يبدو أن الصين تقوم بتوجيه اليوان نحو الهبوط، بعدما أزاحت أمس الستار عن النظام الجديد لعملتها، لتُظهِر أن تعهدها بتحقيق مرونة في سعر الصرف لا ينطوي على المراهنة على الاتجاه الصعودي فقط، وكان المركزي الصيني سمح لسعر صرف اليوان بأن ينخفض مقابل الدولار الأربعاء، بعدما تعهّدت السلطات بتخفيف القيود على سعر صرف العملة الوطنيّة.

إعداد أشرف أبوجلالة من القاهرة: هوت أسعار النفط والأصول الخطرة حول العالم، بعدما تدخلت الصين لإضعاف اليوان، مرسلة بذلك إشارة واضحة إلى المستثمرين، تفيد بأن تحول البلاد إلى مرونة العملة هو طريق ذو اتجاهين.

ويؤكد محللون وجود نشاط مكثف من جانب المقرضين الحكوميين، الأمر الذي يشير إلى أن البنك المركزي الصيني قد استعان بوكلاء لكي يتدخل في المسألة، كما نقلت صحيفة التلغراف البريطانية.

وفي هذا الجانب، ذكر مصرف ستاندرد تشارترد quot;أنهم يقومون بإدخال تقلبات في الاتجاهين، بطريقة تحبذها الصين عادةquot;.وأوضحت الصحيفة في السياق عينه أن حالة النشوة التي تلت إعلان الصين عن النظام الجديد لعملتها قد تسببت في زيادة أسعار السلع، مع حدوث تحسن في الأسهم، والائتمان، والعملات المعرضة للخطر، مثل الدولار الأسترالي.

بيد أن حالة الزخم قد تلاشت في نيويورك في وقت متأخر من مساء يوم الاثنين الماضي، في الوقت الذي بدأت تتناثر فيه تساؤلات في الأسواق عما إذا كانت تلك الخطوة في واقع الأمر نقلة تحويلية بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي أم لا، كما عادت مخاوف الديون الأوروبية مرة أخرى إلى الصدارة. في الوقت الذي انخفضت فيه أسعار النفط بقيمة تقترب من ثلاث دولارات، لتصل إلى 77.5 دولارات للبرميل، في التعاملات الآسيوية.

من جهته، يرى ألبيرت إدواردز، من مصرف سوسيتيه جنرال الفرنسي، أنه ليس من الحكمة افتراض أن اليوان يجب أن يُقوَّى في الوقت الذي يتم فيه تخفيف الضوابط، بحجة أن معجزة الصادرات الصينية معجزة هشة. معتقدًا quot;أنهم سيقومون بخفض قيمة اليوان، عندما يمر الاقتصاد العالمي بموجة ركود مزدوجة التراجعquot;.

أما يي زيانرونغ، من أكاديمية الصين للعلوم الاجتماعية، فينفي أن تكون هناك احتمالية لتكرار الخطوات الحادة التي اتخذتها الحكومة الصينية في الفترة ما بين عامي 2005 و2008، عندما ارتفع اليوان بنسبة 21 % أمام الدولار. وأبدى وزير التجارة الصيني اعتراضه على حدوث ارتفاع في قيمة اليوان، معربًا عن خشيته من احتمالية أن يتسبب ذلك في تعريض المُصدِّرين في قطاعات صناعة المنسوجات ولعب الأطفال والإلكترونيات للخطر بهوامش ضئيلة.

في حين أشار نيل ميرور، من بنك نيويورك ميلون، إلى أنه سيتعين على الصين أن تسمح لليوان بالارتفاع للحد من الاحتياطيات، لكنه حذّر من إمكانية ألا يكون ذلك إجراءً منشطًا للأصول العالمية.

محلل الأسواق البارز لدى مؤسسة quot;آي جي ماركتسquot; في الولايات المتحدة، الذي يقدم توقعات وتعليقات على العملات والأسهم، والسلع، وفي حديث له مع مجلة فوربس الأميركية عن دان كوك، ذكر أن quot;الأسواق العالمية ضجت خلال أسبوع التداول الجاري بتكهنات تحولت إلى واقع بشأن الأخبار التي تحدثت عن أن بنك الصين المركزي سيسمح مرة أخرى بتعويم خاضع للسيطرة لليوان أمام الدولار الأميركي وسلة من العملات الأخرىquot;.

بينما أكدت وكالة بلومبيرغ للأخبار الاقتصادية والبيانات المالية على أن إشارة الصين إلى اعتزامها وضع حد لسعر اليوان الثابت أمام الدولار قد تُسرِّع التحول نحو الطلب المحلي، باعتباره المحرك الرئيس للنمو، في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس هو جينتاو إلى تعزيز دخل الأسرة.

وتمضي الوكالة لتقول إن إضفاء قدر أكبر من القوة على اليوان سوف يعزز القوة الشرائية للأسر المعيشية في الصين، التي ساعدت في دفع الواردات إلى مستوى قياسي، وكذلك الشركات التي تقوم بشراء السلع من الخارج. في السياق نفسه، تنقل عن ما جون، كبير خبراء الشأن الاقتصادي الصيني في دويتشه بنك في هونغ كونغ، قوله quot;على مدى فترة زمنية أطول، جاءت تلك الخطوة من جانب الحكومة الصينية لتفتح الباب أمام زيادة في قيمة اليوان، سويكون من شأنها المساعدة على ضبط اقتصاد الصين نحو اقتصاد يقوده الاستهلاكquot;.