بروكسل: تبدي الدول والمؤسسات والهيئات الاوروبية المختلفة وعلى أكثر من مستوى متاعب فعلية في بلورة موقف موحد ومشترك لمواجهة الأزمة النقدية والمالية التي تعصف بالمؤسسات المصرفية وهيئات التامين الاوروبية.
ورغم تعدد المبادرات والاتصالات واللقاءات الاوروبية في الآونة الأخيرة , فان الاتحاد الأوروبي يواجه صعوبة فعلية في الرد على الأزمة بشكل حاسم.


وبعد أربع وعشرين ساعة من حزمة المقترحات التي تقدمت بها المفوضية الاوروبية في بروكسل لمواجهة تداعيات الأزمة النقدية , فان شكوكا كبيرة تخيم على جدوى وفعالية هذه المقترحات وخاصة بشان البعد الفعلي لها وقدرتها العملية على مساعدة المؤسسات المالية والمصرفية المهددة حاليا وفي اكثر من دولة.
واقترح الجهاز التنفيذي الأوروبي الذي يتعرض لضغوط فعلية من قبل العديد من الأطراف جملة من التدابير لمراقبة أنشطة المصارف بالدرجة الأولى وضمان جزء من ودائعها ووضع قواعد لحماية المتعاملين من الأفراد والمؤسسات.


ولكن المفوضية الاوروبية المتشبثة بقوانين السوق المفتوحة والرافضة لتحكم الدولة في شؤون الاقتصاد لا يمكنها الذهاب إلى ما ابعد في هذا المجال وتريد ترك زمام المبادرة للحكومات الوطنية.
وقال شارلي ماغريفي مفوض السوق الداخلية الاوروبية في بروكسل بشكل صريح ان الجهاز التنفيذي الأوروبي لن يعارض اية مبادرة قد تتخذها الحكومات الوطنية لمواجهة الأزمة النقدية , ولكنه يعتقد في نفس الوقت انه لا حاجة إلى مزيد من الضوابط والقوانين للتحكم في السوق.


ولم تقترح المفوضية الاوروبية بالفعل أية إجراءات محددة لإنشاء هيئة أوروبية لمراقبة الأسواق المالية كما تطالب به بعض الدول ولم تعلن عن أية خطوة محددة لمراقبة وكالات تقييم وتوجيه الأسواق , كما إنها وبطلب من المصارف حددت حجم الضمانات المطلوبة على القروض بخمسة في المائة من قيمتها فقط بدل العشرين في المائة المتوقعة حتى الآن.


وموازاة للتردد الفعلي الذي تبديه المفوضية الاوروبية , فان المؤسسات الاتحادية الأخرى تبدو قاصرة بدورها على الرد على مصاعب أسواق المال مما بات يثير العديد من الشكوك حول قدرة التكتل الأوروبي على تجاوز الأزمة الحالية.

وخلافا لما كان متوقعها لم تعقد دول منطقة اليورو أي اجتماع طائري فيما بينها حتى الآن كما ان المصرف المركزي الأوروبي لا يزال مصرا على عدم تغيير أي من جوانب سياسته النقدية وخاصة في مجال أحجام الفائدة المثيرة للجدل.
وفي غياب تنسيق أوروبي فعلي تنتهج الحكومات الاوروبية حتى الآن سياسة أحادية الجانب في إدارة الأزمة النقدية والمالية.


وأقرت الدول الاوروبية الواحدة بعد الأخرى برامج وخطط طارئة لإنقاذ مؤسساتها المصرفية .
وركنت هولندا وبلجيكا و فرنسا وألمانيا وايرلندا وبريطانيا الى ضخ اموال من الخزينة العامة لمساعدة بعض من المصارف الكبرى على تجاوز الازمة.


وأحجمت المفوضية الاوروبية وامام هذه الادارة المتشعبة والمتباينة للموقف عن تقديم اقتراح بإنشاء صندوق أوروبي مشترك لإنقاذ الأسواق واعتماد خطة اوروبية شبيهة بخطة (بولسون) في الولايات المتحدة
وتتمثل المبادرة الاوروبية الفعلية المعلنة حتى الان في الدعوة التي أطلقتها فرنسا لعقد قمة مصغرة نهار السبت المقبل في باريس بمشاركة الدول الاوروبية الأربع في نادي الدول الصناعية وهي ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وايطاليا .
وسيشارك في القمة الاستثنائية رئيس المصرف المركزي الأوروبي جان كلود تريشي ورئيس منطقة اليورو جان كلود جونكر.
ولكن وقبل انعقاد هذه القمة أعلنت كل من هولندا وألمانيا رفضهما لإنشاء صندوق أوروبي موحد لإنقاذ المصارف الأوروبية وهو ما يعني ان قمة باريس ستكون مجرد قوة سياسية وربما للإعداد لاجتماعات مقبلة ولكن دون توقع أية خطوات فعلية للتأثير على الأسواق المالية.


وكانت فرنسا تخطط لإرساء صندوق طوارئ بقيمة 300 مليار يورو لدعم النشاط المصرفي الأوروبي.
وعقد السفراء الدائمون لدول التكتل الأوروبي السبع والعشرين اجتماعا في بروكسل كرس للتحضير للقاء وزراء الخزانة والمال الأوروبيين المقرر ليومي 6 و7 أكتوبر في لكسمبورغ والذين يقومن بدورهم بالإعداد لقمة رؤساء الدول والحكومات الاوروبية المبرية ليوم 15 من الشهر الجاري.


ولكن الدول الاوروبية وبما فيها المنتمية لمنطقة اليورو ترفض في غالبها اية دارة مشتركة لازمة المصارف والأسواق بسبب تباين حجم الأزمة وتداعياتها من دولة الى أخرى ورفض الدول الثرية وخاصة ألمانيا وهولندا ان تتحمل أعباء ومسئولية ما يحدث في دول أخرى تعاني من عجز مزمن في موازنتها و لا تبدو قادرة على التام بمعايير الاندماج النقدي مثل فرنسا وايطاليا وبلجيكا.