نجلاء عبد ربه من غزة: تنتشر بسطات الملابس والفاكهة بكافة أنواعها على إمتداد الشوارع الرئيسة في مدن قطاع غزة، فلا تخلو معظم تلك البسطات من فئة الشباب الفلسطيني الذين هم دون عمل، الأمر الذي ساعد هؤلاء على تكوين أسرة وإستمرار الحياة بأدنى متطلباتها.
ويأمل هؤلاء الشباب أن تخفف تلك المهنة من آلامهم وتساعدهم على سد احتياجاتهم، على الرغم من علمهم بتردي الوضع الاقتصادي، لكنهم يفضلون العمل أمامها على الجلوس في البيت وإنتظار ما ستتمخض عنه الأيام والأشهر المقبلة في تحسن الوضع بشكل عام.
إيلاف ترصد مئات الشباب أمام بسطات الملابس والفاكهة في أنحاء مختلفة من الشوارع الرئيسة للمدن الفلسطينية في قطاع غزة، والتي باتت ظاهرة إيجابية من ناحية وسلبية من ناحية أخرى، فخروج الشاب للعمل مهما كان هو بحد ذاته إنتصار على ظاهرة تفشي البطالة، لكن العديد منهم يتخذها على مضضٍ، ويعيش على حلم العمل في مجال علمه.
فالشاب محمود 24 عامًا يقف أمام طاولة صغيرة في سوق الزاوية وسط مدينة غزة يعرض عليها بعض الخضار، ويقضي يومه منذ الصباح الباكر حتى إسدال الليل ستارته على غزة، في محاولة لجذب الزبائن المتواجدين في السوق دون أن يحصل على دخل كافي ليعيل أسرته المكونة من 8 أفراد، ولكنه مقتنع تماماً بأن القليل أفضل بكثير من لا شيء.
يقول محمود إنه منذ أن أكمل تعليمه قبل سنتين، ويشعربمعاناة والده في توفير رسوم الجامعة ومتطلباته، لذلك لم ينتظر كثيراً كغيره من الشباب، وإتّخذ من بسطة الفاكهة باب رزقٍ له ليساعد أبيه في مصروف البيت. يقول quot; علمي هذا أفضل بكثير من جلوسي في البيت، فبإمكاني أن أحصل يومياً على ربحٍ مالي أستطيع أن أعيش جيداً أنا وأهلي، وكذلك فأنا لا أشعر بأني عالةً على أبيquot;.
ويشعر محمود بالرضا النفسي المؤقت لهذا العمل، لكنه يفضل بالطبع، كما قال، أن يعمل في تخصصه في إدارة الأعمال. ويقول quot;يتطلب تخصصي شركات عاملة ومنتجة، لكن الحصار على غزة أوقف أكثر من 95% من تلك الشركات، وبالتالي أنعدم مجال عملي وصار لا بد من البحث عن مجال عملٍ آخرquot;.
وتلقي حالة الفقر والبطالة في الشارع الفلسطيني بظلالها علي عمل الشباب الفلسطيني في الأسواق. وبات الكثير منهم يمتهن العمل أمام بسطات الخضروات والفواكه لكسب رزقه، وتكيّفوا على الواقع الذي يعيشونه تحت ظرف هو الأصعب على مر السنوات العشر الماضية.
ولم تكن حالة الشاب الفلسطيني محمود، سوى مثال لآلاف من الشباب الفلسطيني العاطل عن العمل الذي وجد في تلك بسطات ضالته التي عاني منها منذ تخرجهم من الجامعات المختلفة.
الشاب فؤاد عبد الخالق (31 عامًا) يقف أمام بسطة للملابس النسائية وسط سوق بلدة بيت لاهيا، لينادي النساء المتجولات في على إمتداد الشارع الرئيسي في البلدة، بعد أن عرض ملابس مختلفة بطريقة فنية لجذبهن
ويقول عبد الخالق quot;أفضل تلك المهنة عن أخرياتها، فالنساء يشترين الملابس مهما بلغ حجم الفقر والمعاناة، فهناك مناسبات عديدة كالأعياد والعام الدراسي ومناسبات الأفراح عند أقاربهن، لذلك فإنها تدر عليّ أرباحًا جيدةquot;.
ويؤكد عبد الخالق أن زوجته تساعده بشكل غير مباشر في الربح، حيث يذهب بها إلى تجار الملابس بالجملة ويتشاورا في شراء كميات من الملابس التي تظن زوجته أنها ستُباع بشكل جيد.
ويشير الشاب الذي تخرّج من إحدى الجامعات في غزة بعلم الإجتماع قبل ثمانية سنوات إلى أنه يبحث عن عمل منذ فترة ولكنه كالكثيرين لا يجدون أي عمل في ظل الأوضاع الحالية. وقال quot;سئمت الجلوس في المنزل، فمنذ أن تزوجت لم أعمل سوى في عدة بطالات بالكاد تكفي لأسدّ بعض الديون المتراكمة عليّ، ولولا مساعدة والدي وإخواني لما إستطعت أن أتزوج أبدًاquot;.
ويقول الشاب إبراهيم سعيد إنه اضطر للعمل بهذه المهنة بعدما يئس من الحصول على مهنة يعمل بها بشهادته الجامعية التي كلفته الكثير، ويشير إلى أنه استطاع أن يشتري فرنًا مستعملاً من اجل عمل القطايف التي تعلمها من صديق له يعمل في صناعة الحلوى.
وأضاف quot;مهنة الحلويات سهلة الصنع، ورخيصة التكاليف، لقد أصبح لديّ زبائن من الناس وطلبة المدارس، فعربتي المتنقلة التي أقودها راجلاً، لا تكاد تخلو من الزبائن، والحمد لله أبيع كل ما أصنعه من حلوياتquot;.
ويبقى أمل الشباب الفلسطيني بالدرجة الأولى معلّق على سير المفاوضات في القاهرة، فأيّ حلول إيجابية تعني أن الأمل سيعود إلى أذهان تلك الشريحة الواسعة من المجتمع الفلسطيني في الحصول على وظائف تتعلق بدراستهم الجامعية. في المقابل، فإن سقوط الحوار إلى مربع الصفر يعني تبدد أحلام هؤلاء الشباب وآمالهم.
- آخر تحديث :
التعليقات