خدمات روسيا وكازاخستان النووية
موسكو
أنشأت روسيا وكازاخستان مركزا دوليا لتخصيب اليورانيوم. فقد وقع رئيس الوكالة الفدرالية الروسية للطاقة الذرية سيرغي كيريينكو ووزير الطاقة والثروات المعدنية الكازاخي باكتيكوجا عزمحمبيتوف في أستانة قبل أيام بحضور الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والكازاخي نورسلطان نزاربايف اتفاقية بهذا الشأن. وشرعت الوثيقة أن البلدين باتحادهما أنشآ بصورة مشتركة سلسلة تكنولوجية كاملة لتصنيع اليورانيوم من استخراج المادة الخام وحتى الحصول على يورانيوم واطئ التخصيب.
إن هذا الحدث ليس عاديا ولا يقتصر على مصالح الشريكين وإنما يمثل المصالح الدولية فعليا. وبظهور هذا المركز تتوفر إمكانيات جديدة تماما لمختلف بلدان العالم بما فيها تلك التي لا تمتلك تكنولوجيات نووية ولكن تود الحصول على مصدر طاقة نووي مضمون. وأكد كيريينكو أنه quot;بوسع أي بلد الآن الانضمام إلى عمل المركز الدولي عن طريق توقيع اتفاقية حكومية مشابهة وبالتالي الحصول الأكيد على الخدمات المتعلقة بتخصيب اليورانيومquot;. وبامتلاك الوقود النووي من الممكن تطوير صناعة الطاقة الذرية الخاصة لديه دون اعتماد تكنولوجيات ثنائية الغاية.
علما أن إنشاء المركز الدولي لتخصيب اليورانيوم لا يتعارض مع نظام منع انتشار السلاح النووي والتكنولوجيات الحساسة على الإطلاق بل وينسجم معه تماما.
وأكد الرئيس فلاديمير بوتين في أستانة أن المركز الروسي الكازاخي لتخصيب اليورانيوم quot;هو خطوة أولى على طريق إنشاء بنية تحتية عالمية لصناعة الطاقة الذريةquot;. ويقصد الرئيس الروسي quot;بالبنية التحتية العالميةquot; إنشاء مراكز دولية لتقديم الخدمات المتعلقة بمجمل دورة الوقود النووي لجميع الدول دون أي تمييز بينها وتحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وحظيت هذه الفكرة التي بادر فلاديمير بوتين إلى طرحها في وقتها بتأييد رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي الذي يعتبر من أنصار الفكرة القائلة بأن البلدان التي تمتلك التكنولوجيا الكاملة لصناعة الطاقة الذرية يتعين عليها عدم الاقتصار على الاستفادة من ثمار الحضارة هذه ذاتيا بل وضمان حصول البلدان الأخرى التي اختارت طريق تطوير صناعة الطاقة الذرية، عليها.
ومن المقرر أن يجري إنشاء المركز الروسي الكازاخي لتخصيب اليورانيوم في مقاطعة إركوتسك (شرق سيبيريا) على قاعدة مجمع أنغارسك للتحليل الكهركيماوي. وهذه أحدث مؤسسة في روسيا بهذا الاختصاص (1990) وإنها مجهزة بأجهزة طرد مركزي من الجيل الجديد وتمتلك إمكانيات تخصيب بالمستوى الحديث وكذلك طاقات لتحويل اليورانيوم.
نافلة القول أن هذه المؤسسة في سياق عملية التهيؤ لتحولها إلى مركز دولي مكشوف لتخصيب اليورانيوم أصبحت مجردة من طابعها quot;المغلقquot; وquot;الإستراتيجيquot;. وأكد سيرغي كيريينكو: quot;إنها واقعة لم يسبق لها مثيل ولا يوجد في العالم من فعل هذا ! والآن سيتيسر دخول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إليهاquot;. علما أن التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية يشكل أحد شروط وجود المركز لأنه لا يستطيع القيام بالدور المعلن إلا بعد أن يخضع لضمانات الأمن السلامة في إطار هذه المنظمة الدولية.
ومع ذلك ما هي الدواعي والبواعث التي تقف وراء التحالف الروسي الكازاخي في هذا المجال الحساس بالذات؟ فقد أعرب سيرغي كيريينكو عن الثقة في أنه quot;عندما تتضافر جهود بلدينا يتكون مفعول مضاعفquot;. والواقع الراهن يتمثل في أنه يتوفر لدى روسيا وكازاخستان سوية أكبر احتياطي من اليورانيوم في العالم وأكبر طاقات للتخصيب والتصنيع (فتوجد في روسيا وحدها 45 بالمائة من طافات تخصيب اليورانيوم في العالم). وكل هذا يجعل عمل المركز مضمونا وواضحا. ومن المقرر أن يبدأ تشغيل طاقات التخصيب به في عام 2013.
وإن روسيا لا مجرد تتعاون مع كازاخستان في بعض أنواع الإنتاج الذري. فالهدف من ذلك هو بالجهود المشتركة التنافس بنجاح في السوق الذرية الدولية واحتلال موقع الصدارة فيها. خاصة، وتتوفر لهذا حاليا لا الظروف الموضوعية فحسب بل وأسس الاتفاق بين الدولتين التي تم إرساؤها.
فقد وقع في عام 2006 عقد توريد اليورانيوم الكازاخي إلى روسيا للفترة حتى عام 2022 باستخدام طاقات مؤسسة quot;زاريتشنويهquot; الكازاخية ضمن هذا المخطط. كما تعززت إمكانيات الشراكة عن طريق إنشاء ثلاث مؤسسات روسية كازاخية مشتركة.
تكمن مهمة مؤسسة quot;أكباستاوquot; المشتركة في استثمار منجمين آخرين لليورانيوم الكازاخي quot;زاريتشنويه الجنوبيquot; وquot;بوديونوفسكويهquot;. كما أن المؤسسة المشتركة quot;المحطات الذريةquot; الموجودة في مدينة ألما اتا فستقوم بصناعة مفاعلات صغيرة ومتوسطة القدرة وذلك على قاعدة مفاعلات الغواصات السوفيتية التكنولوجية. وأنشئ الآن مركز مشترك لتخصيب اليورانيوم في أنغارسك.
هذا وسيشكل إنشاء مؤسسة مشتركة للكشف الجيولوجي عن مناجم اليورانيوم هدفا منطقيا آخر.
التعليقات