كامل الشيرازي من الجزائر: يرى خبراء في الجزائر، أنّه على الرغم من كل ما طبع قطاع الأسماك هناك والأحاديث المتكررة للسلطات عن مخططات وتدابير لاستغلال الثروة المحلية الهائلة من الأسماك في بلد يبلغ طول شريطه الساحلي 1200 كلم، إلاّ أنّ الوعاء الهائل من الأسماك لا يزال مهملا وبحاجة إلى ترشيد على صعيدي الاستغلال والاستثمار، لما قد يتمخض عن ذلك من نتائج مميزة من شأنها إثراء منظومة الصادرات الجزائرية خارج قطاع المحروقات.

بداية، يذهب الوزير الجزائري للصيد والموارد الصيدية quot;إسماعيل ميمونquot; إلى أنّ الأحرى التركيز على إعادة تقييم الموارد الصيدية وتربية المائيات، طالما أنّ دراسات أثبتت أنّ الثروة المحلية من مخزون السمك والبالغة 220 ألف طن سنويا، حجمها الحقيقي يزيد عن ذلك أضعافا، إذ أنّ الطاقة الإجمالية للجزائر من الثروة السمكية تصل إلى حدود ستة ملايين طن من الأسماك، لكنّ محدودية الاستثمار وضعف قدرات الطاقة الإنتاجية جعل فرص ترقية المخزون المذكور ضعيفة.
وتتجه الحكومة الجزائرية إلى انتهاج مخطط مستقبلي يروم إلى استغلال 2.2 مليون طن من الأسماك، بغية تنميتها وتكاثرها فضلاً عن تحديد أكثر من 280 موقع لتربية الأسماك والموارد البحرية الأخرى وإيجاد أكثر من 10 آلاف وحدة صيد أو مركبات صيد جديدة بكل أصنافها مع إنجاز 7 موانئ في بعض ولايات البلاد إلى جانب تسلم باخرة جديدة من صنع ياباني في مطلع العام المقبل.

ويرى الخبير quot;أنيس نواريquot; أنّ الجزائر تستطيع في حال رفع صادراتها من الجمبري والأسماك الطازجة، أن توفر مداخيل ضخمة مرشحة لأن تكون ثمانية أضعاف مداخيلها، ناهيك عن خلق عشرة آلاف منصب شغل، من جهته، يقدّر quot;سليم لعجايليةquot; الكاتب المختص بملف الصيد البحري في الجزائر، إنّه يتعين على السلطات تثمين جهود عموم مستثمري قطاع الصيد البحري بتقديم الدعم لمشاريعهم، فضلا عن الإسراع في تنظيم السوق الداخلية للأسماك، وقطع الطريق على المضاربين، وقال سليم لعجايلية، إنّه من الضروري إنهاء الفوضى وسوء تنظيم السوق الداخلية ووقوعها في أيدي من سماهم (البارونات)، ويكذب محدثنا رأسا المزاعم القائلة بقلة الثروة السمكية.

من جانبه، يؤيد الخبير quot;عبد الحق لعميريquot; ما نادى به مختصون بشأن وضع (خارطة طريق) وحتمية إعتماد آليات جديدة لاستغلال الأسماك وفق مواقع تمركزها، مع منح أهمية خاصة للموارد المرجانية، وبالأخص المرجان الأحمر، الذي يعدّ quot;ثروة هشة ومستهدفة نظرًا لقيمتها التجارية العاليةquot;، علمًا أنّه تم توقيف صيد المرجان بقرار تنفيذي ، للسماح للمرجان بالنمو من جديد وصياغة خطة مستدامة للصناعة للحيلولة دون تكرار الاستنزاف السابق لهذه الثروة، إذ ظلت مستهدفة من قبل المهربين بسبب قيمة سوق المرجان، حيث يُباع كيلوغرام من المرجان الأحمر مقابل70 ألف إلى 150 ألف دينار بحسب الجودة، وجرى احتجاز 220 كيلوغرامًا من المرجان المهرّب، وأوقف36 شخصا تورطوا في تلك المخالفات.
ويتّم التنقيب حاليًا عن المرجان الأحمر على مستوى 36 موقعًا تابعة لخمسة مناطق

كبرى، علما أنّه جرى خلال السنة الأخيرة، القيام بـ 205 عملية تفتيش على مدى 111 ساعة بوساطة التصوير، إلى جانب عمليات للغوص تمكّنت الفرق المختصة في أعقابها من جمع 240 مجموعة من المرجان الأحمر تزن 19 كلغ عبر 22 موقعًا ذات عمق يتراوح من 36 إلى 58 مترًا، ويتعلق الأمر بعينات ذات جودة في صورة مجوفات ونباتات بحرية.
وشهد إنتاج الأسماك في الجزائر العام الماضي، زيادة طفيفة عما تمّ تسجيله السنة قبل الماضية، إثر ارتفاع نسبي في إنتاج سمك المياه العذبة، وشملت العملية أنواعًا نادرة من سمك quot; السوندر quot; بوزن يفوق 12 كلغ وquot;الشبوط الملكي quot; بأنواعه الثلاثة بأوزان تتراوح بين 5 و6 كلغ وكذا سمك quot; البوري quot;، علمًا أنّ معدل الاستهلاك المحلي انتقل إلى مستوى 5.25 كلغ للفرد الواحد سنويًا.

وتعتزم الجزائر تنظيم جلسات وطنية ثانية للموارد الصيدية بحلول العام 2010 لتقييم ما أنجز في القطاع منذ العام 2005، والوقوف عند ما وصلت إليه إستراتيجية التكوين العلمي في الموارد الصيدية وتربية المائيات وصناعة السفن من أجل تقوية قدرات الإنتاج والاستغلال الأمثل لتلك الموارد، في وقت تتوقع الوزارة الجزائرية للصيد البحري أن يبلغ الإنتاج سنة 2025 ما يعادل 274 ألف طن، منها 221 ألف طن من منتجات الصيد البحري و53 ألف طن من منتجات تربية المائيات، واستحداث 100 ألف منصب شغل.