع الأساطيل الأوروبية والآسيوية. لكن الطرفين تمكنا من تجاوز الصعوبات التي حالت دون تطابق وجهات النظر قبل تاريخ انتهاء مدة الاتفاق.
وأعطى الرئيس الجديد ولد محمد فال أوامره لهيئة رقابة الصيد بالتشدد في مراقبة السواحل الموريتانية والسهر على جباية المستحقات وتطبيق إجراءات الردع، وأكد أن اعتماد موريتانيا لا ينبغي أن يكون على النفط لأنه ثروة معرضة للنضوب وإنما يجب أن يكون على ثروتها السمكية والزراعية.
وأتت هذه الاتفاقية بعد دراسة وافية أعدتها موريتانيا قبل الدخول في المفاوضات، وحرص المفاوض الموريتاني على الأخذ في الاعتبار أن أسعار الثروة البحرية في ارتفاع دائم لذلك كان لابد من استفادة موريتانيا من هذه الأسعار.
وطبقا لمقتضيات الاتفاق سيمنح الاتحاد الأوربي موريتانيا تعويضات المالية تصل إلى 108 مليون أورو سنويا بدلا من 86 كما نصت عليها الاتفاقية الأخيرة والتي استمرت خمس سنوات مقابل السماح لسفنه بالصيد في المياه الاقليمية الموريتانية.
وحسب الاتفاق الجديد فإن الزيادة ستصل الى 22 مليون أورو عن الاتفاقية السابقة فيما ستخفض كميات الأسماك المسموح باصطيادها اعتمادا على نظام المحاصصة في الكميات التي يسمح للاتحاد الأوربي بصيدها وهو ما لم يكن في الاتفاق السابق.
كما تنص الاتفاقية الجديدة كذلك على جملة إجراءات تهدف إلى تشديد الرقابة على سفن الصيد الأوروبية، وعلى وضع شروط قاسية في مجال الرقابة على الصيد السطحي والعيينات الصغيرة حماية لمصالح الصيادين التقليديين الموريتانيين.
ويمكن مراجعة هذا النظام كل سنتين اعتمادا على دراسات علمية ستحدد باستمرار احتياطات موريتانيا ومخزونها من الثروة السمكية. وينص الاتفاق كذلك على تخصيص مبلغ 10 ملايين أورو من الأموال التي يقدمها الاتحاد الأوربي لموريتانيا للتحسين من البنى التحتية في قطاع الصيد والعمل على تطويره وتحسينه إضافة إلى دعم الصيد التقليدي الموريتاني.
وترتفع أصوات المسؤولين في قطاع الصيد بين حين وآخر معلنة أن الثروة السمكية الموريتانية أصبحت مهددة بالنضوب بفعل الاستغلال المفرط ويعتبر هؤلاء أن سبب ندرة الأسماك يعود لضغط الأساطيل الأجنبية على المياه الموريتانية بما فيها البواخر الأوروبية البالغة 190 باخرة والبواخر الآسيوية وعددها 240 باخرة وزوارق الصيد التقليدي وعددها 4500 زورق بينها 270 زورقا سنغاليا.
ويعتبر الاتحاد الأوروبي الشريك الاقتصادي الأول لموريتانيا في مجال الصيد متبوعا باليابان حيث تصدر موريتانيا الى هذين السوقين اضافة لأسواق عالمية أخرى حوالي %95 من مجموع السمك الذي يتم صيده في الشواطئ الموريتانية.
التعليقات