كامل الشيرازي من الجزائر
أثار إعلان الحكومة الجزائرية، الاثنين، عن استقرار نسبة البطالة هناك عند مستوى 13.8 بالمائة، الجدل مجددا حول ما يلّف ظاهرة البطالة في الجزائر وحقيقة ما تستوعبه من وعاء، في ظلّ التباينات الكبيرة بين البيانات التي تصدرها جهات حكومية جزائرية وعديد الهيآت الدولية، إذ تصرّ الأخيرة على أنّ نسبة البطالة في الجزائر واسعة ولا تقلّ عن 30 في المئة.


من وجهة النظر الرسمية، يقول الديوان الجزائري للإحصائيات، أنّ عدد السكان في سن العمل الذين يعانون البطالة أو يبحثون عن عمل قد بلغ 000 374 1 شخصا من أصل 000 594 8 شخصا ناشطا، وذلك بنهاية العام 2007، أي ما يعادل نسبة شغل بـ25.5 في المئة، كما يشير التقرير الذي اطلعت عليه quot;إيلافquot;، إلى أنّ النساء تمثلن 22 المئة من إجمالي السكان البطالين في سن العمل، وتكمن أهم السلبيات بحسب الديوان المذكور، في quot;تسجيل نسبة عالية من البطالة وسط الشباب، وعدم إدماج النساء في سوق العمل خاصة في الوسط الريفي، وكذا الشغل غير المستقر وعدم توافق التكوين مع عرض العمل ونقص المؤهلاتquot;.


ويقول مسؤول حكومي جزائري، أنّ بلاده تراهن على تخفيض معدلات البطالة إلى حدود 9 في المائة بحلول العام 2009، ويتباهى وزير التشغيل جمال ولد عباس، بالقول إنّ الجزائر حققت إنجازا بتقليصها من رقعة البطالة إلى المستوى الآنف ذكره، بعدما كانت في حدود 29في المئة عام 2000، في وقت تشير إحصائيات غير رسمية إلى أنّ إجمالي عدد العاطلين عن العمل يصل إلى ثلاثة ملايين شخص، ويصل عدد طالبي العمل إلى 230 ألف كل سنة، وتتحدث تقارير عن بلوغ نسبة البطالة عند الأشخاص تحت سن الـ30، منحنى الـ 72 في المئة من إجمالي البطالين، وأنّ 85.6 في المئة منهم دون الـ35 سنة، فيما يصل عدد العاطلين عن العمل من ذوي الشهادات إلى 430 ألفا، يضاف إليهم 50 ألف طلب عمل جديد سنويا.


على طرف نقيض، تشدّد مؤسسات دولية معروفة، وعلى رأسها هيئة ''أوكسفورد بيزنس جروبquot;، استنادا إلى تقديرات خبراء، أنّ نسبة البطالة في الجزائر باتت تقدر بحوالي 30 في المئة، وتخص فئة الشباب تحديدا، عكس ما ذهبت إليه التقارير الحكومية الجزائرية، وتجمع أكثر من هيئة دولية على أنّ السلطات الجزائرية لم تنجح في معالجة جوهرية لأزمة التشغيل المطروحة بحدة، طاقوية بصورة ذكية.


في مقام مستقل، يحذر خبراء الاقتصاد في الجزائر، من مغبة إهدار طاقات ملايين من الشباب العاطل الذين ظلّوا لسنوات يمنّي نفسه بوظيفة محترمة، في وقت يتغنى الساسة بتحقيقهم وثبات اقتصادية مستمرة، في بلد يبلغ معدل أعمار نصف سكانه -30 مليون نسمة-، أقل من 25 سنة، بيد أنّ البطالة تطوق 40 في المائة ممن هم في سن العمل، بينهم الآلاف من حاملي الشهادات، ما أدى إلى بروز فريق من quot;فاقدي الاملquot;، وهم أولئك الشبان الذين يشعرون أنهم مهمشون في المجتمع، وانغلقت الآفاق أمامهم، رغم كونهم يحملون شهادات جامعية عليا.


من جهتهم، يتساءل شبان عن التعاطي المحدود ndash; بحسبهم ndash; للسلطات مع البطالة المتفشية، على نحو يحيل على مصائر شباب لم تعط لهم فرص، في صورة كريم (24 سنة) خريج كلية تجارة، هذا الأخير لم يحظ بوظيفة رغم لهثه المستمر وراءها، وقال لـquot;إيلافquot; مفسّرا وضعيته:quot; إننا نحتج بطريقتنا ضدّ المسؤولين الذين صادروا طموحاتناquot;، ويؤيده في ذلك جميل (25 عاما)، متسائلا عن غائية إنفاق السلطات أموال طائلة على التدريس في الجامعات، ما دامت الكفاءات لا يتم استغلالها بمرونة وذكاء، وأضاف كريم (28 سنة) أنّه رفقة 4 من أصدقائه أودعوا ملفات لدى الوزارة طلبا لقروض بنكية بهدف استحداث مشاريع، دون جدوى، ما ألقى بضلاله على معضلة استثمار القوى الشابة في الجزائر، فسواء نال البطالون شهادات أو لفظتهم المدارس قبل الآوان، ضاقت أمامهم سبل الحياةquot;.